حكايات| «اللبخة» للخُلد و«الجميزة» للتوابيت.. أشجار المصريين «من الجنة»

أشجار المصريين «من الجنة»
أشجار المصريين «من الجنة»

كان المصري القديم مميزًا في النقش على الجدران لتأريخ ما يحدث له في حياته اليومية، خصوصًا أنه كان موهبًا بالفطرة في مجال الزراعة وعلى رأسها الأشجار التي كان يطلق عليها أسماءً بعينها لتميزتها وتفرقتها. 

 

واختلفت شكل وأسماء وأنواع الأشجار في مصر القديمة، وكانت لها مكانتها وأصبحت دليلًا دامغًا علي أن الحضارة الزراعية في مصر القديمة وصلت إلى الذروة في الكثير من المجالات؛ على مقدمتها مجال الزراعة بصفة خاصة، هذا ما أكده الباحث الأثري محمد حسن جابر المهتم بشؤون جمع التراث بمحافظة الوادي الجديد. 

وخير دليل على ذلك وجود النقوش على جدران المعابد والكنائس المنتشرة بواحات الوادي الجديد في الخارجة والداخلة والفرافرة وباريس، بالإضافة إلى معابد الكرنك والبر الشرقي والغربي في الأقصر. 

 

اقرأ أيضًا| جنون العالم.. أكل الرماد والرقص مع الموتى دليلاً على الحب

 

ولم تكتف الحضارة بذلك فقط؛ فكانت هناك بعض عيون الآبار والمناور التي شيدها المصري القديم عكست مكانة الزراعة والحفاظ على نقطة المياه والاهتمام بمحاصيل بعينها والاهتمام بزراعة أشجار لتقديسها، كانت الأشجار قديمًا محط أنظار الجميع.

 

مع الوقت انقسمت الأشجار وتنوعت فكانت هناك أشجارًا ذات أهمية كبرى عند المصري القديم وكانت هناك أنواع مميزة منها يهتم بها  ولها قدسية كبيرة جدا ولها ارتباط خاصًا بمعتقداته الدينية وأسلوب حياته. 

 

لم يقتصر دور الأشجار في ذلك فقط فكانت مصدرًا لتدفئة المصريين القدماء ومكانا طبيعيًا لاستخراج الأخشاب اللازمة في صناعته لمستلزمات الحياة التي يحتاجها. 

 

اقرأ أيضًا| متلازمة «رابونزيل».. وجبة «شعر» يومية للمرضى النفسيين

 

واعتاد المصريون القدماء على الأشجار لتأمين مساكنهم، بالإضافة إلى أنها كانت توضع في مقابر المصري القديم وفقا لما أكده جابر. 

 

 

لعبت الأشجار دورًا هامًا في أساطير المصري القديم وقصصه الدينية، مثال لهذا شجرة الأرز أو الصنوبر التي قامت بتغطية جسد (الملك اوزير) في أسطورته الشهيرة.

 

وهناك بعض أسماء وأنواع  لتلك الأشجار التي تميز بها المصري القديم على سبيل المثال لا الحصر، «شجرة الإيشد) أو البرساء أو شجرة اللبخة وكانت ملقبة بشجرة الخلد عند المصريين القدماء وخصصت تلك الشجرة لكتابة المعبود (جحوتي والمعبوده سشات) يكتبون سنوات وعمر  الملك على ثمارها وأوراقها.

 

اقرأ أيضًا| غرائب إندونيسيا.. يدفنون الرضع في الشجر ويريقون الدماء لتخصيب الأرض

 

ومن ضمن سلسلة الأشجار حظيت شجرة الشنجت أو شجرة السنط الشهيرة بمكانة خاصة عند المصريين القدماء، وكانت مفضلة لديهم وخاصة بالربة ايوسعاس في هليوبوليس ومتداولة في مصر  باسم (شجرة النيل) ولها ارتباط كبيرًا بالمعبود رع، وتعرف في اللغة الإنجليزية باسم اكاسيا. 

 

أما عن شجرة النهت أو الجميزة المرتبطة بالربة والمعبودة حتحور ربه الجميزة، فهي من الأشجار المستخدمة بكثرة في  صناعة التوابيت والأثاث عند المصريين القدماء؛ وتعرف في الإنجليزية باسم ( سيكامورا)، بالإضافة إلى "شجرة الشواب".

 

 

وهذا نوع من الأشجار كان يستخدم لصناعة التماثيل التي كانت توضع في المقابر مع جثمان المصري القديم بإجمالي 365 تمثالا بعدد أيام العام. 

 

اقرأ أيضًا| سر رائحة الأمطار.. علاج طبيعي للاكتئاب وخفض التوتر

 

ولعبت الأشجار دورًا هامًا في صناعة التماثيل الاوشابتى "التماثيل المجيبة" والتي كانت يتم دفنها في المقابر مع المصري القديم اعتقادا بان تلك التماثيل ستقوم في العالم الآخر بخدمة صاحب المقبرة. 

 

وعن أبرز وأجود أنواع الأشجار قال جابر: «شجرة هبني والأبانوس هما من أجود أنواع الخشب المستخدم في صناعة الأثاث الجيد: أما نبس وشجرة النبق وشجرة شوكة المسيح من ضمن أنواع من الأشجار  المقدسة، وبالنسبة للزينة تحتل شجرة شتا بستان الأشجار مثل شن ويام واما وكونث المقدسة».