إنها مصر

المعراج الروحى

كرم جبر
كرم جبر

المعراج الروحى معناه أن ترقى الذات المسلمة من حال وجدانية نازلة، إلى حال أخرى صاعدة أكثر رفعة وبهاء، فتصبح الكائنات كلها لدى تلك الذات، نابضة بإكسير الحياة والجمال والحب والروح والسكينة.
لو أن هذه النظرة الشفافة امتزجت بصورة الإسلام فى عصورنا الراهنة، لكان لها فعل السحر فى النفوس الظامئة إلى الحق، والتواقة إلى الأمن والعدل، وبلسماً لكثير من أوجاع العصر وشكاياته.
ولو أن هذه النظرة الشفافة امتزجت بصورة الإسلام فى عصورنا الراهنة، ما وجدت مسلماً إلا وتسكن فيه الرحمة ويصفح الصفح الجميل، ويرتفع فوق الكراهية وسواد الحقد، فلا يرى إلا جمال الحق والقيم العليا، دون عنف مقيت، فلا تراق دماء أو تتمزق أشلاء أو تقطع رءوس.
انقلبت الرؤية الشفافة للذات المسلمة من النقيض إلى النقيض، فخيل لأصحابه أن الإسلام برحمته قد انزوى فى شهوة الاستئثار بالسلطة والقفز على الحكم، فأمسى حبيس لعبة السياسة والمناورات والألاعيب.
أين الذات المسلمة الشفافة من أدبياتهم السوداء، التى انشق العالم بمقتضاها إلى فسطاطين: فسطاط الإيمان وفسطاط الكفر، وانطلق أولئك يعيثون فى الأوطان تخريباً ودماء وأشلاء، بعد أن ساقوا بعض شباب الأمة إلى العداوة والبغضاء.
وكأنه لم يتبق من الإسلام كله بروحه وقيمه ومبادئه، سوى سلطة تُقتنص وحكم يُعتلى وسلطان تهون فى سبيله الأرواح وترخص الدماء.
أين النظرة الشفافة للذات المسلمة الحقة من الذين فتحوا باباً لدعاوى الإرهاب وفتاوى الشر المستطير، الذى أصبح مرتكزاً عقائدياً لجماعات العنف.
فانطلقت تلك المنظمات الإرهابية تهتف زوراً وبهتاناً باسم الإسلام، وتعيث فى الأرض تقتيلاً وقطعاً للأعناق وبتراً للرقاب.
لم يطرأ على ذواتهم المتحجرة مقدار الجرم الذى جنوه فى حق الإسلام، وماذا تكون الصورة التى انطبعت فى ذاكرة أطفال العالم عن الإسلام الذى يدعون رفع رايته؟
ألا يدرك هؤلاء أن الجهاد الروحى يجب أن يمضى فى اتجاه مختلف لتحفيز الإنسانية لتوفر للجائعين والعراة والمرضى لقمة العيش وجرعة الدواء، والخلاص من الأنانية الفردية المقيتة التى أثمرتها الحضارات المادية؟
هذه الرؤية التى تعبر عن جوهر الإسلام والذات المسلمة الحقة، هى ملخص لمقدمة سلسلة تفنيد الفكر المتطرف، الصادرة عن المنظمة العالمية لخريجى الأزهر، وهى أيضاً تتطابق مع فلسفة مبادرة إيقاظ الوعي، التى تنطلق أول جلساتها يوم الاثنين، بالتعاون مع وزارة الأوقاف والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام.
الوعى الذى كان بلسما يداوى الجراح، ويهدى الحائر ويعلى شأن الإنسان والأوطان، وتعرض لهجوم غادر من جماعات تغييب الوعى، ليحتلوا منصات العقول ويلوثوا صفاء القلوب.
ونسأل الله السداد والتوفيق.