أمس واليوم وغدا

ملحمة قـائد .. وبطولة مواطن

عصــام السـباعى
عصــام السـباعى

كان العام 2020 منذ شهوره الأولى صعبا بكل المقاييس، واجهنا فيه تحديات صعبة للاستمرار فى طريق الإصلاح والتنمية، فجاء فيروس كورونا وجعل التحديات أكثر من صعبة وسط حالة إغلاق فى كل العالم، انكمشت فيه حركة السفر والسياحة، وانعدمت فيه تدفقات الأموال والاستثمارات، وتباطأت حركة الشحن والتجارة الدولية، ومرت الأيام والأسابيع والشهور، جاءت نهاية العام ومعها كشف الحساب، وكم كانت النتائج عظيمة وربما تصل إلى درجة الاستحالة، فلم يشهد المصريون يوما وعانوا من أزمة فى أى سلعة أو خدمة، انتظمت دواليب العمل وفق نظام احترازى منضبط، واستتب الأمن فى كل الأنحاء وكل المجالات، أما مؤشرات العمل فقد كانت رائعة، كلها إيجابية فى وقت كانت معظم مؤشرات الدول بالسالب، وربما وصلت فى دول أخرى إلى درجة الانهيار.
 أتحدث هنا بلغة الأرقام وهى متاحة للجميع، ويكفى مجرد إشارة إلى ذلك التقدم الكبير المرضى جدا لمؤشر مديرى المشتريات، ليؤكد أن السوق المصرى صحى وعفى ومتعاف، يكفى الإشارة لتقارير صندوق النقد الدولى، وكذلك تقدم مصر الكبير غير المسبوق فى مؤشرات تقرير ممارسة الأعمال الذى يصدره البنك الدولي، بخلاف المؤشر العالمى للطرق، وفوق كل ذلك استمرار مصر فى حصد نتائج الإصلاح الاقتصادى الذى بدأناه فى العام 2016، رغم كل صعوبات العام 2020، ومن بين ذلك وجود زيادة ملموسة فى احتياطى النقد الأجنبي، تحقيق الاقتصاد المصرى معدل نمو معقولاً ومقبولاً و«معجزاً» والأهم ولأول مرة انخفاض نسبة الفقر، ويحدث ذلك فى وقت كانت غالبية مؤشرات النمو العالمية بالسالب!
 لفت نظرى عدة إنجازات مهمة وقياسية فى ذلك العام، منها انخفاض معدلات القروض والدين نسبة للناتج المحلى الإجمالى، كما لفت نظرى أيضا انخفاض معدلات التضخم والبطالة بدرجة ملموسة وارتفاع الصادرات.. تحسن الميزان التجاري، ونجحت مصر فى تحقيق تلك المعجزة رغم التأثيرات السلبية الواسعة لفيروس كورونا، وبهذه المناسبة أتذكر حواراً مع سائق تاكسي، فتح كالعادة موضوع الشكوى من أسعار السلع، وسألته: هل تصدق أن رغم ما جرى فى الأسواق العالمية، وتوقف حركة النقل والشحن الدولية، وتوقف موارد السياحة، ولازالت الأسعار فى نفس مستوياتها، وربما انخفضت فى بعض السلع، وكانت نهاية الحوار أن قال السائق الكلمة الصحيحة: الحمد لله.
 لا أبالغ إذا قلت لكم إننى أنظر أحياناً بفخر إلى ما تم خلال العام رغم صعوبته المالية وظروف الإجراءات الاحترازية الخاصة بفيروس كورونا، الواقع يؤكد لنا أنه لا يوجد مشروع قومى واحد أو أى مبادرة رئاسية فى الشأن الصحى أو الاجتماعى بكل قطاعاته قد توقف أو تعطل أو حتى تململ من يعملون به، وتم تحقيق المستهدف وزيادة، أما العظمة كلها فتتمثل فى إنهاء استحقاقين مثل انتخابات مجلس الشيوخ ثم مجلس النواب بكل مراحله، بكل تلك السلاسة والتنظيم.
 ماذا أقول لكم؟
 إنه إنجاز لا يقوم به سوى الشعب المصري، فقد سبق وحقق المعجزة قبل كورونا، ونجح فى تنفيذ برنامج للإصلاح الاقتصادي، يعتبر الوحيد الذى نجح على مستوى العالم خلال السنوات القليلة الماضية، بشهادة المؤسسات الدولية، فى حين بدأت فيه بعض الدول ولكنها عجزت عن استكماله.
عاد الشعب المصرى ليحقق المعجزة فى ظل شبح كورونا وذلك بشهادة المؤسسات المالية العالمية، امتص الصدمات، وتعامل مع كل تداعيات الفيروس، وانتصر على كل الظروف وواصل مسيرته التنموية فى كل القطاعات، وسيظل يحقق انتصاراته، رغما عن أى عراقيل يزرعها شياطين الداخل والخارج، مادامت هناك إرادة سياسية لمصر، قيادة وشعبا، على بناء الدولة ورعايتها وحمايتها من أى خطر، صغيرا كان أم كبيرا، من الداخل أم من الخارج، أو يستهدف حبة رمل واحدة من رمالها، هو إنجاز لقائد وشعب.. قائد تحمل المسئولية وتولى أمر الأمانة فأحسن تدبيرها وحفظها ورعايتها، وشعب أخلص فى عمله فى كل مجال، شعب قدم أكبر سلاح لقائده ليحارب معه، وهو سلاح «الثقة الواثقة»، كما بادله القائد نفس الثقة وأكثر .
 يستحق ذلك الشعب كل تحيات التقدير التى سبق ووجهها له ربان السفينة، الرئيس عبد الفتاح السيسى فى أكثر من مناسبة، وأتذكر هنا قوله: إن المواطن المصرى هو البطل الحقيقى فى معركتنا المقدسة للبقاء والبناء، فلولا إرادة المصريين ما كنا لنعبر كل التحديات وما كان للإنجاز أن يتحقق، فيما أصاب عين الحقيقة، الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، عندما أكد أن الشعب المصرى هو البطل الحقيقى لكل تلك الإنجازات، التى كانت أيضاً نتيجة لثقته فى القيادة السياسية.
 ما تحقق فى العام الصعب 2020، يلقى علينا جميعاً مسئوليات ثقالاً فى العام الجديد والأصعب 2021، لعبور الأمواج العالية لتداعيات فيروس كورونا، والعقبات الكبيرة من أجل مواصلة خطة التنمية الشاملة، سواء من أجل استكمال ما نجحنا فى تجاوزه وتأسيسه، أو تلك المشروعات القومية الجديدة العملاقة، وأبرزها مشروع تطوير الـ1000 قرية فى جميع محافظات الجمهورية والتى أعطى الرئيس للحكومة إشارة البدء فى مراحلها الأولى اعتبارا من أول العام الجديد، أى بعد أيام قليلة.
سنحقق الأحلام حلماً تلو الآخر، سنبنى دولتنا ونحقق نهضتنا، بنا جميعا بجميع اتجاهاتنا وتوجهاتنا، وباختلاف مواقعنا على أرض الوطن، الجندى والطبيب.. العالم والأديب.. السياسى والمدرس.. العالم وطالب العلم.. الرجل والمرأة والشباب.. داخل وخارج الأحزاب.. يقود سفينة الوطن ربان ماهر مخلص مقاتل، ومعه حكومة مقاتلة وشعب يعرف كيف يحب وطنه، ويثق فى قائده ويتفانى فى خدمة وطنه وعلم بلاده، يحفظ للبلد وجوده وقوته ويحقق نهضته بالعلم والعمل، يحفظ حقوق كل مواطن يعيش على أرضه، أو حتى فى خارجه، إضافة إلى السعى الدؤوب من أجل أن يعيش المواطن وفق أبجديات جودة الحياة، دولة قانون الكل أمامها سواء، من أجل أن تظل راية الوطن عالية خفاقة.. ودائماً ودوماً وأبداً.. تحيا مصر.