أوراق شخصية

إهانة الفن .. وصمت النواب !

آمال عثمان
آمال عثمان

صدمتُ مثل الكثيرين بالعبارة المهينة للفن والفنانين من سيادة النائب البرلمانى رياض عبد الستار، متهما إياهم بأنهم يسعون فى الأرض فسادا، وما زاد الطين بلة إصراره على عدم الاعتذار عما بدر منه تحت قبة البرلمان!

إذا كان النائب يرى أن الفنانين غير شرفاء، ويسعون فى الأرض فسادا، فلماذا لا يقدم ما لديه من أدلة تعضد كلامه للأجهزة الأمنية ضد هؤلاء الفنانين الفاسدين؟! وإذا كانت الأعمال الفنية تحرّض على الفسق والفجور، وتسبب الانحراف الاخلاقى وهدم المجتمع، فلماذا لا يتقدم باستجواب للمسئولين عن إنتاج وعرض تلك الأعمال؟! أم أنه يعتبر مساهمتهم فى صندوق شهداء ومصابى العمليات الحربية والأمنية، تكفير ذنوب وعقوبة على ما يقدمونه من فساد وانحراف؟! إذا كانت تلك رؤيته عن الفن والفنانين فالأولى به أن يرفض بكل إباء وشمم دخول أموالهم الفاسدة فى صندوق الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم من أجل الوطن، ويطالب بتقطيع أيديهم وأرجلهم من خلاف!! 

يا سيادة النائب هذا تحريض لا يليق بفكر من يتحدث بصوت الشعب، وتشويه لقوة مصر الناعمة التى نالها ما يكفى من أصحاب الفكر الوهابى الرجعي، وقبل أن تتهم الفن والفنانين بالفساد، راجع دفاتر البرلمان السابق، وطالب بمحاسبة النواب الذين قدموا 68 طلب إحاطة ضد وزيرة الثقافة، بسبب منع نقابة المهن الموسيقية أغانى المهرجانات وما تحوى من بذاءات وانحطاط، ومطالبة النقيب بعدم ظهورهم فى وسائل الإعلام والاحتفالات العامة، ورَفض منحهم عضوية النقابة حتى لا يحصلوا على لقب فنان.

الأمر الغريب أن نواب المجلس انتفضوا عن بكرة أبيهم، حين أساء النائب عبد العليم داود لزملائه بالمجلس وقال عنهم "نواب كراتين"، وقامت الدنيا ولم تقعد إلا بعد خروج النائب من الجلسة، وتحويله الى هيئة مكتب المجلس، فى حين لم نسمع صوتا واحدا من بين 596 نائبا مستقلا أو حزبيا أومعينا، حين أهان  النائب عبد الستار الفن والفنانين. ما هذه الازدواجية التى نشهدها؟ نتباهى بالفنانين فى كل احتفالاتنا، وبأدوارهم الوطنية على امتداد التاريخ، ومواقفهم الداعمة للدولة المصرية فى كل الأزمات والتحديات، ونعتبرهم إحدى أدوات تنوير وتوعية المجتمع، ومحاربة الأفكار المتطرفة، ونصمت حين توجه لهم الاهانات والاتهامات. إن هناك أطباء يتاجرون فى أعضاء البشر، ونوابا برلمانيين طالتهم اتهامات وارتكبوا أفعالا يعاقب عليها القانون، وشيوخا ومدرسين اتهموا بالتحرش، ومع ذلك لم يزعم  أحد أنهم يسعون فى الأرض فسادا.

إن كلمات التقدير التى وجهها المستشار حنفى جبالى رئيس البرلمان، باسمه وباسم المجلس، هى فى الواقع بمثابة اعتذار من الأعضاء على مشاركتهم بالصمت، أمام اتهامات زميلهم النائب الموقر للفن والفنانين.