إنها مصر

مكارم الأخلاق

كرم جبر
كرم جبر

«إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق»، و«إنك لعلى خلق عظيم»، ومكارم الأخلاق التى تحدث عنها الرئيس عبد الفتاح السيسى فى احتفال المولد النبوى أمس تشمل أيضاً:
أولاً: الإيمان بكافة الأديان، والاعتراف بالرسل جميعاً واحترام كل الرسالات السماوية، لأن الله اصطفى المسلمين واختارهم، ومن يقع عليه الاختيار عليه أن يكون أهلا له.
ويركز الرئيس على هذا المعنى فى مرات عديدة، أتذكر منها قوله إذا راودك الشك فى أخيك المسيحى ونظرت إليه نظرة ملتبسة، فعليك أن تراجع إيمانك، فالإيمان الحقيقى يقوم على احترام أبناء الديانات السماوية، وعدم ازدرائهم أو التشكيك فيهم.
ثانياً: عدم الاستهانة بالأديان السماوية والرسل، والابتعاد عن كل صور الإساءة، وجرح المشاعر بأى صورة، ففى العالم الإسلامى مليار ونصف مليار مسلم، لو كان هناك واحد فى المائة متطرف، فيكون العدد ١٥ مليوناً، ولا يمكن أن يؤخذ المسلمون بذنب المتطرفين.
لا يمكن أن تتحمل الفئة الكبيرة أخطاء أعداد قليلة، فلا نؤذى مشاعرهم، ولا يؤذون مشاعرنا، والأمر يتطلب من الجميع أن يزن بدقة الأمور التى يتحدث فيها ويبتعد عن الإيذاء.
ثالثاً: من يحب رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه أن يتحلى بخلقه وسلوكه الرفيع وصفاته التى أضفت على البشرية جمعاء المحبة والسلام.. وكان رسولنا الكريم كريماً متواضعاً، لأن الاستعلاء ضرب من ضروب التطرف.
فى ذكرى مولد النبى الكريم كان الاحتفال بسيطاً ومعبراً فى قاعة المنارة، بحضور كبار رجال الدولة وشيخ الأزهر ووزير الأوقاف، وإقامة الاحتفال هذا العام فى هذا المكان سهل على الحضور المشقة التى كانت تحدث فى مركز الأزهر بمدينة نصر، حيث كان المرور يصاب بالشلل التام.
وإذا عدنا لمكارم الأخلاق، ففى حياتنا الكثير من صور المساوئ التى تتنافى مع خلق الرسول الكريم، ولو اتبعنا سيرته لانصلحت أمور العباد.
فالمسلم الحقيقى لا يكذب ولا يسب ولا يغتال ولا يشوه الآخرين ولا ينال من سمعتهم، وفى حياتنا تتعدد الصور والحكايات، ولا تكاد تجد مصرياً واحداً إلا ويشكو من مساوئ الأخلاق، وانحدار القيم والمبادئ والسلوك.
خذ مثلاً بمواقع التواصل الاجتماعى التى تحول بعضها إلى منصات للشتائم وهدم القيم، وقبل بدء الاحتفال أمس سمعت من وزراء ومسئولين شكاوى متعددة من وقائع السب والقذف والتطاول، ولا يترك ذلك صغيراً أو كبيراً.
والحل هو: أولاً التوعية بالعقوبات المغلظة المنصوص عليها فى القوانين، ولكنها لا تأخذ طريقها إلى التطبيق، فيشعر المخطئ أنه لا عقاب، وتكون النتيجة أنه يتمادى ويستفحل.
لو طُبق القانون بشدة على من يسيئون للآخرين فى فيس بوك وغيره، وقصمت الغرامة الكبيرة ظهورهم، واحتوت السجون بعضهم، لفكر المسيء ألف مرة قبل أن يخوض فى الآخرين.
المثل يقول «من أمن العقاب أساء الأدب».. ورسولنا العظيم كان مدرسة لمكارم الأخلاق.