«وحيد في زمن العزلة».. معاناة مرضى الزهايمر مع جائحة كورونا

محرر الاخبار مع أحدى المسنيين
محرر الاخبار مع أحدى المسنيين

تحقيق: هاجر زين العابدين 

 

◄ عزلة كورونا ونسيان الأهل و المجتمع سبب انتكاسة  في كثير من الحالات

◄ وحيدة تبحث عن أخبار جمال عبد الناصر بالجرائد

◄ زينب لم تتحمل جحود شقيقها الأصغر ففقدت الذاكرة 

◄مدير دار أمي: المريض يحتاج لرعاية خاصة.. والمعاناة مضاعفة مع إصابات كورونا 

◄ دار الباقيات الصالحات: تكلفة علاج المصاب 13 ألف جنيه شهرياً

◄ استشاري نفسي: مرضى الشيخوخة يمرون بثلاث مراحل أخطرها التقلبات السلوكية بسبب العزلة 

 

 

قد لا يدرك مريض الزهايمر النزيل في أي دار رعاية واقعه الحالي، فشريط ذكرياته يتوقف عن نقاط محددة فقط، إلا أن بين لحظة وأخرى يستعيد واقعه ويعرف أحدهم أن أبنائه تركوه، أو أن زمنه الجميل قد ولت أيامه، هو الآن وحيد وسط زمن بات فيه الاقتراب من الآخرين خطر في ظل جائحة كورونا التي لا ترحم كبار السن، عزاؤه الوحيد أنه سينسى سريعا.

 

مع تفشي وباء كورونا والعزلة التي فرضها على الجميع لمنع انتقال الوباء.. صار حال مريض ألزهايمر ألم جديد يضاف لذكرياتهم المنسية .

 

«الأخبار المسائي» رصدت أوجاع فئة مرضى الزهايمر من داخل دور رعايتهم .

 

تتكئ زينب . ع، 73 عاماً، على إحدى المرافقات لسوء حالتها الصحية ، مرددة عبارات بلغات مختلفة، وتسير رغم كبر سنها بخطوات جادة ، وتردد خلال سيرها وتصدر تعليمات مشددة بضرورة "ربط حزام الطيارة لأنها ستقلع الأن".

 

علمنا من المرافقة لها أنها مصابة بمرض الزهايمر وتوقفت بها الذاكرة عند ممارسة عملها وهي مضيفة للطيران ، وكذلك اللغات التي تعلمتها فتتحدث ثلاث لغات أجنبية، لكنها أصيبت بصدمة شديدة من جفاء أخيها الذي يصغرها بأعوام واستيلائه على ممتلكاتها بعد وفاة والدها لتصاب بحالة اكتئاب شديد جعلها تفقد الذاكرة.     

 

لم تستطع التحدث معنا عن فترة الكورونا لأنها لم تتذكر أنها كانت مصابة، ولكنها تتذكر تكرار غسل يديها باستمرار ولأنها كانت ضمن عاداتها، وأوضحت المرافقة حالتها، بأن ذاكرتها لم تسع سوى حياتها المهنية وعندما كانت تعمل مع أبيها فى محال الصاغة، وكذلك تعليمها لأبناء أخيها اللغة الإنجليزية .. فحاليا لا أحد يزورها ولا يسأل عنها. 

 

وحيدة تبحث عن الزعيم

تتصفح وحيدة.ا ، 70 عاما، إحدى الصحف، لتقرأ أي أخبار عن الرئيس جمال عبد الناصر، فلم تجد ما تريد معرفته فتلقيه بتذمر ثم تنظر في الوجوه المحيطة لتبحث عن صديقتها التي احتفظت ذاكرتها بملامح وجهها، لتقول أين هي  دون تذكر اسم صديقتها المقربة، لتظل جالسة تشعر بالضيق.

 

تعد وحيدة إحدى مرضي الزهايمر  التي احتفظ عقلها بعصر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في حياتها، كل ما تتذكره أنها كانت تمارس مهنة المحاماة، وتفاصيل صغيرة عن أفراد عائلتها الذين يتواصلون معها من حين لأخر، رغم إصابتها بالزهايمر وعدم قدرتها على التذكر إلا أنها تبحث بين الوجوه عن صديقتها التي أصيبت بفيروس الكورونا وتم عزلها.

 

وتردد بعض أبيات الشعر، رغم كونها مريضة الزهايمر ما أثار دهشتنا، تصطحبها المرافقة لها لتتجول معها في حديقة الدار حتي تنسي الوجه التي كانت تبحث عنها بين مسنات الدار.

 

وعلى الجانب الآخر توضح هيام أحمد، مديرة دار أمي لمرضي الزهايمر، أن التعامل مع مريض الزهايمر صعب للغاية وبحاجة لتعامل من نوع خاص، فعند إصابة إحدى المريضات بكورونا كانت ترفض أن تأخذ جرعات الدواء، وعند توفير أطباء للعزل من وزارة الصحة بالدار للتعامل مع حالات كورونا التي تم عزلها  لم يستطيعوا التعامل مع مرضي الزهايمر، حيث يرفضون التعامل مع أي شخص غريب فينتابه شعور بالخوف والهلع، فيتطلب منا الكثير من التحايل من أجل أخذ جرعة الدواء الخاص بهم، وللتغلب على حالتهم النفسية كنا نعد لهم برامج ترفيهية كالموسيقى والعزف وارتداء بدل البهلوان أو بطوط وميكي. 

 

وأوضح  مصطفى إبراهيم، الاستشاري النفسي والاجتماعي بإحدى دور رعاية مرضى الزهايمر، أن هذا المرض له ثلاثة مراحل هي النسيان وضعف الذاكرة، والتقلبات المزاجية كالضحك بدون داعي أو الحزن فجأة، والتقلبات السلوكية وهي الأخطر، فيصدر من الشخص سلوكيات شاذة عن طبيعته.

 

ويضيف: «يعد التعامل مع مريض الزهايمر صعب للغاية وكذلك المسن فهم بحاجة لرعاية من نوع خاص. وأول مراحل العلاج نفسى بجانب العلاج العضوي إن كان مريضاً للسكر أو الضغط وخلافه. هي تجنب  حدوث حالة هياج للمريض، وأثناء الموجة الأولى من كورونا واجهتنا الكثير من المشاكل مع المصابين منهم، فتم نقل كل مصاب بالكورونا في غرف شبيهة للغرف الخاصة بهم بكل تفاصيلها من ألوان وديكور، حتى لا يشعر بالغربة، ويعد الاحتفاظ بالذاكرة البصرية امر هام لمريض الزهايمر وأحد سبل العلاج».

 

عناية مركزة

ويشير اللواء أسامة أدم، المدير التنفيذي لجمعية الباقيات الصالحات، أحدى الجمعيات المختصة لاستقبال المسنين الرجال والنساء وينتشر الأغلبية بالدار من مرضى الزهايمر وينقسم لدار  للرجال   يضم  25 مسنا ودار  للنساء تضم  36 مسنة، وتستقبل المسنين وخاصة من أصابهم الزهايمر ، فهم بحاجة للمعاملة الخاصة دون باقى النزلاء، وتسعى الدار على إعادة التأهيل للمسن نفسيا واجتماعياً وصحياً.  

                                                                                                                                                        

وأضاف  لم تمر  الموجه الأولى من انتشار (كوفيد 19 ) مرور الكرام على الدار فقد أصيب 7 أفراد من الدار ونظراً لأن أغلب من في الدار مسنين فكانت حالة من أصيبوا شديدة الخطورة وجميعها بحاجة للرعاية المركزة، لم نجد أسرة في الرعاية بالمستشفيات الحكومية  أو الخاصة ورغم كل المحاولات المستميتة استطاعوا توفير سريرين بالعناية المركزة في إحدى المستشفيات الحكومية، ولكن مازال هناك 5 أفراد يصارعون الموت ويفتك الفيروس اللعين بأجسادهم الهزيلة كما أن قله التبرعات أثرت بالسلب على الدار.

 

وكانت مسئولية كبيرة وضعت فيها  رئيسة الدار الدكتورة عبلة الكحلاوى وكانت تبحث بكل السبل حتى فى المستشفيات الخاصة وكان يصل اليوم الواحد للمريض فى المستشفى الخاص ل 20 ألف جنيه ، وحين تواصلت مع أحد أبناء المريض ومصارحته بحاجة والده لدعم مادى لم يبد اهتمام.                                                                           

ويشير أدم أن وزارة الصحة ساهمت في الدعم وتم إرسال قوافل  طبية لرعاية المرضى  وقامت بتوفير أسرة للمرضى في العناية المركزة بالمستشفيات الحكومية  .علماً بان تكلفة علاج مريض الزهايمر أو المسن تصل ل13 ألف جنيه شهرياً  .    

 

وقررت د. عبلة  الكحلاوي  تجهيز مستشفى متخصصة لمرضى المسنين بتجهيز ثلاث غرف عمليات ،وثلاثة أخرى للإفاقة وثلاثة للعناية المركزة  وتوفير 60 غرفة للمرضى تسع 120 مريض فضلاً عن أستقبلها للمرضى المسنين للكشف مجاناً من خارج الدار .

 

 اقرأ أيضا: خاص| «التعليم» تكشف عقوبة المدارس الرافضة لدمج الطلاب ذوي الإعاقة

اقرأ أيضا:استجابة لـ«بوابة أخبار اليوم».. حل مشكلة محمد رمضان بعد تحوله لـ«فريدة»