فى أروقة السياسة

مرحباً بعودة السودان

د. سمير فرج
د. سمير فرج

منذ نعومة أظافرنا، ونحن نعلم، يقيناً، أن مصر والسودان بلد واحد، يجمعنا نهر النيل شريان الحياة للشعبين، ولازالت أغنية الفنانة القديرة ليلى مراد «عاشت مصر حرة والسودان» عالقة فى ذهنى منذ الطفولة.
 ومازلت أذكر صورة الملك فاروق، ملك مصر والسودان، التى كان يضعها والدي، رحمه الله، فوق المدفأة، ومازلت أذكر، وأنا ضابط صغير السن، تلك الكتيبة السودانية، التى كانت تشارك قواتنا المسلحة المصرية، خلال حرب الاستنزاف، فى منطقة البحيرات على قناة السويس. إلى أن صعد البشير إلى الحكم، لمدة ثلاثين عاماً، أساء فيها هذا الرجل للعلاقات بين الدولتين، إلى أن تمت إزاحته بعد ثورة الشعب السوداني، لتعود العلاقات الثنائية بين البلدين إلى ما كانت عليه، وعادت مياه نهر النيل تفيض بالحب والعطاء بين الشعبين المصرى والسوداني.
ومن الناحية العسكرية كانت زيارة رئيس الأركان المصرى الفريق محمد فريد إلى السودان بداية للتقارب العسكري، الذى كنا نحلم به من زمن، حيث تم الاتفاق على تنفيذ العديد من الأنشطة التدريبية للقوات المسلحة للبلدين، والتعاون فى مجالات التأهيل والتدريب وتبادل الخبرات وتأمين الحدود ومكافحة الإرهاب والتأمين الفنى والصناعات العسكرية. فأنا أعلم تمام العلم أن القوات المسلحة السودانية تحتاج إلى هذا الدعم حالياً، فى حين تحتاج مصر للتعاون مع القوات السودانية، التى تمثل عمقاً استراتيجياً لمصر من اتجاه الجنوب. جدير بالذكر أن هذه الزيارة جاءت بعد زيارة رئيس مجلس السيادة السودانى الفريق أول عبد الفتاح البرهان، وتأكيده على عودة العلاقات السياسية بين الدولتين إلى سابق عهدها.
ولأن هذه الزيارات ليست من باب المجاملة، فلم يمض أسبوع واحد حتى وصل قائد قوات الدفاع الجوى السودانى إلى مصر، الفريق الركن عبد الخير عبد الله ناصر، على رأس وفد رفيع المستوى لزيارة قوات الدفاع الجوى المصرية، وتنفيذ إجراءات التعاون والدعم بين القوتين. وفى نفس الأسبوع نفذت القوات المسلحة المصرية والسودانية التدريب المشترك «نسور النيل 1» فى قاعدة مروى الجوية فى السودان، ذلك التدريب الذى تشترك فيه، لأول مرة، عناصر من القوات الجوية المصرية، وعناصر من الصاعقة، حيث تم تنفيذ التدريب المشترك بين القوات المصرية والسودانية، التى كان من أهمها قيام المقاتلات متعددة المهام من الجانبين بتنفيذ عدد من الطلقات الجوية الهجومية والدفاعية وتدريب قوات الصاعقة على أعمال البحث والإنقاذ القتالي.
وهكذا عادت القوات المسلحة السودانية إلى حضن الوطن الأم مصر، وعادت مصر بقواتها المسلحة لتدعم القوات السودانية، بهدف تحقيق الأمن القومى لكلتا الدولتين الشقيقتين ... فمن كل قلبى أقول بملء فمى مرحباً بعودة السودان.