«الأخبار المسائي» تفتح ملف مصنع القصر العيني للأكسجين

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

ابتسام سالم: تم تكهينه بعد عاماً من إنشائه دون إنتاج إسطوانة واحدة
الضوضاء .. حجة عدم التشغيل.. وبيعه «خردة» بـ 29 ألف جنيه فقط !

 

نقص الإسطوانات، ومجهودات الحكومة في احتواء الأزمة يبرز ملف مصنع مصري لإنتاج إسطوانات الأكسجين بالقصر العيني، تم تكهينه منذ سنوات. المهندسة على المعاش والمحامية ابتسام سالم والتي عاصرت بداية تأسيس المصنع الذي لم ينتج إسطوانة واحدة، تفجر القضية عبر «الأخبار المسائي».


< ماذا كنت تعملين قبل المعاش؟


<< كنت أعمل مهندسة بالقصر العيني، ولأكثر من 30 عاماً، وكان آخر منصب وصلت إليه هو مدير عام بالشؤون الهندسية، وأثناء عملي حصلت على ليسانس حقوق ودراسات عليا في الحقوق، وباحث دكتوراه في الحقوق، ومستشار تحكيم دولي هندسي قانوني.


< ما هي قضية مصنع القصر العيني للأكسجين؟

<< جائحة كورونا وشكاوى البعض من نقص الأكسجين، جعلني أتذكر مصنع الأكسجين بالقصر العيني، وأشعر بغصة نتيجة إغلاق هذا المصنع، وبيعه «خردة» قبل أن يتم إنتاج إسطوانة واحدة من الأكسجين، مع العلم أنه لو كان هذا المصنع يعمل الآن لكان قادراً على إنتاج كميات كبيرة من غاز الأكسجين تكفي قصر العيني، وتفيض لباقي المستشفيات في أنحاء الجمهورية.

اقرأ أيضا | بأغاني الست والماتشات.. ساويرس يواجه كورونا


< كيف بدأت القصة؟

<< هذا المصنع تبرع به خادم الحرمين الشريفين الراحل، الملك فهد بن عبدالعزيز، سنة 1990 لوحدة الملك فهد بقصر العيني. كان ثمن المصنع حينذاك قرابة 3/4 مليون جنيه هذا بجانب ما صرف عليه في تجهيز المكان من خامات بعضها صرفت من مخازن المستشفيات بخلاف المستخلصات التي صرفت للمقاول القائم بأعمال تجهيز المبنى من وضع كابلات وحوائط عازلة للصوت منعاً لحدوث ضوضاء. وتم تدريب المهندس فاروق فوزي قليني في أمريكا على تشغيله لمدة 19 يوما، وبعد عودته إلى أرض الوطن قام بنقل خبراته إلى المهندسين والفنيين والحرفيين على كيفية تشغيل المصنع، وعمل الصيانة اللازمة له. كما تم تحليل العينات المأخوذة منه في شركة الغازات الصناعية بالحوامدية، وكانت النتيجة مبهرة جداً، حيث كان الناتج أكسجين طبي بدرجة عالية جداً من النقاء. كل هذه المميزات جعلت المتربصين يحلمون باليوم الذي يستولون فيه على المصنع، وللأسف الشديد بعد كل ما ذُكر لم ينتج المصنع إسطوانة واحدة، حيث كان من المقرر إنتاج أكثر من 311 أسطوانة يومياً.


< ولماذا توقف المصنع عن العمل قبل إنتاجه؟


<< لكثرة الضغوط على المهندس فاروق فوزي لتمرير العديد من المخالفات، قدم استقالته، وتوقف المصنع. وأتذكر أنه في العام 1996 حضر بعض الخبراء الأمريكيين لمدة ثلاثة أشهر للقيام بتدريب الفنيين والعمال والمهندسين على تشغيل المصنع، وقاموا بتغيير وحدة الـ booster pump بأخرى جديدة، بعد أن أصاب القديمة خلل ناتج عن عدم تشغيل المصنع، وأوصوا بتشغيله.


< هل لم يكن لدينا في مصر أي مصانع لإنتاج الأكسجين في هذا الوقت؟


<< بالتأكيد لدينا مصانع كثيرة في أنحاء متفرقة من الجمهورية، وهي التي تغذي حالياً جميع أنحاء الجمهورية من أسطوانات، ولكن هذا المصنع هو الوحيد في ذلك الوقت الذي كان يخدم مستشفيات جامعية (مستشفيات جامعة القاهرة – وزارة التعليم العالي)، 

اقرأ أيضا| العنف الأسري.. خطر يهدد المجتمع

هل كانت هناك جدوي اقتصادية من هذا المصنع؟


<< نعم، توفير ملايين الجنيهات السنوية المدفوعة في شراء الأكسجين ما بين ملء إسطوانات أو ملء تانكات. بيع الفائض عن معدل استهلاك قصر العيني لمستشفيات أخرى، والمساهمة في حل مشكلة البطالة بتشغيل عاملين بالمصنع، وتفادي الأخطاء التي كثيرا ما تحدث في قصر العيني عند شراء إسطوانات أكسجين، وتم اكتشاف أن بداخلها مادة النيتروز .


على أي أساس تم تكهين المصنع؟


< < وُضع تقرير افتراضي ذكر فيه مبالغ افتراضية لكي يبين أن تكلفة الإسطوانة التي يقوم بإنتاجها المصنع أكبر من تكلفة الإسطوانة التي يتم شرائها من السوق الخارجي أو المصانع الأخرى، وهذا دليل مادي على أن المصنع لم يعمل إطلاقاً لأنه إذا كان قد تم تشغيله بصفة منتظمة لكان هناك مبالغ فعلية تحدد سعر الإسطوانة وليست مبالغ افتراضية أو تقديرية. بناءً على هذا، وعلى أشياء أخرى، تم اتخاذ إجراءات تكهين المصنع إلى أن تم خروجه مفكك بعد إسناد فكه ونقله إلى مخازن الكهنة لشركة عزام بمبلغ 27 ألف جنيه، لحين إجراء المزاد.


<  ما الذي أحيا الموضوع من جديد؟


< < الذي أحيا الموضوع أنهم في 2011 قرروا بيع باقي المصنع وهو الجزء الخاص بالهواء المضغوط في المزاد العلني، وفوجئت ببعض الزملاء يخبروني ببيع مصنع الأكسجين فذهبت على الفور بمساعدة بعض الزملاء لتصوير المصنع وعمل فيديو حتى استطيع منع هذه الجريمة. ثم توجهت على الفور إلى أمين عام الجامعة ثم قمت بمناشدة مجلس الوزراء لإيقاف تلك المهزلة، مع تقديم  المستندات التي أُرسلت لي من الزملاء الشرفاء.


< وما هو الموقف الآن؟


< < مازال هناك جزء ثانٍ في حيازة مستشفيات الجامعة، ومازلت أخاطب المسؤولين بالدولة بخصوص هذا الشأن، وأخيراً قمت بمخاطبة الجهاز المركزي للمحاسبات والذي قام بدور فعال في هذا الشأن، وقام بإعداد لجنة من المهندسين بقصر العيني للمعاينة، وقد أحاطني علماً بأن بعض المهندسين على أتم استعداد لتشغيل المصنع وأخطروني بصورة من هذا التقرير.


 وماذا تودي أن تقولين الآن؟


< < أود مناشدة الجميع بضرورة فتح ملف مصنع الأكسجين الآن، ومحاسبة المتورطين في بيعه، مع التوصية بعمل باقي المصنع.