فى الصميم

لهذا تحتفل «نيويورك»!

جـلال عـارف
جـلال عـارف

حدث نادر احتفت به مدينة «نيويورك» حيث أعلن المسئولون فى المدينة الشهيرة أنه قد مرت عليها 24 ساعة كاملة بدون جرائم تسفك فيها الدماء. وهو حدث لم تشهده المدينة التى تحتضن الأمم المتحدة وتلقب بــ «عاصمة العالم» منذ سنوات طويلة.
قد يعود السبب ـ فى رأى الكثيرين ـ إلى الإجراءات الحاسمة التى اتخذتها السلطات فى الولاية لمواجهة الموجة الثانية من «كورونا» التى تضرب المدينة والولايات المتحدة كلها. المدينة التى دفعت ثمنا غاليا فى الموجة الأولى لانتشار «الفيروس» سارعت باتخاذ إجراءات الإغلاق الجزئى وعطلت أخيرا الدراسة فى المدارس وتلقت ـ بسبب ذلك ـ تعنيفات متواصلة من الرئيس «ترامب» الثابت على موقفه المعارض لأى إجراءات حظر كلى أو جزئى!!
قد تكون هذه الإجراءات الاحترازية هى سبب غياب جرائم العنف فى «نيويورك» أو لا تكون. ولكن احتفاء المدينة بيوم بلا دماء يسلط الضوء ـ فى وقت واحد ـ على مخاطر «كورونا» التى مازالت تعصف بأمريكا والعالم، وعلى الخطر الآخر المتمثل فى مناخ الاحتقان الذى يسود أمريكا، والذى يهدد بأن يقود الصراع السياسى الحالى إلى موجة غير مسبوقة من العنف إذا خرجت الأمور عن السيطرة!!
حتى الآن يبدو النظام الأمريكى قادرا ـ من خلال مؤسساته الفاعلة ـ على عبور الأزمة الراهنة وفرض الشرعية وحكم القانون على الجميع.. لكن ماذا إذا استمر التصعيد واستمر التشكيك فى النظام الانتخابى ومؤسسات الدولة ؟! وماذا إذا استمر «ترامب» فى ترديد مزاعمه عن تزوير الانتخابات التى تقول الاستطلاعات أن نصف الجمهوريين مازالوا يصدقونها؟! وإذا كانت هذه النسبة «التى تعنى الملايين» مازالت تصدق. فماذا عن الحلقة الأضيق من المتعصبين للعنصر  الأبيض المعادية للأقليات والرافضة لليسار والليبراليين وحتى اليمين المعتدل؟!
أسئلة كثيرة وإجابات غائبة ومخاوف لابد أن تتصاعد حين ترتفع مبيعات الأسلحة الشخصية بنسبة تصل إلى 40٪ فى مجتمع يقر بالحق القانونى فى اقتناء السلاح الشخصي. بينما الانقسام فى المجتمع يتعمق و«نيويورك» تحتفى بيوم بلا دماء، وكأنها تطلب من الجميع أن يجنبوا أمريكا الأسوأ القادم بكل تأكيد إذا لم ينته العبث السياسى ويعترف الجميع ـ وأولهم ترامب ـ بأنهم مسئولون عن الاختيار بين الدستور والقانون أو الفوضى والعنف الذى يتحملون مسئوليته!!