أول حرب باردة بالشرق الأوسط 

باسم أمين
باسم أمين

عرف العالم أول حرب باردة بين أمريكا والاتحاد السوفيتي وانتهت بتفكيك الاتحاد السوفيتي، وظلت روسيا لعقود تلعق جراحها وعانت بعد الهزيمة الويلات، صحيح الان علي يد بوتين بدأت تتعافى ولكن الي الان لم تعود قطب وند للولايات المتحدة الامريكية كما كانت قبل تفكيك الاتحاد السوفيتي. 

الحرب الباردة هي صراع بين معسكرين  لابد في نهايته من منتصر و مهزوم ولكن بدون طلقة رصاص واحدة وبدون  دماء ولا ان يفقد المتنازعين ارواح وضحايا ولكن احد المعسكرين يخسر تحقيق اهدافه وقد يخسر بقاءه وقد تنتهي بانهيار تحالفات ودول، ولذلك سميت بالحرب الباردة لانها حرب عقول لا بارود فيها ولا نيران وحرب النفس الطويل حيث بدأت اول حرب باردة في التاريخ من منتصف الاربعينات حتي اوائل التسعينات، صراع استمر قرابة الخمسون عام. 

وعلى الرغم من ان الحرب الباردة كما نعلم نشبت بين قوتين عظمتين ولم تحدث اي حروب باردة بعد ان انتصرت امريكا علي الاتحاد السوفيتي وفككته الا ان الادارة المصرية استطاعت ان تواجه تركيا واطماع اردوغان وحروبه القذرة بنفس تكتيك الحرب الباردة واهمها (حصار تحركات العدو دوليا)  ولكن على الطريقة المصرية ووفق معطيات الاحداث والظروف المتجددة. 

فمنذ قيام ثورة 30 يونيو عام 2013 و مصر تواجه حماقات الخليفة الواهم فنجده استخدم جهاز استخبارات بلاده في تنفيذ عمليات قذرة و انتقامية من الشعب المصري الذي اطاح باحلامه و اوهامه في السيطرة علي المنطقة بعدما اسقط وكلاءه في مصر بثورة خرج فيها اكثر من 30 مليون مصري. 

بالاضافة لقيام اردوغان واستخباراته بتمويل تنفيذ عمليات ارهابية داخل مصر وذلك بشهادة من تم القبض عليهم متلبسين قبل او بعد تنفيذ تلك العمليات عن طريق الوسطاء الهاربين من جماعة الاخوان الارهابية بتركيا. 

ولم ينتهي الامر عند هذا الحد بل قام بفتح استوديهات وقنوات للاخوان الهاربين بتركيا للتحريض على الدولة المصرية بحجة انهم معارضين مصريين وهم في الحقيقة العن من الخونة ولم اجد في اللغة العربية وصف يليق بهم لأن الخائن يخون في الخفاء ويستر خيانته لوطنه وشعبه ويعيش طوال حياته خوفا من ان يفتضح امره اما هولاء يتباهون بالخيانة و يعلنوها صراحة و يظهرون يوميا على شاشات قنواتهم المضللة ليتنفسون الخيانة ويبثو سموم افكارهم عبر قنواتهم الفضائية الممولة من قطر و المدعومة من تركيا. 

قرر اردوغان ان يخوض الحرب  ضد الدولة المصرية ولكن بالطرق القذرة وفق علم الصراعات والحروب، ولكن مصر قررت ان تدافع عن نفسها بشرف في زمن عز فيه الشرف كما قال سيادة الرئيس السيسي في احدى تصريحاته، قررت مصر ان تدافع عن نفسها بطريقتها  وباسلوبها وباعتبار انها دولة مؤسسات وليست دولة فرد ونظام وعصابة كما يفعل اردوغان.

فبدأت بتكوين تحالفات دبلوماسية عربية اولا بين المملكة العربية السعودية و الامارات و الاردن والبحرين لتنسيق و ترتيب المواقف العربية في مواجهة الاطماع التركية القطرية بالمنطقة، ثم اتجهت شمال البحر المتوسط وعقدت اتفاقيات ترسيم الحدود البحرية مع اليونان وقبرص مما ادى الى استفادة تلك الدول من ثروات الغاز الكامنة باعماقه بمنتهى الاتساق مع مقررات الامم المتحدة و القانون الدولي في ذلك الشأن و التي نتج عنها عدة اكتشافات بترولية مصرية بالبحر المتوسط اهمها على الاطلاق حقل ظهر درة اكتشافات الغاز بالبحر المتوسط على الاطلاق.

وفي ظل غمار تلك المعارك الدبلوماسية لم تنسى مصر دورها وواجبها في الحفاظ على الدولة الليبية من اطماع الخليفة الواهم فدعمت مصر الجيش الوطني الليبي بقيادة الفريق خليفة حفتر و وحدت الداخل الليبي و جمعت القبائل المكونة للشعب الليبي و طلبو صراحة تدخل القوات المصرية لحفظ مقدرات الشعب الليبي من اطماع اردوغان وحماية الشعب الليبي من عبث المليشيات الارهابية المحمولة جوا من سوريا الي ليبيا تحت سمع ونظر العالم بخطوط الطيران التركية وبدعم وتمويل تركي قطري لتلك المليشيات، فقررت مصر ان تضع لتلك التجاوزات بخط احمر اعلنه الرئيس السيسي وهو خط (سرت - الجفرة)  1000 كيلو متر بالعمق الليبي و الى الان ورغم مرور شهور على هذا التحذير المصري لم يتجرأ اردوغان ان يأمر مليشياته بليبيا بالاقتراب من ذلك الخط ولا حتى من باب حفظ ماء الوجه امام انصاره من حريمه وصبيانه. 

فمصر لم تواجه الارهاب على اراضيها  بالارهاب علي الاراضي التركية ولم تواجه المليشيات في ليبيا بمليشيات اخرى من المرتزقة وهذة هي الحرب بشرف هذا هو الفرق بين العصابة والدولة. 

ورغم كل تلك الطرق القذرة الاردوغانية فنجده الان يعلن موتسلا طلبه ان يبدأ حوارا مع مصر و بدأت نغمة التهكم و الهجوم علي الادارة المصرية الحالية تتحول الي نغمة تودد وتقرب وبدأ عبر مستشاره ياسين اقطاي بارسال رسائل ناعمة للجانب المصري ولكن هيهات. 
فلا حديث مع من بدأ بالعداء و باقذر الطرق و لا مصالح مشتركة مع من قرر ان يقرصن الثروات بالبحر المتوسط معتقدا انه لن يجرؤ احد على ردعه ورغم توسلات الخليفة الواهم بعدما ايقن و اقر بهزيمته وحصاره بل وعزله تماما عن اقليمه ومحيطه بقوة مصر الدبلوماسية فقط و بعد ان رأى بعينه انه لا مجال للصوت العالي و العجرفة و البلطجة فيما يخص اقتسام ثروات البحر المتوسط  لا تزال الادارة المصرية صامته ولا ترد على  توسلاته كما دافعت عن نفسها ودخلت غمار  الحرب صامته  ولم تدخل الادارة المصرية في الحرب الكلامية التي شنها الجانب التركي بقيادة اردوغان وكان الرد المصري دائما في الملعب وفي حلبة الصراع بتسجيل الهدف تلو الاخر و الصفعة تلو الاخري لن ترد مصر على الخليفة الواهم بأية احاديث ولا مبادرات ولو اتى زاحفا،  و من تجرأ وبدأ حربا على مصر عليه تحمل تبعات انهاء مصر لتلك الحرب كيفما ووقتما ارادت.