مع احترامى

فين طريقك فين؟

فرج أبوالعز
فرج أبوالعز

الاختلاف لا يفقد للود قضية فرغم احترامي وإعجابي بجانب كبير من القضايا التى يطرحها الدكتور سعد الدين الهلالي إلا أننى أجد نفسي مضطرا لأن اختلف معه وبشدة فيما ذكره بأنه لا يوجد ما يسمى فوضى الفتاوى.

الدكتور الهلالي يصر على وصف ما يجري فى ساحة الفتاوي بفوضى تعبيرات باعتبارها رأيا يخص صاحبه وليس ملزما للآخرين فإذا كانت الفتوى مجرد رأى كما يقول الدكتور الهلالي فالأجدى بصاحبها أن يحتفظ بها لنفسه وألا ينشرها على العامة وإذا ما ناداه الشوق للشو والمنظرة عليه أن يحدث مرآته كما فعلت الست نجاة الصغيرة.

إذا كانت الفتوى مجرد رأى يا دكتور سعد، فلماذا إذن أقسام الفقه فى كليات جامعة الأزهر وغيرها من الجامعات المماثلة ولماذا إذن هناك مجمع البحوث الإسلامية ولماذا لجنة الفتوى فى الأزهر الشريف ولماذا إذن توجد دور الفتوى الرسمية فى مختلف دول العالم الإسلامي؟.

لا يصح بأى حال من الأحوال أن نصدر مثل تلك القضايا الخلافية فى الفقه الإسلامي والشأن الدينى بشكل عام للعامة والأجدى بمثل هذه النقاشات الجدلية والمختلف حولها أن تكون فى قاعات البحث والدراسة وليس على قنوات تخاطب العامة ويشتد خطر مثل تلك النقاشات عندما تكون تلك القناة هى القناة الأولى الرسمية.

لدينا بالفعل فوضى فتاوى شديدة الخطورة عندما دخل هذا المجال كل من هب ودب بما يناسب أفكاره أى أنها فتاوى تحمل فى طياتها دعاوى لأفكار ومذاهب معينة ولا تمت للدين بصلة بل هى تركيب قص ولزق على مواقف يختلف زمانها ومكانها عما نعيشه الآن.. فالفتوى يجب أن تواكب زمانها ومكانها والتطورات التى يشهدها العالم بشكل يكاد يكون كل لحظة وكل ثانية فالعالم كله أصبح منفتحا بضغطة زر.

علم الدين مثل غيره من العلوم لديه أسس وقواعد لا يجب تجاوزها فلا يجب أن يتصدى طبيب على سبيل المثال لفتوى دينية وفى المقابل لا يجب أن يتصدى عالم الدين لقضية طبية فهذا شأن وذاك شأن آخر وما أحوجنا فى مثل هذا التوقيت المفصلى لأن نعطى العيش لخبازه كل فى مجاله فأهل مكة أدرى بشعابها.

أليست الفتاوى التى تحاصرنا ليل نهار فوضى يجب إيقافها فورا وعاجلا وبأسرع من البرق فكيف نترك مثل تلك الأمور تمضى فالعالم − بكسر اللام − إذا أخطأ ضل وراءه عالمون وهنا تنبع خطورة فوضى الفتاوى وما يزيد الأمر تعقيدا وخطورة عندما يتصدى للفتوى من ليس أهلا لها ولا علاقة له بعلوم الدين من قريب أو بعيد.

معلوماتى أن هناك مشروع قانون قدم لمجلس النواب فى دورته السابقة لضبط فوضى الفتاوى وأرى أن الوقت مناسب جدا ليناقشه البرلمان بغرفتيه الشيوخ والنواب باعتباره يمس حياة الناس اليومية فقد يشقى شخص بسبب فتوى خاطئة وقد يستمر شخص آخر فى غيه استنادا لفتوى خاطئة ومن هنا تأتى أهمية ضبط مثل تلك المسألة المهمة فى حياة الناس.. وفى اعتقادى أن ضبط الفتاوى من الأهمية بمكان مثلها مثل مشروع قانون الأحوال الشخصية ومشروع قانون الإيجار القديم.. من هنا أناشد المستشار حنفى الجبالى رئيس مجلس النواب أن يعطى لمثل هذه القوانين المهمة لضبط إيقاع المجتمع أولوية.

لا يجب أن نترك أمر الفتوى هكذا هائما بين زيد وعبيد ويجب أن يتضمن مشروع القانون الجديد نظام محدد للترخيص لمن يريد الفتوى بناء على معايير علمية وليس بمعيار أحبه وأكرهه فلا يجب بأى حال من الأحوال نترك عامة الناس فى حيص بيص لا يدرون أنصدق الفتوى أم نرفضها أو حائرون بين هذا وذاك يبحثون عن طريق مثل موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب ∩فين طريقك فين؟ أو ∩خايف أقول آه وخايف أقول لأه يمكن أقول آه وتطلع لأه∪.

أمام البرلمان الجديد إنجاز مثل تلك القوانين المهمة فى أقرب وقت ممكن فهل من مجيب؟.