بشرة خير للسياحة في مواجهة «البطة المرتاحة»  

محمد البهنساوي
محمد البهنساوي

◄تحرك جاد للعناني لمواجهة العشوائيات وإعادة المليارات

◄الزوجات الأجانب.. والروسيات بالفنادق ومقاهي الغردقة.. أوجه أخرى للخطر

◄ ردود أفعال تؤكد سرعة التحرك.. وتكشف البعد الاجتماعي الحقيقي للمشكلة  

«أخبار البطة المرتاحة إيه».. هكذا فاجئني الدكتور خالد العناني وزير السياحة والآثار خلال لقائي به على هامش افتتاح أول استراحة بمنطقة الأهرمات.. الوزير قال تلك الجملة مداعبا في إشارة لمقالي الماضي الذي تم نشره قبل اللقاء بيوم واحد تحت عنوان «البطة المرتاحة والمليارات الضائعة».. وتحدثنا فيه عن الكارثة التي تواجه قطاع السياحة منذ عقود بتقديم الخدمات السياحية للمصريين والأجانب من قبل من لا يحمل تراخيص بذلك بشكل يمثل عشوائية سياحية تهدد القطاع الاقتصادي الأهم في مقتل.. مداعبة الوزير جاءت تحمل بشرى سارة لصناعة السياحة وأمل كبير في القضاء نهائيا على تلك الظاهرة.  

لقراءة مقال البطة المرتاحة اضغط هنا

فبعد هذه المداعبة قال الوزير بنبرة جادة حاسمة: «أولا: أن متفق مع كل ما كتبت.. وثانيا: بطمنك وعايزك تطمن القطاع كله إننا هنقضي على كل "بطة مرتاحة" علشان نحافظ على أموال الدولة وسمعة السياحة».

وواصل الدكتور خالد العناني حديثه المهم ليعلن أن الوزارة بصدد وضع قانون جديد للتراخيص والخدمات السياحية - سيتم مناقشته أمام البرلمان القادم - يمنع أي جهة من تقديم خدمات للسائحين إلا بترخيص من وزارة السياحة والآثار.

وأضاف أن الوزارة ستتواصل مع الإتحاد والغرف السياحية لرصد ملاحظاتهم وسبل مواجهة الظاهرة لمراعاتها في القانون المنتظر الذي سيحمل عقوبات رادعة للمخالفين.

وأشار العناني إلى أنه على دارية تامة بكل السلبيات التي تواجه السياحة من المتطفلين والعاملين بلا ترخيص سياحي بجانب الخسارة الفادحة التي يتكبدها الاقتصاد القومي.. وأكد الوزير حرصه على أن يصدر هذا التشريع في أسرع وقت ممكن.. 

وبصراحة.. كنا نتوقع هذا التحرك السريع من الدكتور خالد العناني.. فالرجل منذ توليه الحقيبتين معًا لا يألوا جهدا في حل مشاكل القطاع السياحي بل ونجح في تحقيق مطالب وقرارات كانت حلما للقطاع منذ سنوات وعقود.. لن نشكر الوزير.. وسنؤجل الشكر لحين إنجاز هذا التشريع ونثق أنه سيتم إنجازه في أقرب وقت كما وعد العناني.  

ردود وإجماع 

رد فعل الوزير لم يكن الوحيد على المقال الذي نشرناه قبل أيام.. لكنه الأهم لذا وجب أن نبدأ به لنبشر القطاع الذي انهالت علينا ردود أفعاله مقدرين إثارة تلك المشكلة القديمة المتجددة.. وقد كشفت الردود أعمال عشوائية عدة بجانب ما كتبناه.. فإذا كنا تحدثنا في المقال السابق عن الشركات التي تحمل اسم «خدمات سياحية» وتنظم رحلات للسياح والمصريين وتقوم بالحجز في الفنادق والمطاعم وغيرها بلا ضوابط.. وشركات نقل ركاب تعمل في نقل السائحين بالمخالفة للقانون لمجرد أنها أضافت لفظ «السياحة» لإسمها وضربنا المثل الشهير: «البطة المرتاحة للسفر والسياحة».. ومثلهم تأتي المطاعم المرخصة من المحليات.. كل هؤلاء يقدمون الخدمات السياحية مثلهم مثل الكيانات المرخصة.. الفارق الكبير أو قل الخطير - إن صح التعبير- أن تلك الكيانات العشوائية تعمل بلا ضوابط ولا رقابة.. وتتهرب من الضرائب والرسوم المفروضة على المرخصين.  

وقد كان هناك إجماع من الردود العديدة التي وصلتنا على أمرين مهمين.. الأول: أن هذه القضية هى الأخطر في مواجهة القطاع السياحي الرسمي والخاص.. والثاني: أن الوقت الحالي هو الأمثل والأنسب لمواجهتها سواء في إطار محاربة الدولة وبتعليمات رئاسية لكل الأعمال غير المرخصة والعشوائية.. أو لأن السياحة مثل قطاعات عديدة تعاني من أزمة حادة ولا تحتمل عشوائية الدخلاء.. وأسهبت الردود في شرح أشكال عدة في العمل السياحي العشوائي المخالف.. وأيضا إضافة مخاطر أخرى كانت غائبة عن بالنا.. فمثلا أمير فهيم الإعلامي والخبير السياحي يقول: «نسيت أن تشير في المقال إلى الأجنبيات المتزوجات من مصريين وينتشرن بشرم والغردقة.. وتزداد حدتها بالغردقة.. حيث تقمن بالتواصل مع السائحين من نفس جنسياتهم مستغلين عامل اللغة والجنسية وينظمن رحلات للأقصر بأتوبيسات نقل عادي "زي البطة المرتاحة" والشركة الجالبة للسائحين أخر من يعلم.. وهناك روسيات وأوكرانيات وجنسيات أخرى ينتشرن بفنادق الغردقة وشرم يتصلن بغرف السائحين من نفس جنسياتهم لبيع البرامج الاختيارية بنفس الطريقة بعيدا عن أعين الفندق والشركة المرخصين».  

العديد من أصحاب المطاعم ومنهم مثلا هشام وهبة عضو مجلس إدارة غرفة المنشآت السياحية أكدوا على أهمية تلك القضية ومعاناة تلك المنشآت لسنوات طويلة من المطاعم والكافيهات غير المرخصة سياحيًا وتقدم خدماتها للسائحين بلا ضابط أو رابط.. وأضافوا أن مواجهة هؤلاء الدخلاء سوف تمنح قبلة الحياة لآلاف المنشآت وملايين العاملين بها.  

 البعد الاجتماعي الحقيقي  

أما الخبير السياحي مودي الشاعر عضو مجلس إدارة غرفة السياحة الأسبق فيقول إن هذه القضية من أهم القضايا التي تواجه صناعة السياحة.. وحان الوقت لمواجهتها والقضاء عليها.. ويضيف: «جولة واحدة بشوارع الغردقة ومقاهيها تكشف حجم "الخرتية" الذين يعملون بدون ترخيص في تنظيم كافة أنواع الرحلات للسائحين معرضين حياتهم للخطر ويهددون سمعة السياحة المصرية».

ويضيف مودي: «طرحنا تلك المشكلة لسنوات ولم نجد استجابة.. وجميع المسئولين يبدون تفهمهم للمشكلة لكنهم كانوا يتذرعون بالبعد الاجتماعي للعاملين بتلك العشوائيات.. اليوم أناشد المسئولين بمراعاة البعد الاجتماعي الحقيقي لملايين العاملين بقطاع السياحة.. فقد جاءت "كورونا" لتقصم ظهر الجميع مستثمرين وعاملين بالقطاع مع الحرص على عدم التفريط في عامل واحد.. إذن لابد من مراعاة هؤلاء الملايين ومنع من يقاسموهم أرزاقهم بلا سند من القانون.. بجانب المليارات الضائعة على الدولة».

الدور على النت  

وإذا كان القطاع قد وضع أمله على الوزير النشط الدكتور خالد العناني.. فالرجل لم يخذلهم وكشف عن بدء التحرك الحقيقي للمواجهة.. لكن تتبقى المشكلة الأخرى وهى الحجز الإلكتروني العشوائي وغير المنظم أو مراقب.. وكم كنا ننتظر أن يخرج علينا أحد مسئولي إتحاد الغرف السياحية ليرد على ما أكدناه بالمقال السابق عن وجود مشروع سابق بالإتحاد لمنصة إلكترونية تحكم السوق وتنظمه.. لكننا لن نفقد الأمل ونثق في تحرك قريب من المحترم أحمد الوصيف رئيس الإتحاد وأعضائه الموقرين وأيضا غرفة شركات السياحة وبوابة العمرة لكشف التطوير الحادث فيها والذي قد يلبي المطالب الحالية.

خطوة كبري بدأها الوزير ونتعشم أن تتلوها خطوات حفاظا على الأموال الضائعة وسمعة القطاع السياحي عالميا.