شىء من الأمل

مغامرة غير محسوبة!

عبدالقادر شهيب
عبدالقادر شهيب

 بقدر كبير من الدهشة الممزوجة بالاستهجان والسخرية تابع العالم كله أحداث وتطورات مغامرة الرئيس الأمريكى ترامب المنتهية ولايته التى كانت ترمى إلى منع الكونجرس من المصادقة على نتائج الانتخابات الرئاسية التى قضت بفوز بايدن بفارق كبير من أصوات المجمع الانتخابى.. أما سبب. تلك الدهشة فهو أن تلك المغامرة كان معروفا سلفا لترامب نفسه أن مصيرها الفشل، وأن أقصى نجاح يمكن أن تحققه هو تعطيل المصادقة على نتائج الانتخابات الرئاسية لبضعة ساعات فقط، وهو ما حدث بالفعل نتيجة اقتحام عدد من المتظاهرين، الذين حشدهم ترامب فى العاصمة واشنطن، لمبنى الكونجرس وتعطيل اجتماعاته!..

فقد كان معروفا لترامب سلفا أن أغلب أعضاء الكونجرس المنتمين للحزب الجمهورى لا يشاركونه الرأى فى رفض الاعتراف بنتائج الانتخابات الرئاسية، فهم لم يكتفوا بإبلاغه بذلك وإنما جاهروا به علنا.. بل إنهم طالبوه بأن يتوقف عن الطعن فى انتخابات بعض الولايات وضغطوا عليه لإبداء بعض التعاون فى عملية نقل السلطة التى جرت العادة على أن تتم بهدوء وبدون مشاكل.. كما أن نائبه بنس رفض علنا أيضا طلبه برفض اعتماد المصادقة على نتائج الانتخابات الرئاسية..

ومع ذلك فقد حشد ترامب مؤيديه فى العاصمة يوم المصادقة وكرر على مسامعهم رفضه لنتائج الانتخابات واتهاماته للديمقراطيين بتزويرها وسرقتها وطلب منهم صراحة العمل على منع تلك المصادقة بعد أن أوعز إليهم أن ينتقلوا من مكان تجمعهم أمام البيت الأبيض ليتجمعوا أمام مبنى الكونجرس.. وتجارب التاريخ أثبتت أن المظاهرات التى تبدأ سلمية يصعب أن تحافظ على سلميتها، خاصة إذا كانت المشاعر ملتهبة والحشود غاضبة والعقول لا تقبل نقاشا حول ما استقرت عليه واقتنعت به!.. فعلى ماذا إذن كان يراهن ترامب لكى تنجح مغامرته هذه؟!، اللهم إلا إذا كان هدفه ليس الاحتفاظ بالبيت الأبيض وعدم الخروج منه حتى لا يحل محله بايدن، وإنما الهدف هو تعميق الانقسام داخل الولايات المتحدة الذى كشفت عنه نتائج الانتخابات الرئاسية، اعتمادا على حصوله على نحو سبعين مليون صوت، وذلك لإثارة المشاكل أمام بايدن خلال السنوات الأربع المقبلة؟!

ولكن حتى لو كان ذلك الهدف الحقيقى لترامب من مغامرته هذه، فإنه قد لا يتمكن من تحقيق هذا الهدف، فى ظل تزايد الاعتراضات على ما قام به من داخل حزبه الجمهورى، وأوضحه التصويت بأصوات ساحقة على فوز بايدن بالانتخابات الرئاسية.. فهذه الاعتراضات قابلة الآن للتحول إلى رفض جمهورى لترامب ذاته ولدوره أو لتزعمه حزبه ثم المشاركة فى الانتخابات الرئاسية المقبلة عام ٢٠٢٤ ممثلا له.. وهكذا الخسارة هى دوما نتيجة المغامرات غير المحسوبة وبوادر تلك الخسارة ظهرت فى الاستهجان والسخرية التى نالتها مغامرة ترامب.