إنها مصر

ليكن محمد «صلاح» و«رمضان»!

كــــــــــــرم جبــــــــــــر
كــــــــــــرم جبــــــــــــر

 وزير الشباب والرياضة د. أشرف صبحى بدأ ماراثون "لا للتعصب".
 جماهير ليفربول الرائعة التى تغنى لصلاح، كانت أسوأ جماهير فى العالم، وسجلت يوماً مشئوماً فى تاريخ إنجلترا، عندما حدثت مذبحة فى المدرجات راح ضحيتها قرابة مائة مشجع، فى مباراة فريقهم ضد نوتينجهام فورست، وكان ذلك منذ نحو ثلاثين عاماً.
فماذا فعلوا؟
اتخذوا إجراءات حازمة ومشددة تبدأ من منع الخمور فى المدرجات "الحمد لله ليست عندنا"، وحرمان المشاغبين من مشاهدة المباريات مدى الحياة، والعقوبات المشددة وأهم من كل ذلك رفع درجات الوعى لدى الجماهير.
بيكهام معشوق الجماهير الإنجليزية أخذ على عاتقه المساهمة فى مكافحة العنف، وظل يوجه رسائله للجمهور لحثهم على وقف الشغب، واتباع أساليب معتدلة فى التشجيع والتعبير عن فرحتهم بطرق حضارية تتناسب مع عراقة الشعب البريطانى.
لماذا لا نفعل مثلهم ويكون محمد صلاح مثل بيكهام؟
ويرد الجميل لبلده ومعه كوكبة من نجوم تعشقهم الجماهير، ويقدمون رسائل مستمرة بالتمسك بالتشجيع النظيف والبعد عن التعصب.
وليكن أيضاً الفنان محمد رمضان بما له من شعبية طاغية بين الشباب، إضافة قوية لـ "لا للتعصب"، وأمير كرارة وأحمد عز وأحمد حلمى وغيرهم من النجوم الذين لهم باع عند الجماهير.
وليكن حتى مطربى "الشعبيات"، لمحو الصورة السيئة التى صاحبت ظهورهم، ليقدموا خدمة جليلة، بما لهم من "سميعة" تمتلئ بهم المقاهى والحوارى والأزقة والأفراح والدرجة التالتة.
وليكن أصحاب الصفحات الشهيرة على فيسبوك ويوتيوب والروابط الرياضية وغيرهم بما لهم من قوة التأثير.
"لا للتعصب" قضية أمن قومى تبدأ من البرامج الرياضية والنقاد الرياضيين ونجوم الكرة والمعلقين، وأن يتسلحوا ويسلحوا الجماهير بالوعى والروح الطيبة، ومشوار الألف ميل يبدأ بخطوة.
وإذا تحقق إنجاز فى مكافحة التعصب فى الرياضة، فسوف تنفتح الأبواب أمام كل صور التعصب الأخرى.. التعصب السياسى والدينى والأخلاقى والفنى والاجتماعى، لتعود السمات الأساسية للشخصية المصرية، التى تشوهت فى زحام الأحداث.
فمن أبرز سمات المصريين الشهامة والنبل، والإقدام على مساعدة الغير، وما زالت هذه الصفات موجودة، ولكنها تتشوه ببعض الصور السيئة مثل الندالة وانعدام المروءة وغيرها، فأصبح الطبع السىئ يعكر صفو الصفات الحلوة.
والمصريون معروف عنهم التسامح والانصهار فى البوتقة المصرية المستمدة من جريان النيل، فتشوهت برياح صحراوية، مليئة بالانتقام والتشفى والقسوة والغلظة.
مصر هى التى علمت الدنيا تزاوج الحضارات من الفراعنة حتى الإسلام، ولكن يحلو للبعض أن يختزل صورتها لتبدو متطرفة، ويظهر بعض أبنائها منغلقى العقل والتفكير.
مكافحة التعصب هى بداية الثورة الحقيقية لاستعادة القيم السلوكية والأخلاقية التى تشوهت معالمها، ولكن ظل جوهرها مدفوناً فى قلوب وعقول أبنائها المخلصين، ويحتاج فقط من يزيل التراب عن الجوهر.
التاريخ يقول إن أعظم فترات الأمة المصرية حين تتسلح بالوعى وتكتسى بالتنوير والانفتاح العقلى والبعد عن التعصب والمغالاة والتصلب والتصحر.
من ينادى بمكافحة التعصب ليس رومانسياً ولا يعيش عالماً من الخيال، فالجماهير المصرية لم تصل إلى قسوة الجمهور الإنجليزى، ومباريات المنتخب المصرى خير دليل.
"لا للتعصب" مشروع قومى كبير، يمتد من الدين إلى الرياضة إلى كل مناحى الحياة، لتعود مصر إلى شعبها متوضئة بالتسامح وقبول الآخر، واحتواء الجميع تحت عباءتها.