خواطر

مــن حقنــــا أن نحــــزن لتصفيــــة الحديد والصلب.. التاريخ والكفاح

جلال دويدار
جلال دويدار

ليس من تعليق على قرار تصفية شركة الحديد والصلب قطاع عام.. سوى الشعور بالحزن. يأتى هذا باعتبار أن هذه الشركة جزء من تاريخ كفاح ونضال مصر المحروسة بعد ثورة ١٩٥٢.
إنها كانت إحدى ركائز التطلع للنهوض والتقدم تفعيلاً للآمال العريضة التى تبنتها ثورة ٢٣ يوليو ١٩٥٢ لتوطين الصناعات الثقيلة. هذه الشركة تأسست عام ١٩٥٤ استناداً إلى العلاقات الوثيقة مع الاتحاد السوفييتى. من هذا المنطلق اعتمدت معدات الشركة على التكنولوجيا الروسية. كانت ثروة مصر من الفحم وسيلتها لتوفير الطاقة اللازمة لتشغيل أفرانها.
ظلت الشركة تقوم بمهامها بكفاءة عالية فى وقت لم يكن فيه على الساحة غيرها. استطاعت على مدى هذه السنوات من خلق أجيال من الصناع المهرة للحديد والصلب إلى جانب توفير احتياجاتنا من هذا الانتاج. مثل الكثير من المشروعات تعرضت الشركة للإهمال والتناسى. هذا الأمر انعكس على عدم الرعاية وتلبية احتياجاتها من التجديد والتطوير.
حدث ذلك فى وقت تأسست فيه شركات تعتمد على التكنولوجيا الحديثة التى جعلها تتفوق انتاجاً وتكلفة. ضاعف من مشكلة شركة الحديد والصلب تراكم الديون مع انتاج متخلف وبالتالى لم يتوافر لها أى دخل لسد اجور العمالة المتضخمة والمصاريف الأخرى بما فى ذلك عوائد أصحاب الأسهم.
من هنا المؤكد أنه كان صعباً للغاية اتخاذ قرار التصفية. هذا القرار استهدف الخلاص من الخسائر الفادحة التى تصاعدت وتفاقمت على مر السنين. اعتقادى أن الدراسات المستفيضة انتهت إلى أن التصرف فيما تملكه الشركة من أراضٍ وعقارات فى مواقع مميزة سوف تكفى عوائدها لسداد جانب من الخسائر وأعباء تعويضات العمالة والمساهمين.
الشىء المؤكد والذى يجب أن يكون درساً للدولة هو أن إنهيار هذا الكيان العملاق كان نتيجة سوء الاختيار المتواصل للعناصر التى تولت إدارتها.