نوبة صحيان

في السد الإثيوبي.. أمريكا تنسحب وبريطانيا وتركيا تتقدمان

أحمد السرساوى
أحمد السرساوى

بقلم- أحمد السرساوي

لندن لم تضيع أى وقت.. بمجرد انسحاب واشنطن "المؤقت" من ملف السد الإثيوبى بعد تغيير الإدارة الأمريكية وحلف الرئيس الأمريكى الجديد لليمين.. بادرت بريطانيا سريعا لملء الفراغ، وتوجه وزير خارجيتها دومينيك راب للخرطوم ومنها طار إلى أديس ابابا.

العنوان العريض المُعلن للزيارة هو دعم السودان فى مرحلته الانتقالية "وكأنها بدأت الآن فجأة" وتقديم مساعدة مالية عاجلة لحكومته  "٥٥ مليون دولار" بالإضافة إلى احتواء "التوتر" الحدودى مع أثيوبيا.

كلنا نعلم أن بريطانيا "العظمى" هى التى وقعت عام ١٩٠٢ أول اتفاقية للحدود بين السودان "وقت احتلالها" وبين الإمبراطورية الأثيوبية.. وأن طريقة ترسيم الحدود على هذه الشاكلة هى التى قادت وستقود لأى نزاع مستقبلى على الأرض بين الجارين، لتداخل الموارد والثروة مع حركة القبائل بالمنطقة الحدودية.

لكن هذا لن يحوِّل الأنظار عن الاهتمام البريطانى بملف السد الأثيوبى الذى ظلت لسنوات تراقبه عن بُعد، وهى صاحبة مصالح تقليدية ونفوذ أصبح فاترا بالمنطقة، وجاءت الآن  تسعى لاستعادتهما عقب انفصالها عن الاتحاد الأوروبي.

ما يثير القلق هنا هو التقارب السريع والمتعاظم بين لندن وأنقرة خاصة فى الشهور الأخيرة.. فكثير من المواقف تجمع بين الطرفين، فهما حليفان فى الناتو وقريبان جدا فى موقفهما السياسى تجاه الاتحاد الأوروبي، والأخطر هو توقيع البلدين اتفاقية تجارة حرة اختتما بها عام ٢٠٢٠ ، وأخطر ما فيها التعاون فى المجال العسكرى تصنيعا وتدريبا وتبادلا للمعلومات.

وعلى رأس هذا الاهتمام مساعدة لندن لأردوغان فى حلمه بامتلاك طائرة تركية مقاتلة من طائرات الجيل الرابع من خلال شركة المنظومات البريطانية "بى آى إي" بعقد قيمته ١٠٠ مليون دولار.

فإذا وضعنا كل ذلك بجانب الشبق التركى للتواجد فى شرق أفريقيا بعد انتهاء حلم الأتراك باستغلال جزيرة سواكن السودانية لتكون نقطة انطلاق "عسكرية واقتصادية" نحو القارة البكر، والتواجد بالبحر الأحمر.. فربما تمتد الشراكة الاستراتيجية بين لندن وأنقرة لتنسيق وتوسيع التعاون حول منطقة "القرن الأفريقي" وتعميق التواجد بملف السد.