الإخوان تلك الجماعة الوظيفية؛

الإخوان المسلمون ، كيف تولد الخيانة من رحم الأفكار

طارق عبيد
طارق عبيد

طرح الدكتور عبدالوهاب المسيري مصطلح الجماعة الوظيفية في محاولته فهم سلوك الحركة الصهيونية اليهودية وشرح المصطلح إنه مجموعة من البشر يُسند اليهم بعض الوظائف الدنيا ذات الطبيعة المُشينه، فيري أن اليهودي كان دائمًا الشخص المُرابي ذو الشخصية الكريهة أو الذي يقوم بالاعمال القذرة لصالح الغير.

و بتطور الزمن تطور مفهوم الشخص الوظيفي إلى الدولة الوظيفية (الدولة التي تمثل الجماعة الوظيفية، إسرائيل نموذجًا ) ، مكنها دورها في المنطقة كوكيل للغرب في تحقيق مصالحه الچيوساسية والعسكرية والقائم بالأدوار القذرة من تثبيت مكانها داخل الإقليم وحقق مصالحها بالتبعية.


عادةً يتولد داخل الجماعات الوظيفية ولاء من نوع خاص لأفراد الجماعة يرتبط بأهدافها البعيدة والقريبة وأمام هذا الولاء تسقط أي ولاءات أو انتماءات اخرى..لكن ماهو الرابط بين الحركة الصهيونية  كجماعة وظيفية والإخوان المسلمين..سؤال يأخذنا قليلًا إلى الوراء حيث النشأة.

«الإخوان» نشأت بمعزل عن المجتمع و مارست كل ما عرف من استغلال للدين والسياسة لصالح الجماعة وفي سبيل ذلك تحولت لأداة ( وظيفية) في يد مُشغل أكبر، تارة في يد البريطانين في مرحلة التكوين، ثم مرحلة التعاون مع الأمريكان في بداية الصدام مع عبد الناصر بعد ٥٢، ثم مرحلة نفاق السلطة في عهد السادات لتحقيق توجه عام وقتها بدعم جماعات الإسلام السياسي تماشيًا مع الهوى الأمريكي في حربه الباردة مع الاتحاد السوفيتي في أفغانستان، ثم مرحلة الاحتواء في عهد مبارك و تكوين قاعدة اجتماعية/اقتصادية استعداداً لمرحلة التمكين والتي بدأت فصولها في ٢٠٠٥ مع تطبيق الرؤية الأمريكية للشرق الأوسط الجديد، والتي انتهت بقيام دولة الإخوان فعليًا في ٢٠١١..


لكن لفهم أعمق لحالة الإخوان كجماعة وظيفية نعود للمسيري وتحليله لخصائص الجماعات الوظيفية وسماتها والتي يمكن تلخيصها فيما يلي :
١-العلاقة النفعية: يدخل أعضاء الجماعة الوظيفية في علاقة نفعية مع أي طرف خارج الجماعة حيث يتم استغلاله لتحقيق غرض معين ثم التخلص منه بمجرد انتهاء المنفعة، وأعتقد أننا كنا شاهدين على سلوك الإخوان بعد ٢٠١١ و كيف استغلوا جميع الأطراف للوصول للسلطة وبعد وصولهم تخلصوا من الجميع (مؤتمر الفيرمونت نموذجًا).


٢-العُزلة و الغربة :
يتميز أعضاء الجماعات الوظيفية بشعورهم الدائم بالعزلة عن الأخرين وهي عزلة اختيارية تكلم عنها سيد قطب في كتابة معالم في الطريق و هي مزيج من الإغتراب عن المجتمع  وكل ما يمثله و شعور بالتفوق ناتج عما يُسمى بالإستعلاء الإيماني يقول قطب:«ليس لنا أن نجاري الجاهلية في شيء من تصوراتها، ولا في شيء من أوضاعها، ولا في شيء من تقاليدها، مهما اشتدّ الضغط علينا، حين نعتزل الناس؛ لأنّنا نحسّ أنّنا أطهر منهم روحاً، أو أطيب منهم قلباً، أو أرحب منهم نفساً، أو أذكى منهم عقلاً، لا نكون قد صنعنا شيئاً كبيراً، اخترنا لأنفسنا أيسر السبل»


٣- الإحساس بالهوية الوهمية:
يمارس أعضاء الجماعات الوظيفة نوع من الاستقلال عن هوية المجتمع و يختاروا مرجعية مختلفة تميزهم عن الأخرين و يرتبطون بوطن أصلي أو فكرة قديمة..  الإخوان لديهم شعور دائم بالانتماء للإخوان وفقط هي هويتهم ودينهم المستقل ( تصريح صبحي صالح اللهم أمتني على الإخوان نموذجًا )،وفي سبيل ذلك أحيووا فكرة الخلافة وأصبحت تركيا هي أرض الميعاد يحجون إليها ويدفعون في سبيل رفعتها كل غالي ونفيس، كما هو الحال في فلسطين بالنسبة للحركة الصهيونية.


٤-ازدواجية المعايير والنسبية الأخلاقية:
يطور أعضاء الجماعات الوظيفية رؤية أخلاقية مزدوجة فما يسري عليهم لا يسرى على من خارجهم باعتبار أن الآخر يقع خارج نطاق المحرمات والثوابت الأخلاقية. فنرى الإخوان يبيحون الكذب على من خارجهم و ليس لديهم مشكلة أخلاقية / دينية في استحلال ماله وعرضه تحت مسمى فقه الضرورة فكل شيء نسبي في معاييرهم الأخلاقية، وإذا تعرضوا لأي نوع من هذه السلوكيات مارسوا كل أنواع المظلومية و حاولوا ترسيخ عقدة الذنب عند الطرف الآخر..

الشاهد أن سلوك الإخوان غير المفهوم عند البعض فيما يتعلق بالقضايا الوطنية له ما يفسره إذا فهمنا طبيعة الإخوان كجماعة وظيفية، تتلون وفق مصالح الجماعة مهما تناقضت هذه المصلحة مع مصالح الوطن أو الدين أو كليهما، وأنها ستظل أداة في يد عدو أكبر يسخرها لمصالحه ومصالح الجماعة الضيقة..(سوريا وليبيا وتونس نماذج)وستظل الخيانة جزء من بنيوية الجماعة يتسق مع مفاهيم و عقيدة و سمات أي جماعة وظيفية تمارس تلك الخيانة تحت غطاء من الدين أو العرق أو الطائفة.