فى الصميم

عاصفة ترامب.. حتى عندما يعفو!!

جـلال عـارف
جـلال عـارف

رغم كل الضجيج الذى مازال يثيره الرئيس الأمريكى المنتهية ولايته حول نتائج الانتخابات، فإن الواقع يفرض نفسه، والاستعدادات للرحيل من البيت الابيض تجرى على قدم وساق، وموظفو البيت الأبيض تسلموا إخطارات إنهاء عملهم فى المواعيد المحددة قبل ٢٠ يناير، ومعها تعليمات تسليم الملفات الهامة التى فى حوزتهم.
ورغم كل علامات الاستفهام التى يحرص «ترامب» على تركها بلا إجابة عن ترتيبات تسليم الحكم، فى الواقع أن حقائب الرحيل جاهزة، وأن الكثير من مهام الأيام الأخيرة فى البيت الأبيض يتم إنجازها.. وإن كانت تتم فى معظمها بنفس أسلوب «ترامب» المثير للجدل، كما حدث أخيراً فى قرارات العفو الرئاسى التى أصدرها لتصدم الكثيرين داخل وخارج أمريكا!!
والأصل فى قرارات العفو التى يصدرها الرؤساء الأمريكيون فى نهاية ولاياتهم الرئاسية أن تكون فرصة لإغلاق ملفات من أجل الصالح العام، أولإنهاء قضايا تتدخل فيها العوامل السياسية، أو للحفاظ على مكانة المنصب بعيداً عن أخطاء من يشغلونه، أو حتى إعطاء العهد الجديد الفرصة للعمل فى مناخ أفضل ومشاكل موروثة أقل.
على العكس من كل ذلك تأتى قرارات «ترامب» وهو يستخدم حقه فى العفو الرئاسي، فينكأ المزيد من الجراح، ويعيد فتح ملفات شائكة، ويطرح علامات استفهام لا أظن أنها ستختفى قريبا حول الحدود المطلوبة بين المصلحة الخاصة والصالح العام، وهى القضية التى لحقها الكثير من الأذى من خلال أسلوب «ترامب» فى العمل منذ وصوله للبيت الأبيض!!
> فى قوائم العفو التى أصدرها «ترامب» تتوالى أسماء كبار مساعديه السابقين بدءاً من أركان حملته الانتخابية وحتى من شغلوا أرفع المناصب فى إدارته، وكلهم أدينوا بجرائم تتعلق بعرقلة العدالة والاحتيال على القانون، والأهم أنهم - فى معظمهم - كانوا جزءاً من التحقيقات الطويلة الخاصة بتدخل روسيا فى الانتخابات لصالح «ترامب» فى عام ٢٠١٦ وهى التحقيقات التى كان يمكن أن تؤدى لعزل الرئىس الأمريكى من منصبه.
وقرارات العفو هنا تعيد القضية للأضواء، خاصة حين تتزامن مع اتهامات جديدة لموسكو بالمسئولية عن اختراق إلكترونى خطير للمؤسسات الأمريكية ودفاع مستميت عن موسكو من جانب «ترامب» نفسه!!
> وفى قوائم العفو الجديدة لترامب، يأتى اسم والد صهره «كوشنر» المدان فى جرائم ضريبية، لتفتح أمام «ترامب» ملف العامل الشخصى والعائلى الذى جعل من أفراد الأسرة جزءا من الإدارة الفاعلة داخل البيت الأبيض، وخاصة من جانب الابنة «إيفانكا» وزوجها «كوشنر» كبير مستشارى الرئيس بكل سلطاته الواسعة وبدون قرار من مجلس الشيوخ أو مسئوليات يحاسب بمقتضاها «!!».. سيفتح الملف حتماً، وسيضيف العفو الرئاسى عن «كوشنر» الأب المزيد من الاسئلة حول الخلط بين المصالح العامة والخاصة فى إدارة الدولة الأقوى فى عالمنا!!
> ويبقى القرار الأسوأ الذى تخطت ردود فعله الداخل الأمريكي، والخاص بالعفو عن المجندين فى صفوف شركة الأمن الشهيرة « » الذين ارتكبوا مجزرة دامية فى بغداد قبل سنوات، والذين حوكموا وأدينوا من المحاكم الأمريكية نفسها بقتل وإصابة العشرات من المدنيين العراقيين، فإذا بالعفو الرئاسى الترامبى يشملهم، وليكون القرار محل استنكار الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، وليطرح الأسئلة العديدة عن الهدف من قرار لا يمكن أن يخدم مصلحة أمريكا وهى تسعى لإصلاح ما أفسدته حربها الفاشلة فى العراق!!
> > >
قد يكون الهدف من هذه القوائم الملغومة أن يطمئن الرجل أنصاره على أنه سيحميهم حتى النهاية وقد يكون ترتيب أوضاعه بعد الخروج من البيت الأبيض سواء فى عالم السياسة أو خارجه.. وإن كان الأمر صعباً مع طواقم تمت إدانتها وقد يكون الهدف هو أن يبقى الكثير مما يستحق المراجعة خارج أى حساب.. لكن المؤكد أن طريق العودة الأمريكية عن العاصفة الترامبية لن يكون سهلاً!!