الوصل والفصل

ثانوية عامة

محمد السيد عيد
محمد السيد عيد

محمد السيد عيد

منذ أيام زارتنا إحدى قريباتى ومعها ابنها الطالب فى الثانوية العامة. قلت فى نفسي: لماذا لا أفتح حواراً مع الابن الشاب لأعرف أثر التطوير الذى قامت به وزارة التربية والتعليم فى العملية التعليمية. بادرته بالسؤال: أظن أن تجربة الثانوية العامة هذا العام تجربة جديدة، فلأول مرة لايوجد كتاب مدرسي. قال: هناك كتب خارجية. أضافت أمه: لقد اشترينا كتباً خارجية لكل المواد. قلت: لكن الوزارة تتيح منصات تعليمية متطورة، عليها برامج تعليمية تتضمن المقررات جميعاَ، وبشكل مجاني، فلماذا لايعتمد عليها؟ قال: الكتب أحسن. علقت الأم بعدم رضي: أنا غلبت. لم يحدث تغيير. اشتريت كل الكتب الخارجية كالعادة، وأدفع مبالغ لاحد لها للدروس الخصوصية. قلت: لكن الحكومة أغلقت السناتر. قال: المدرسون يقدمون دروسهم الآن أون لاين. سألت الشاب: إذا كانوا يقدمون الدروس أون لاين فلماذا لاتفتح اليوتيوب، وستجد عليه عشرات المدرسين الذين سجلوا دروس الثانوية العامة مجانا؟ صمت ولم يجب.
واصلت الحوار معه: هل تذهب إلى المدرسة؟ أجاب بالنفي. سألته: لماذا؟ قال إنه لاهو ولا زملاؤه يذهبون. وحين ضيقت عليه الخناق قال: المدرسة تبدأ الثامنة صباحاً وأنا أصحو من النوم الساعة الحادية عشرة/ ولماذا لاتصحو مبكراً؟ لو رحت المدرسة فلن أجد أحداً. أنا أذاكر فى البيت. قلت: لكن المدرسة فيها أساتذة يشرحون، وتجهيزات حديثة تساعد على الفهم. قال الشاب وقد ضاق بالمناقشة: الأساتذة لايشرحون. سألته: هل جربت؟ صمت. قلت للأم: أنت تدفعين مبالغ كبيرة بلا داعٍ. حرام أن تدفعى كل هذه المبالغ مقابل دروس لالزوم لها. قالت: أنا أدفعها لكى لاتكون له حجة.
أحسست أن الوزير طارق شوقى ينفخ فى قربة مقطوعة. فلم يتغير شيء رغم كل ماقامت به الوزارة من تطوير. الكتب الخارجية كما هي، والدروس الخصوصية كما هي، لكنها صارت أون لاين، أما المدرسة فهى عبارة عن فصول خالية، والتجهيزات التى تكلفت مليارات بلا فائدة.
المشكلة الرئيسية ليست فى النظام التعليمي، بل فى عقول الطلاب وأولياء الأمور. لقد تعود الطلاب ألا يبحثوا، وألا يتعبوا أنفسهم، وأن يعتمدوا على الكتب الخارجية، والدروس الخصوصية، ولن يحدث تغيير حقيقى فى الثانوية العامة دون تغيير هذه السلوكيات الخاطئة. وعلينا أن نفكر: كيف نغير هذه السلوكيات؟ كيف؟