وقف إطلاق النار في ليبيا.. تحديات وصعوبات وخبراء يضعون الحل

المليشيات المسلحة في ليبيا لها سطوة كبرى في الغرب الليبي
المليشيات المسلحة في ليبيا لها سطوة كبرى في الغرب الليبي

ثلاثة آلاف وثمانمائة وواحد وتسعون يوما مرت على الليبيين منذ الشرارة الأولى على أحداث السابع عشر من فبراير عام ألفين وأحد عشر، شاهدوا خلالها كل أنواع العنف من قتل وخوف ورعب وخراب وهروب ودمار وتشريد بين البلاد، جرائم نزعت من تلك البلاد استقرارها بعد أن كانت آمنة مطمئنة.

 

وقف إطلاق النار.. واختراقات متعددة

 

فبعد نحو أكثر من 9 سنوات، توصل الليبيون أنفسهم إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، لمنع نزيف الدم بين أبناء البلد الواحد، ذلك الاتفاق لم يكن الأول من نوعه بل سبقه العديد من تلك الاتفاقات التي لم تلبث إلا ساعات أو أيام قلائل إلا أن يخترقها أحد الأطراف.

اقرأ| المسماري: الجيش الليبي ملتزم باتفاق وقف إطلاق النار

مؤتمر برلين

الاتفاق الذي توصل إليه الليبيون الجمعة في 23 أكتوبر ربما يختلف كثيرا عن مثيله من الاتفاقات الأخرى، إذا هو نتاج مؤتمر برلين الذي عقد في 19 يناير 2020 وفي 19 يناير 2020، الذي جمع حكومات الجزائر والصين ومصر وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وروسيا وتركيا وجمهورية الكونغو والإمارات وبريطانبا وأمريكا وممثلين عن الأمم المتحدة، والاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية.

 

إنجاز تاريخي

 

بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا وصفت محادثات اللجنة العسكرية المشتركة 5+5 في جنيف التي تعد الرابعة ضمن مسارات مؤتمر برلين بين العسكريين من طرفي النزاع بأنها تتويج وإنجاز تاريخي باتفاق دائم لوقف إطلاق النار في جميع أنحاء ليبيا.

اقرأ| تواصل ردود الفعل الدولية والعربية المرحبة بوقف إطلاق النار في ليبيا

بند رقم واحد

المحادثات تمت في مدينة جنيف السويسرية بين خمسة ضباط من الطرفين يمثلان حكومة الوفاق والجيش الوطني الليبي، وقد وقع الطرفان على اتفاق يتضمن 5 مبادئ عامة و12 بندا أساسيا بدأت بالأول ونصه  «اتفقت اللجنة العسكرية 5+5 على الوقف الفوري لإطلاق النار ويسري ذلك من لحظة توقيع هذا الاتفاق».

 

وقف إطلاق النار في ليبيا لم يكن مفروشا بالورود بل تواجهه تحديات وصعوبات جمة ترصدها «بوابة أخبار اليوم» عبر استطلاع آراء بعض المحللين السياسيين والخبراء الليبيين، الذين أكدوا أن الحل الوحيد لضمان تنفيذ اتفاق دائم لوقف إطلاق النار هو نزع سلاح المليشيات وتفكيكها.

اقرأ| فيديو| تفاصيل الاشتباكات العنيفة بين المليشيات في ليبيا

سطوة المليشيات

حاتم خليفة رئيس منتدى الشباب الليبي، أكد في تصريحات خاصة لـ«بوابة أخبار اليوم» أن بند وقف إطلاق النار في المصالحة الليبية التي تم توقيعها بين أطراف النزاع في مدينة جينيف تقف أمامه سطوة المليشيات التي تسيطر على العاصمة والغرب الليبي وخاصة المؤدلجة منها والتابعة للتنظيمات المتطرفة مثل الإخوان المسلمين والقاعدة والجماعة الليبية المقاتلة.

 

«خليفة» أضاف أن العسكريين الممثلين لحكومة الوفاق الذين وقعوا الاتفاق لا يملكون السيطرة على المليشيات التي تسيطر على المشهد كله في مدن الغرب الليبي بل إن رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق فائز السراج ووزير دفاعه صالح النمروش لا يملكون اي سيطرة على تلك المليشيات.

 

مركزية الجيش الليبي

رئيس منتدى الشباب الليبي أوضح أيضا أن متأكد حق التأكيد من استطاعة العسكريين الخمسة التابعين للقيادة العامة للجيش الوطني الليبي تحت قيادة المشير خليفة حفتر من تحقيق كل بند وقعوا عليه في ذلك الاتفاق لأنهم يتبعون لمؤسسة عسكرية تحكمها قيادة مركزية ولوئح وقرارات عسكرية بخلاف العسكريين التابعين لحكومة الوفاق.

اقرأ| المبعوثة الأممية تشكر حفتر على دعمه الكبير لحقن دماء الليبيين

أما المحلل السياسي عبد العظيم البتشي، فيقول إن «الأمر لن يكون سهلاً، وقد يأخذ وقتاً. لكن لو صلحت النوايا، لن يكون تحقيقه أمراً صعباً أيضاً شريطة إزالة بعض المعوقات الداخلية كي يكتب له النجاح، وفي مقدمتها تفكيك شبكات المصالح المعقدة التي استحدثت لنفسها مراكز نفوذ، وباتت تدافع عن مكتسباتها بالقوة، بالإضافة إلى اجتثاث جذور جماعات الفساد المتوغلة بـأنحاء ليبيا».

 

الحل الوحيد.. تفكيك المليشيات 

 

الحل الوحيد لتنفيذ ذلك القرار هو ما ذهب إليه جميع الخبراء والمتابعين للشأن الليبي، ومنهم رمزي رميح مستشار المنظمة الليبية لدراسات الأمن القومي، حيث أشار إلى إن النقطة المهمة للتمكن من تنفيذ الاتفاق هو التفكير في حل المليشيات المسلحة ونزع سلاحها البالغ 50 مليون قطعة سلاح، حيث إن كل الأمور السياسية في ليبيا لن تنجز تحت تهديد السلاح المنفلت.

 

آلية التنفيذ

مستشار المنظمة الليبية لدراسات الأمن القومي وضع يده على آلية تنفيذ نزع سلاح المليشيات وتفكيكها، موضحا بقوله: «إنه إذا صدقت النوايا، فإن لجنة نزع السلاح التابعة للأمم المتحدة ستستطيع نزع السلاح من أيدي المليشيات كما حدث في أفريقيا والبوسنة».

 

وزير دفاع دون صلاحيات

 

حديث الخبراء في التشكيك في قدرة الميليشيات على الإذعان لما وقعه ممثلو حكومة الوفاق بوقف دائم لإطلاق النار يؤكده مشاهد مثيلة وكثيرة آخرها فشل وزير الدفاع التابع لحكومة الوفاق في الفصل بين ميليشيات متنازعة في العاصمة طرابلس وعدم تنفيذ قرارات وزارته حتى جاء الحل من مليشيا ثالثة.

اقرأ| فوضى مليشيات ليبيا.. «البقرة» التي فضحت «نمروش السراج»

الأمر يعود إلى الجمعة 25 سبتمبر الماضي حيث شهدت مدينة تاجوراء اشتباكات عنيفة اندلعت بين «مليشيا الضمان» و«مليشيا أسود تاجوراء» في الغرب الليبي بسبب قيام مجموعة من المليشيا الأولى بإطلاق النار على عنصرين من المليشيا الأخرى وقتلهما.

 

وفي تلك الأثناء حاول صلاح النمروش وزير دفاع حكومة الوفاق السيطرة على الأمر فقرر حل الكتيبتين، لكن قراره لم يعر له أحد أي انتباه، ثم قرر إحالة قادة الكتيبتين إلى المدعي العسكري في طرابلس للتحقيق معهم فكان قراره هو والعدم سواء.

  

الحل لم يأت من أي مؤسسة تابعة لحكومة الوفاق بل جاء من أحد قادة المليشيات الأخرى المعاقب دوليا وهو صلاح بادي قائد ميليشيا الصمود، وأحمد خلف الله قائد ميليشيا البقرة.

 

تحذير البعثة

 

البعثة الأممية للدعم في ليبيا التي كانت حاضرة توقيع الاتفاق بـ4 ممثلين على رأسهم رئيسة البعثة ستيفاني وليامز، لم تضع أي آلية لتنفيذ بند وقف إطلاق النار في المصالحة الليبية، لكنها اكتفت بأن "مجلس الأمن سيعاقب كل من يعرقل وقف النار في ليبيا".

أقرا | المبعوثة الأممية إلى ليبيا: مجلس الأمن سيعاقب كل من يعرقل وقف إطلاق النار