«أطفال الشقا».. «شابوا قبل أوانهم»

أطفال «الشقا»
أطفال «الشقا»

» «الأخبار المسائى» ترصد نماذج إنسانية لعمالة تحت السن
» عامل «الشاى»: تركت أهلى لأنفق على دراستى وأساعد بالمصاريف

 

كتبت ريم حمادة 

صبى «الوكالة»: عندى 8 أخوات.. و«لو متحملناش المسئولية بدرى مش هنتحملها لما نكبر» لم يمهلهم القدر، ولم تعطهم الحياة الفرصة حتى للاستمتاع بطفولتهم وبراءتهم، ليتخلوا عنها  مبكرًا ويعلنوا عن أنفسهم كرجال «تحت السن».. لم يكن أحمد الطفل (بائع الليمون)، الذى تداولت صحفات السوشيال ميديا أزمته حالة استثنائية، ولكن الواقع يؤكد أن شوارع وحواري وقرى المحروسة بها نماذج لعمالة الأطفال إنسانية ومأساوية ساقتهم القدر للعمل لإعالة أسرة كاملة. «الأخبار المسائى» رصدت نماذجا لـ «رجال تحت السن» شابوا قبل «أوانهم».


بلية «الميكانيكى»: «بشتغل من 3سنوات عشان أجيب دوا والدتى»

«جيت هنا عشان أكل عيش».. هذا ما قاله الطفل عبد الحميد 16 سنة، يقف على «نصبة شاي» لفترة تتجاوز 12 ساعة يوميًا بأحد مواقف مدينة السادس من أكتوبر، ليلبى طلبات زوار وزبائن الموقف والسائقين.


يساعد أهله 
يضيف عبدالحميد أن أهله ومنزله بمحافظة أسيوط إلا أنه قرر أن يترك أهله منذ أكثر من 6 سنوات باحثًا عن لقمة العيش وحتى يتمكن من سداد مصاريف دراسته التى يتمها بنظام المنازل، كما أنه يساعد أهله خاصة بعد خروج والده على المعاش وتدهور حالته الصحية، ويضيف أنه خلال الست سنوات تنقل بين أكثر من شغلانة إلا أنه استقر على عربة الشاى والقهوة قائلاً: «استقريت هنا شغلانة سهلة حبتها وبيطلعلي منها قرشين كويسين».

اقرأ أيضا| «عواطف» ضحية جحود الأبناء: «بنتي رمتني في الشارع» | فيديو 

طفل عربة الكشرى 
وعلى بعد خطوات من عبد الحميد، كان يقف أحمد والذى يصغره بعامين، مرتديًا يونيفورم أبيض مدون عليه اسم عربة الكشري التى يعمل عليها، لا يقف دقيقة واحدة مكانه بل يتنقل يمينًا ويسارًا ليعطي معلمه ما يحتاجه ويغسل الأطباق خلف الزبائن، ليبقى على هذا الحال طيلة يومه.


ويقول أحمد أنه من الفيوم، وجاء إلى القاهرة عن طريق أحد أصدقائه، والذى يعيش معهم فترة غيابه عن أهله، وتابع قائلاً: «بساعد أبويا بفلوسي لأنه كبر في السن وأنا وحيده، وماكنش قدامى حل تانى غير أني أشتغل، والحمد لله ما سبتش دراستى أنا في تانية إعدادى  وبنجح كل سنة، وبسؤاله عن كيف استطاع البعد عن أهله في هذا السن الصغيرة، قال: «بسافر كل أسبوع عشان أطمن على أبويا وأمى، وإن مبقتش صغير أنا كدا كبرت خلاص».


صبى الوكالة 
 «وسط استاندات الملابس بأحد محلات ببولاق أبوالعلا، كان يقف عبدالله متخفيًا، حيث لم يمكنه طول طفل في سن الحادية عشرة عام من الظهور من بينها، يقول عبد الله: «كل يوم بكون هنا الساعة 8 الصبح، بخزن البالات وأرص الاستاندات وبعمل كل حاجة»، قريبى جابنى هنا أنا أصلاً من سوهاج، بس لما لقيت نفسي مش نافع في الدراسة قررت إنى أنزل أشتغل عشان أساعد أهلى كمان لأنى عندى 8 أخوات غيري، وأضاف: «طلعت من المدرسة من 6 إبتدائي، لأنى مش بعرف أقرأ وأكتب، والحمد لله أنا كسيب وباخد 100 جنيه في اليوم، ولو متحملناش المسئولية بدرى، مش هنتحملها لما أكبر».

 


وفي شارع معروف بوسط المدينة وسط ورش تصليح السيارات، كان محمود ينهى تصليح إحدى العربات ممسكاً بأداة حادة يستخدمها في الفك والتركيب وأعمال الميكانيكا التى يقوم بها، يقول محمود: «احترفت الشغلانة دى لأنى بدأت شغل من3 سنوات، وأنا سني 14 سنة، ودى المهنة اللى لقتها قدامى، لأن زوج أختى شغال هنا وجابنى معاه، عشان أجيب دوا والدتى اللى عندها السكر، ووالدى على المعاش وتعبان بس  بيحاول يشتغل على قدر ما يقدر عشان يساند، عندى أخ وأختين بنات واحدة منهم متجوزة والتانية لسه، وبحوش جزء من مرتبي عشان أجهزها وأجيب لها اللى نفسها فيه».

 


وأضاف: «يوميتى واقفة بـ20 جنيهاً ويوم السبت 300، يعنى 400 جنيه كل أسبوع، والبقشيش بيساعد بس بيكون على حسب الشغل»، وأول مرتب ليا جبت بيه دوا والدتى لأنها بتحتاجه بشكل مستمر كل أسبوع أو أسبوعين».
من ناحيتها أكدت الدكتوة سحر السنباطى الأمين العام  للمجلس القومى للأمومة والطفولة أن المجلس بالتنسيق مع القوى العاملة وقعاً برتوكول للحد من العمالة الخطرة للاأطفال، وطبقاً للدراسات لدينا 60% منهم  يعملوا فى الزراعة، والباقى يعمل بشكل قصري أو «بالقهر»، وحالياً نقترح عمل تعديلات تشريعية لقانون التسرب من التعليم لأنه سبب مباشر لعمالة الأطفال وزواج الأطفال وغيرها من الظواهرة الاجتماعية السلبية، وأضافت إلى الأن عقوبة التسرب من التعليم عبارة عن غرامة (10 جنيهات فقط ) وغير مفعلة، لذلك فتعديل هذاالقانون ضرورة لوقاية الطفل، ولكن على الجانب الآخر لدينا خط نجدة الطفل ولجان حماية بالمحافظات وبمجرد أن يصل لنا بلاغ  عن عمالة قصرية أو تعدى أو استغلال أو عنف أو إساءة للطفل  نأخذ إجراءات فورية وإقرارات على الأسر لعدم تعرض أطفالهم لمثل هذه الأعمال.


من ناحيته طالب محمد أبوحامد وكيل لجنة  التضامن بمجلس النواب بضرورة تعديل اللائحة التنفيذية لقانون الطفل الصادر عام 2008، وأصدر لائحة جديدة معبرة عن القانون، وتعالج مشاكل اللائحة الصادرة فى 2010 والتى كانت محل انتقاد العمل على تفعيل الأحكام الموجودة بالقانون، قائلاً القانون به اليات لحماية الطفل لكل أنواع الاعتداءات لذلك فنحن لسنا بحاجة إلى تشريع جديد ولكن بحاجة إلى تفعيل التشريع القائم بلائحة مواكبة لفلفسة القانون، لانه متضمن حلول كفرق الإنقاذ، وإيجاد أسر بديلة، ومكافحة التسرب من التعليم وغيرها.


أما فى قنا فكانت فاطمة التى لا تتعدى العشرة سنوات وأختها الرضيعة قصة من نوع آخر.. اكتشفنا خلالها أن الأهل أحيانا يكونون أشد قسوة من الزمن، فبعد تعاطف رواد الفيسبوك مع الطفلتين باعتبار أنهما يتيمتان أو تركتهما أمهما، وتزوجت بعد أن طفش الأب لتبيع الأخت الكبري المناديل بميادين المحافظة، أوضحت لـ«الاخبار المسائي» مصادر بفريق التدخل السريع أن والدة الطفلتين تحترف التسول، وأنها تلقن أطفالها بأن يقولوا إنهم أيتام و«ملهمش حد».

 

وأضافت مصادر بوازرة التضامن بمحافظة قنا، أن الأم سيتم التحقيق معها من خلال النيابة بتهمة الاتجار بالبشر وتعريضها لحياة أطفالها للخطر، حيث إنها لديها ثلاثة أطفال ابن وبنتان، كما أنها تحصل على معاش تكافل وكرامة بعد أن سُجن زوجها، وتابع المصدر أنه في حالة عدم استقامة الأم سيتم التعامل معها قانونيًا وإيداع الأطفال بدور الرعاية، وحصلت «الأخبار المسائى» على صور حصرية للأم مع أطفالها رصدتها فرق الإنقاذ السريع، قبل إحالة الأم للتحقيق.