رسالة شديدة اللهجة للملك فاروق على صفحات أخبار اليوم

الملك فاروق
الملك فاروق

«إن الحكومة ليست متاعًا للحاكم، يتناوله بالتصرف أنى شاء، أو متى شاء، أو كيف شاء، لا يرتفع إليه بصر، ولا تتوجه نحوه لائمة ولا يقال حاكم رشيد وآخر سفيه... بتلك الكلمات افتتح زعيم الأمة «سعد زغلول» مقاله المنشور في جريدة أخبار اليوم بتاريخ 10 يونيو 1950، موجهًا رسالة شديدة اللهجة للملك فاروق وحكومته تحت عنوان «الموقف السياسي».

 

ويذكر أن المقال كتبه الزعيم  سعد زغلول ضمن تقرير له عام  1900، وأعادت الصحيفة نشره كتذكير للملك فاروق برسالة سعد زغلول للحاكم آنذاك.

 

«سعد زغلول» يوجه رسالة شديدة اللهجة للملك على صفحات أخبار اليوم


وقال زعيم الأمة في مقاله: «ليست الحكومة شهوات وأهواء للحاكم وأعوانه يقضونها ممن أرادوا، ويميلون معها حيث توجههم، ولا يسمعون إلا صوت التلبية، ولا يرون إلا بشاشة الرضا مهما ساءت أفعالهم!».

 

ليس المحكومون من الرعية أنعامًا وحيوانات يسامون العمل، ويجسمون المساق، ويستغلون كما تستغل الماشية العجماء، لا ينظر إلى رضاهم وسخطهم، ولا إلى نعيمهم أو شقائهم، ولا إلى راحتهم أو تعبهم، ولا إلى غناهم أو فقرهم، لا يوجه النظر إليهم إلا عندما يراد أخذ ما بأيديهم، وسلب ما كسبوه بأعمالهم.

 

هم العاملون وحكامهم الكاسبون.. هم الآلات وحكامهم المحركون.. هم الأجسام وحكامهم أرواحهم .. هم الرؤوس الفارغة وحكامهم مداركهم وإرادتهم! 

 

لا!.. بل الحكومة هي مصالح العامة، وشؤون الأمة، ومنافع الملة، ويقوم عليها الحاكم بالتدبير، ويديرها على قواعد العدالة، وقوانين الإنصاف، ليحفظ للشعب أمنه ويدفع عنه الطامعين فيه.


على الحاكم أن يصرف أوقات عمله في التفكير والنظر في المصالح التي تشمل العامة، وتكفل لهم اطمئنان الأنفس، ونمو القوة العقلية والبدنية  حتى يكونوا جسمًا سليمًا يتمتع بسعادة الحياة، ويقدر على دفع من ينازعه فيها من طلاب التغلب عليهم ممن ليسوا منهم!.

 

على الحاكم  أن ينتخب من الأعوان من يساعده على ذلك بالرأي، وتنفذ ما يشير به العقل السليم، وتقضي به المصلحة المحضة، فينتخب العارفين بأحوال الشعب، والخبراء بما يصلحه وما يفسده، وما يشقيه وما يسعده ..القادرين على إبراز ما يعرفون وما يتصورون إلى الحقيقة العملية.. الصابرين على مقاومة شهواتهم وضبط أهوائهم.


على الحاكم أن يبدل في انتخاب أعوانه أكثر مما يبدله في انتخاب جارية يفترشها أو فرس يركبه.. على الحاكم وأعوانه جميعًا أن يكونوا حفظة أمناء على شئون المحكومين فهم في الحقيقة نواب الشعب ووكلاؤه.. فإن أساءوا التصرف فيما اؤتمنوا عليه، ولم يراعوا ذمة من استنابوهم فللشعب الحق أن يرفع صوته بالتنبيه على مواضع الخلل والإشارة إلى وجوه الضرر.

 

على الحكام أن يعملوا ما وجب عليهم ، وعلى الشعب جزاء ذلك أن يجلهم ويرعى حرمتهم، ويتمثل بالطاعة أوامرهم، فإن أخلوا بشئ من المفروض عليهم فللشعب أن ينبههم بلا خوف!

 

ليست مهمة الحكومات نهب الشعب، بل مهمتها أن تحمي ماله، وإلا فإن الشعب ينظر إلى حكومته نظرة المظلوم إلى الظالم والجريح إلى القاتل والطير إلى الصائد

 

 
 
 

احمد جلال

محمد البهنساوي