لعنة الكتمان

صورة موضوعية
صورة موضوعية

فقط تكلم حتى أفهمك..أعرفك.. وأشعر بك 

تكلم حتى أراك.. تلك هي جملة سقراط الشهيرة و الخالدة أيضا 

أراك هنا بالنسبة لي هي أن أرى أفكارك أفهم اتجاهاتك وأعرف اهدافك.

نعمة كبيرة هي القدرة على التعبير عما يجول في صدرك و يدور في خلدك ، أن تستطيع تحويل مشاعرك لكلمات ينطقها لسانك لتصل لغيرك فتوفر بها على من حولك الكثير من التفكير و الظن، وتصل إلى قلوبهم و عقولهم أسهل و أسرع.

أن تبوح بما يثقل كاهلك و أن تعبر عن نفسك جيداً هي موهبة لا يمتلكها كثيرين.

أن تستطيع مشاركة أفكارك و همومك و ما يضيق به صدرك لهي نعمة و أن تجد من يسمع و يفهم و يقدر و لا يحكم بأحكام مسبقة لهي النعمة الأكبر.

أن تجد من تستطيع أن تتعرى معه من الهموم و ترميها على كتفيه دون أن تقلق من أن يكل أو يمل لهو الرزق الجميل.

من أجل ذلك فالكتمان هو الطريق الأسهل و الأقل خسارة عند أكثرنا و كل مننا له مبرراته فيه.

فالبوح مع أنه نظرياً سهل إلا أنه شاق جداً على النفس ، أن تستطيع البوح في أوج الوجع  لهو جهاد عظيم تجاهد به نفسك، تحميها به  من التفكير وتكالب الهموم الجالبة للأمراض عليك.

فالعقل لا يكف عن التفكير ، التحليل و محاولة ايجاد الحلول و السبُل  لتحقيق الأهداف بل و المخارج  أيضاً من كل الأزمات. و إن لم يستطع الانسان افراغ كل ما يؤرقه فسيظل يثقل نفسه بها تباعاً حتى تفيض و يغرق فيها.

و التفكير المتواصل في الهموم و الأعباء مؤذٍ .. مرعب ، بل و قاتل. يحرمك كل متعة في الحياة ، يحرمك حتى راحة النوم فلا تجد لحياتك أملاً أو حتى تتمنى غداً و لا تجد مع كتمان همومك حلولاً.. فأنت ترى بعين المكروب فترى الصورة كلها مظلمة بلا بصيص أمل فالهم يثقل القلوب ليضاعفه الكتمان.

نستطيع تحمل أصنافاً كثيرة من الهموم كلٌ حسب طاقته بالطبع - فالبشر ليسوا متشابهين - فإن زاد الهم عن الحد وجب البوح ، من أجل هذا خُلق الأصدقاء، الأحباء و الأهل.

من أجل هذا وجدت دائرة الثقة، البراح الذي تتجول فيه روحك مع من ترتاح، اقرب البشر إلى القلب السند والضهر كما يقولون 
الهموم وحدها كافية لتورثنا الكثير من الأمراض و كتمانها كافٍ لمضاعفة خسائرنا و بل و تحويل الحياة إلى جحيم.

الكتمان قادر على تحويل  خسارة واحدة إلى سلسلة من الخسائر والأخطاء الفادحة المتلاحقة، التي  تحاصرنا باليأس و الحزن الذي لا يرجى معهما فلاح و لا ينتظر بسببهما أمل

من أجلك أنت.. ابحث عن "براحك"، عن الإنسان الذي تبوح له بما تخشى او تكره و أنت آمن ، حتى و ان لم يكن عنده الحل فسيرى بعينين غير عينيك. و قد تجد في نظرته الحل حتى دون أن يدري. سيفيدك البوح بكل الطرق ، يكفي أنك حافظت على نفسك و أعصابك ، يكفي أنك افرغت ما يثقل كاهلك لتبدأ من جديد بذهن صافٍ. 
البوح صعب لكنه صمام أمان نفسك من يأسها فبُح حتى لو لأوراقك لكن تكلم..و كما يقول صلاح جاهين : "اتكلموا..اتكلموا..ماحلى الكلام..ما ألزمه و ما أعظمه"
 

اقرأ أيضا

لمن التهاني؟