أزمة بكين وواشنطن سبب جنون الذهب.. والانتخابات الأمريكية تحدد مصيره

الذهب
الذهب

كتب محمد قنديل:

يوماً بعد آخر يفقد الذهب استقراره فى الأسواق سواء العالمية أو المحلية، ويستمر تذبذب الأسعار بين الصعود والهبوط بشكل يلقي بظلاله السلبية على حركة تداول المعدن الأصفر.

وبدت هذه الأزمة أكثر حضورا فى أعقاب تفشى جائحة فيروس كورونا، وثارت تساؤلات كثيرة عن أسباب هذا التخبط، وإمكانية عودة الأسعار لاستقرارها.

وفقاً لصحيفة «هاندلسبلات» الاقتصادية الألمانية، دفع تفشى «كورونا» البنوك المركزية الرئيسية فى جميع أنحاء العالم إلى تبنى تدابير هائلة للحفاظ على اقتصادها من الانهيار، مما تسبب فى ارتفاع قيمة الذهب، حيث يتم النظر إليه على أنه خط دفاع مهم ضد انهيار العملة ومعدلات التضخم التى من شأنها الإضرار بالاقتصاد، ويظل هبوط سعره فى الأيام الأخيرة يمضى بمعدل أقل بكثير من ذلك الذى ارتفعه فى ذروة الجائحة.

وتاريخياً هناك محطات شهدت تحولا جذريا فى مسار المعدن الأصفر، ربما كانت بدايتها فى 1792 حين حدثت واحدة من أهم الحركات للعملة الداعمة لمعدنى الذهب والفضة، بعد أن وضعت الولايات المتحدة الأمريكية الدولار كمعيار له، وبعد حوالى قرنين من الزمن، تحديداً عام 1971، سحب الرئيس الأمريكى ريتشارد نيكسون الولايات المتحدة من معيار الذهب، وهو تغيير اقتصادى كان له تأثير كبير على سعره آنذاك فى جميع أنحاء العالم، وظهر ذلك بوضوح فى يناير 1980 عندما ارتفعت اسعار الذهب من 25 دولاراً للأونصة إلى 850 دولاراً، ثم انخفض السعر لمدة 20 عاماً، حيث وصل إلى 377٫18 دولار فى عام 2001، قبل أن يرتفع ليصل إلى ذروته فى العام الحالى بسعر 2075٫08 دولار، وهبط قليلاً هذه الفترة وسط عدم استقرار واضح.

ويوضح د.عبد المنعم السيد، رئيس مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والإستراتيجية، أن السبب الرئيسى فيما حدث للذهب مؤخرا يرجع إلى الحرب الاقتصادية الشرسة بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية، والتى اشتعلت فى ديسمبر عام 2019 بعد قيام الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بتضييق الخناق على شركات صينية كبرى مثل «هواوى» وغيرها، وهو الأمر الذى دفع بكين إلى الرد بقوة عن طريق بدء شراء الذهب بكميات كبيرة جداً ليتضاعف حجم احتياطياتها منه، مما أدى لارتفاع أسعاره عالميا، كما اتجهت بكين أيضاً إلى بيع أذون الخزانة الأمريكية قيمتها 201 مليار دولار، من بين إجمالى ما تمتلكه منها وتقدر بنحو 1٫17 تريليون دولار، وهو ما تسبب فى هبوط قيمة الدولار الأمريكى، وبالتالى ارتفاع سعر الذهب، فالعلاقة عكسية بينهما.

ويتابع أن هذه الحرب دفعت دول العالم للاتجاه إلى «مخزون القيمة» وهو الذهب، للهروب من انهيار الدولار، مما ساهم فى ارتفاع أسعاره، وانعكس ذلك على السوق المحلى، حيث تتأثر مصر بالبورصة العالمية للذهب، ويبلغ حجم المتداول منه فى مصر 200 طن سنوياً.

ويرى رئيس مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية، أن هناك 3 مراحل سترسم مستقبل الذهب خلال الفترة المقبلة، الأولى تستمر من الآن حتى انتهاء الانتخابات الأمريكية وإعلان الرئيس الأمريكى فى نوفمبر المقبل، وخلال هذه المرحلة سسيشهد المعدن الأصفر حالة من ثبات الأسعار، أما المرحلة الثانية فتبدأ فى حال استمرار ترامب رئيساً لأمريكا، وفى هذه الحالة ستستمر الصين فى سياستها الاقتصادية ضد الولايات المتحدة وبالتالى يُتوقع حدوث اضطرابات حادة فى أسعاره على مستوى العالم.

وأشار إلى أن بينما تنطلق المرحلة الأخيرة فى حال فوز بايدن، وحينها ستحدث حالة من الهدنة والتفاهم الاقتصادى بين بكين وواشنطن، فيحتفظ الدولار بقيمته ويهبط سعر الذهب ويستقر.