الخبـراء: تساهم في الحد من الجرائم ويجب الإلزام بتركيبها..

كاميرات المراقبة.. «اثبت مكانك»

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

"الأمان".. ربما تعد هذه الكلمة على رأس الأولويات التي تسعى الدولة ليل نهار لتوفيرها لجميع مواطنيها، ولما كان توفير الأمان مرتبطا بالتصدي للجريمة بكل أشكالها، فطبيعة الحال أصبحت كل الأدوات التي تعين الدولة على القيام بدورها في هذا الأمر، من أهم الأدوات التي يسعى كل مواطن وكل هيئة لاقتنائها.

وخلال السنوت الماضية برز وبشكل كبير الاعتماد على "كاميرات المراقبة"، كوسيلة للأمان وكأداة لكشف الحوادث ورصد مرتكبيها، فبعد أن كانت التحريات تأخذ أياما طويلة ما بين الاستدعاء والتحقيق مع شهود العيان والمتهمين، سرعت كاميرت المراقبة الأمر لتفك شفرات الجرائم خلال ساعات.

وفي هذا التحقيق تحاول "الأخبار" رصد دور هذه الأداة كحارس أمين فى المجتمع المصري، وأهمية الاعتماد عليه طول الفترة القادمة.

المواطنون‭:‬ المجرمون‭ ‬يبتكرون‭ ‬أساليب‭ ‬جديدة‭ ‬للسرقة‭ ‬والنصب‭ ..‬والكاميرا‭ ‬حماية‭ ‬لنا‭ ‬ولأولادنا

في بداية الأمر لم تكن فكرة الاستعانة بكاميرا مراقبة شائعة فى المنازل والعقارات، بل اقتصرت على الهيئات والبنوك والمستشفيات والمبانى الهامة ذات الجهات السياسية أو الأمنية والدبلوماسية.

ومع مرور الوقت وظهور مدى أهميتها فى معاونة رجال الأمن، أو حتى مديرى تلك الهيئات فى كشف ألغاز العديد من الوقائع، ومع أيضا مرور البلاد بفترة من الانفلات الأمنى عقب أحداث يناير 2011، بدأت فكرة الاستعانة بها تنتشرعلى نطاق واسع حتى أصبحت "الحارس الأمين" داخل كل محل تجارى وأمام أغلب العقارات السكنية، فى محاولة لإضفاء نوع من الأمان لأصحابها أو القاطنين بالمنطقة.

وما ساهم في تقنين الامر كان موافقة البرلمان المصرى على مشروع قانون يُلزم أصحاب المحلات العامة بـ"تركيب كاميرات مراقبة داخلية وخارجية"، وذلك ضمن الاشتراطات اللازمة لمنح رخصة العمل، ومنذ هذه اللحظة ساهمت الكاميرات فى كشف العديد من القضايا ما بين الجرائم المنزلية والسرقات التجارية بل والتفجيرات الإرهابية أيضا.

حادث المعصرة

وتعد آخر الحوادث التى قامت كاميرات المراقبة بالتقاطها وكشف الجناة بها محامية منطقة المعصرة والتى تعرضت للسحل من قبل اثنين من الجناة قاموا باعتراضها وسحلها من أجل السرقة وبعد اجراء التحريات وبتفريغ اقرب كاميرا مراقبة فى المنطقة تم الوصول للسارقين والقبض عليهم.

وبالرغم من عدم وجود كاميرات مراقبة داخل أغلب الشقق السكنية، مما أضفى نوعا من الاطمئنان لدى اللصوص، إلا أن حل معظم الجرائم التى وقعت داخل المنازل كان بطلها الأول "كاميرا مراقبة".ومن أشهر تلك الوقائع وأغربها كشف لغز مقتل زوجين داخل منزلهما بمنطقة الواحات بالجيزة، ففى الوقت الذى لم يتوافر فيه عدد مناسب من شهود العيان أو حتى أى كاميرا بالعقار، جاءت كاميرات المراقبة من أعلى عقار مجاور لتكشف مرتكبى الواقعة خلال ساعات محدودة.

فأثبتت التحريات بعد الرجوع لتفريغات كاميرا المراقبة أن مرتكبى الحادث على علاقة بالمجنى عليهما، وأنهم دخلوا المنزل بطريقة مشروعة، ثم قتلوا الزوجين، واستولوا على المصوغات الذهبية وكافة متعلقاتهم الشخصية وفروا هاربين.

في عقر داره

على جانب آخر كانت الكاميرات المثبتة داخل المحال التجارية عاملا رئيسيا فى كشف العديد من الجرائم، حتى التى لم تقع داخلها.

فلم يكن يعلم "صاحب محل جزارة" بالهرم أن كاميرا المراقبة داخل محله ستكون سببا فى كشف جريمته التى ارتكبها فى منزله الخاص، فقد تبين أن كاميرات مراقبة المحل سجلت حصول المتهم على أدوات الجريمة داخل محل الجزارة الذى يعمل به فضلا عن تسجيل كاميرا أخرى له لحظة دخوله إلى المنزل وهو يحمل نفس الأدوات التى استخدمها فى قتل زوجته.

وكشفت التحقيقات آنذاك أن خلافات زوجية بين المجنى عليها والجانى كانت السببَ وراء الجريمة، فقد استولى الزوج المتهم على أدوات للجزارة من محل الجزارة الذى يعمل به، واشترى الأكياس التى حوت أشلاء المجنى عليها من حانوت مجاور، والتقطت كاميرات المراقبة بمحل الجزارة حيازته للأكياس المذكورة، والتى بَدَت ممتلئةً فى أحد مشاهدها.

مواجهة الإرهاب

لا يكتمل الحديث عن كاميرات المراقبة دون ذكر دورها في يناير الماضي، في كشف العديد من العمليات الارهابية بمصر خلال الفترة الأخيرة، ففى عام 2019 خلال واقعة تفجير كنيسة عزبة الهجانة، كشفت كاميرات المراقبة عن شخصية الإرهابى المتهم فى التفجير، الذى زرع عبوة ناسفة أعلى عقار مواجه للكنيسة بالتزامن مع أعياد رأس السنة، وفى أثناء تفكيك العبوة الناسفة انفجرت ما أدى لاستشهاد الرائد مصطفى عبيد.

وكشفت التحقيقات أن الحقيبة التى زرعها الإرهابى تحوى 3 عبوات ناسفة بينها واحدة تحوى على مواد متفجرة تستخدم لأول مرة فى مصر وشديدة الخطور.

منع وقوع الجريمة

وللتأكيد على مدى أهمية تركيب كاميرات المراقبة لمنع وقوع الجريمة قبل حدوثها وللحد من جرائم السرقة والقتل وأيضا الجرائم الارهابية أكد الخبراء على الدور الهام الذى تقوم به الآن وضرورة الزام الجميع بتركيبها.

فيقول اللواء مجدى البسيونى الخبير الامنى أن كاميرات المراقبة فى التوقيت الحالى تعد من أبجديات الأمن على مستوى دول العالم بأكملها فعلى سبيل المثال فى لندن يوجد أكثر من 40 ألف كاميرا مراقبة متنشرة فى الشوارع والميادين إلى جانب ما يتم الزام باقى الاماكن به مثل محطات البنزين والمحلات وذلك لضمان عامل الأمان فى كافة الأرجاء.

ويضيف ان هناك نوعين من الكاميرات الأولى والتى اطلق عليها "الصندوق الاسود" والتى تعتبر الحد الأدنى من الكاميرات مثل التى يقوم الاهالى وأصحاب المحلات بتركيبها حيث تعد وسيطا يبدأ منه خيط أى جريمة مثل ما تم فى العديد من الوقائع والحوادث وأشهرها حادث فتاة المعادى التى تم التعرف على الجناة من خلال كاميرا مراقبة قامت بالتقاط أرقام السيارة مما سهل الوصول إلى الجناة فى أسرع وقت وتوقيع العقوبة عليهم.

ويقول ان النوع الثانى والمعروف فى الخارج "بكاميرات منع وقوع الجريمة" قبل حدوثها هو ما نتمنى ان يتواجد خلال أقرب وقت لانه يسهل بشكل كبير فى منع وقوع الحوادث سواء الاجرامية او الإرهابية ففى بريطانيا كانت هناك محاولة إرهابية منذ عدة سنوات لتفجير احدى محطات مترو الأنفاق ولكن لوجود هذا النوع من الكاميرات المزودة ببرامج ضد التفجير تم بث اشارة داخلية وتم الوصول إلى المشتبه به بسبب ارتباكه وهو يحمل شنطة بها متفجرات ليتم منع الكارثة قبل وقوعها وهذه الكاميرات يتم توزيدها بكافة البرامج المطلوب ادخالها فيها وقد تكون مكلفة بعض الشىء ولكن فوائدها من الناحية الامنية تستلزم وجودها لأن منع الجريمة اهم وافضل من اكتشافها..

ويؤكد اللواء محمد نور أن الأمن هو اغلى سلعة الآن فهو الذى يحمى أرواح البشر والتكنولوجيا الحديثة جعلت الوصول إلى الجناة اسهل مما قبل ومن الطرق التقليدية القديمة فهى تعد احد أهم الأدوات المساعدة بشكل كبير فى الوصول إلى المجرمين،بالإضافة إلى الاهالى الذين باتوا يحرصون على اقتناء أفضل وأحدث انواع الكاميرات لحمايتهم وذويهم من اى ضرر قد يقع لهم.

ويضيف اللواء طارق حماد الخبير الامنى أنه لابد من سن قانون يلزم كافة الجهات والهيئات بتركيب كاميرات المراقبة داخليا وخارجيا، فالدور الذى تلعبه هذه الكاميرات سواء فى حماية المدنيين من الأهالى والمواطنين وكذلك منع السرقات داخل المحلات وكالكشف عن العناصر الارهابية يوضح مدى أهميتها وضرورة تعميمها فى كافة الاماكن وعقوبة المخالفين عن تركيبها.

ويضيف أن انجلترا ولندن من اشهر الدول التى تعتمد على الكاميرات فى الكشف على الجرائم مما ساهم فى الحد من الجرائم لديهم خاصة وأنهم يعتمدون على انواع معينة من الكاميرات توضح تفاصيل الوجه بشكل محدد للغاية،وهو ما نطالب ان يتم توفيره لدينا حتى نتمكن من ترهيب كل من تسول اليه نفسه بارتكاب الجريمة.

ويقول أنه منذ اكثر من عدة سنوات بمحافظة دمياط تم الكشف عن احدى الجرائم خلال 4 ساعات بسبب كاميرات المراقبة التى سهلت الوصول إلى الجناة مما يوضح أهميتها ودورها الأمنى الذى تقوم به.

من جانبه، أشار د. صبح عاطف، المحامي بالنقض والإدارية العليا، إلى أن كاميرات المراقبة تعد من الأدوات الهامة التى تحفظ للبلاد عملية الأمن والسلامة، وتكون دليلا قويا فى كشف غموض العديد من الحوادث والأحداث، لكن بالطبع الأمر له شروط معينة، فلابد أن تكون الكاميرات تم تركيبها بعد الحصول على ترخيص، وألا تتعدى على خصوصية المواطن.

وأوضح د. صبح، أنه على سبيل المثال فإن الكاميرات المثبتة فى واجهات المحال فى الشوارع أو داخل البنوك والفنادق وغيرها من الأمور العامة التى لا تتعدى خصوصية المواطن، تعتبر دليلا قويا أمام النيابة، أما داخل المنازل أو بطريقة غير مرخصة وما شابهها فيعد تفريع الكاميرا من الأدلة القرينة أى الضعيفة ويمكن بالطبع الطعن عليها، ومن هنا نشيد بكافة المواطنين أن يتم تركيب الكاميرات بالشكل القانونى الصحيح حتى تساعد الجميع فى حفظ الأمن.

وأكد أن الكاميرات ليست فقط هامة للقبض على الجناة بل تكشف فى بعض الأحيان التحايل على القانون، ويشير قائلا " منذ عدة سنوات ساعدتنى كاميرات المراقبة فى كشف تلاعب كبير من بعض الأشخاص ممن كانوا يدعون أنهم مجنى عليهم، بعد أن أبلغوا النيابة أنه تم سرقة نحو 400 ألف جنيه من سيارتهم من قبل مجهولين اقتحموا السيارة ورشوا عليهم مواد حارقة للأعين وفروا هاربين، إلا أن وجود كاميرا أمام إحدى المدارس أظهرت أن السرقة كانت بالاتفاق وان المتهمين والمجنى عليهم شركاء معا وقاموا بالتحدث امام السيارة ثم اخذوا الأموال وتحركوا".

حماية البضاعة

ويضيف عثمان خليل صاحب محل أدوات كهربائية أن البضاعة الموجودة داخل المحل سعرها يتجاوز المليون جنيه وكنت قبل ذلك أترك أحد الأشخاص لحماية المحل عند الاغلاق ومنعا لحدوث اى سرقة للبضاعة ولكن مع تطور وسائل التكنولوجيا وظهور الكاميرات أصبحت وسائل الحماية أسهل بكثير،وبالفعل يوجد فى المحل أكثر من كاميرا مراقبة،سواء داخل المحل او خارجه خاصة وأن السارقين يبتكرون كل يوم حيلا وطرقا جديدة لخداع أصحاب المحلات ومن أجل تمكنهم من الفرار دون التعرف عليهم وهو الأمر الذى سهلته كاميرات المراقبة فى التعرف على الجناة فى حالة وقوع السرقات،حتى وان كانت السرقة فى احد المحلات المجاورة فان اقرب كاميرا تسهل عملية الوصول للسارق.

حيل جديدة

ويؤكد نبيل عطا محاسب أن السكن الان سواء فى أماكن مزدحمة أو مناطق هادئة يتطلب تركيب كاميرات مراقبة ليس بشكل فردى على كل شقة ولكن على مداخل العمارات أيضا،فاغلب جرائم سرقة الشقق أصبحت تقع فى النهار أما بسبب خروج اغلب السكان إلى اعمالهم أو بسبب انشغال حارس العقار عن مهمته الرئيسية وعمله على توكتوك لتصبح مداخل العمائر متاحة بكل سهولة ولنسمع بعدها عن سرقة محتويات احدى الشقق فى وضح النهار.

ويقول عبدالله ممدوح مهندس مع تعدد وسائل الحيل والنصب أصبحت أخشى على أبنائى تركهم فى المنزل دون وجود أحد معهم خاصة اننى ووالدتهم نخرج لأشغالنا منذ الصباح الباكر وبسبب ظروف الكورونا وتعطيل الدراسة فأصبحت فترة بقائهم فى المنزل أطول من ذى قبل،وبالفعل قمت بتركيب كاميرا مراقبة منذ عدة سنوات لاصبح مطمئننا عليهم من أحدث نوع من الكاميرات وعلى إحدى الصفحات المتخصصة لبيعها وقمت بتوصيلها بالموبايل لأتمكن من الاطمئنان عليهم أنا ووالدتهم من وقت لاخر،فأمانهم أهم عندى من أى شىء ومهما كلفنى الأمر.