شارل شابلن العرب.. عمر الجيزاوي ملك الضحكة 

عمر الجيزاوي
عمر الجيزاوي

أُطلق عليه «شارل شابلن» العرب، لكثرة إضحاكه لرواد السينما بينما كان شابلن يضحكهم بفنه الصامت، كان الجيزاوي يضحكهم بلغته الصعيدية وأسلوبه المتميز في إرتداء الزي الصعيدي وذوقه في اختيار أدواره، لم ينس أبدا في أداؤه أنه ابن الصعيد بمحافظة أسيوط

ولد الممثل والمطرب الشعبي عمر سيد سيد سالم، الشهير بعمر الجيزاوي، بمحافظة أسيوط مركز أبوتيج عام ١٩١٧ م، وتعلم في كتاب المركز وشغف بالغناء والفن، وقرر الهرب من حياة الزراعة والعمل بالفن ولذلك قرر الخروج من أسيوط عقب وصوله سن الشباب ليعمل بالفن وسكن بمحافظة الجيزة، وأطلق على نفسه لقب شهرته عمر الجيزاوي. 

لم يستكمل تعليمه وعمل في ورشة أبيه وفي الأفراح والملاهي الليلية، عرف بتمثيل شخصية الصعيدي الساذج، وقد توقف قبل ثورة ٥٢، وقد تزوج من الراقصة اللبنانية أنوار حسين، وفي نفس الوقت كان متزوجًا من امرأة مصرية، لم يستطع الخروج من دور الصعيدي، فظل يرتدي جلبابه إلى أن استهلكت هذه الشخصية نفسها من منولوجاته الشهيرة.

اقرأ أيضا| محافظة أسيوط والمنطقة الجنوبية العسكرية يفتتحان مدرسة نزلة باخوم الابتدائية 

حياته الفنيه

بدأ «الجيزاوي»، حياته الفنية عقب انتقاله لحياة العاصمة في حارة «درب الروم» بالجيزة، واحترف الغناء مطربا لكل أفراح الجيزة والضواحي المجاورة لها، حتى تخصص عمر الجيزاوي في تقديم اللون الصعيدي من منولوجاته المشهورة.

منولوجاته الوطنية

غنى للناس في أكثر من مكان، منها أغنية «مش ممكن أبدا أصبر وأرضى أعيش في بلادي ذليل، وسلاحي معايا أتشمر لأجل أحارب كل دخيل، وأنا مصري وأخويا الأسمر جندي سوداني وأبونا النيل، وبشطارتي لما أتشجع بكرة أترقى وأبقى شاويش، يا عيش يا عيش». 

رسالة بالصعيدي

كتب أول رسالة في حياته، من شدة الفرح إلى ابن عمه في أسيوط قال فيها : «حضرة ولد عمنا المبجل حمدان، من ذوي العشر فدادين وجاعد بجهوة البندر بجوار محطة الجطر، أدام الله من بعد مزيد السلام والأشواج والسعال على الصحة، سلامتكم وصحة الأندال يقصد «الأنجال» نخبركم بأننا عال جوي والآشيا معدن، وما نجصهاش غير رؤياكم، والود يا ولد العم تزورنا في مصر علشان تشوف الأملة اللي أنا كده أيه فيها، والناس عما توجفنى وأنا رايح جاي في الطكس عما يجولوا عمر الديزاوي أهو».

منولوجاته 

ومن أشهر مونولوجاته : «اتفضل قهوة، العرقسوس، آه يا نى يا بوى، الفاكك والفكوك ـ حفله، السلام عليكم ـ حفلة، أطاوع في هواك قلبي، بلدياتي، حاسب الفرامل، حسره عليه، خدك يا جميل، غني يا ويكا على المزيكا».

عمله في السينما 

بدأ عمله فى السينما عام ١٩٤٨، وقام ببطولة فيلم «خضرة والسندباد القبلي»، بعدها عمل في أكثر من مائة فيلم كان آخرها «فالح ومحتاس»، عام ١٩٥٩. 

فرقته الاستعراضية

كون الجيزاوي الفرقة الاستعراضية، التي كونها وكان يعمل بها طول الموسم على مسرح الأزبكية في الشتاء، وفي الصيف على مسارح الإسكندرية، كان يسخر بالمونولوج من أفعال الملك السابق لدرجة أنهم وضعوا اسمه في كشوف البوليس السياسي على أنه شيوعي، وهددوه بعدها بقولهم: لن تجد عملا بعد الآن وسيفتش البوليس بيتك كل يوم وربما تدخل السجن بحجة، وهناك حل إذا قبلته تركناك، لابد أن تشيد في أغانيك بالملك وكل أفراد الأسرة، وهو ما رفضه عمر الجيزاوي بالثلاثة.

وأغلق الباب على نفسه مقررا  الاعتزال حتى قامت ثورة ٥٢ وبعدها خرج ليغني للناس في ميدان الجمهورية «مصر تتكلم عن نفسها ـ والقلب سلم في حبها ـ الفرح عم وفاض على البلاد ـ رحمة علينا وعلى العباد ـ وعقدة السودان حلها ـ مصر تتكلم عن نفسها»، زار معظم البلاد الأوروبية أكثر من 35 دولة منها باريس وقدم على مسارحها الكثير من الأعمال وكان يلقب بشارل شابلن العرب، وطبعوا صورته في الخارج على علب الكبريت، تزوج فرنسية من باريس، كانت تحضر يومياً إلى المسرح كل يوم لرؤيته، ثم افترقا بسبب اختلاف التقاليد ـ تزوج بعدها للمرة الثانية والثالثة، وله من الأبناء تسعة، أسماؤهم: «طعمة وتحفة وفرفشان وجلاء وأسرار ونفيسة وجمالات وأم هاشم وست أبوها».

عاد من باريس وعمل بالمسرح بمرتب 50 جنيها في الشهر بالفرقة القومية للفنون الشعبية وعمل بها لمدة عام كامل حتى كان ذلك اليوم المقرر فيه السفر إلى الصين الشعبية وبعض الدول الأخرى، وطلبوا منه هناك ـ مدير الفرقة ـ أن يضع عصا في قفاه ويهرش بها كفقرة مضحكة أمام الأجانب في الخارج ولكنه رفض وأصر على الرفض حتى وصله ذلك الخطاب الذي انتهت به خدمته، تطبيقا للبند السابع من العقد المحرر بين الفرقة وبينه «قررنا الاستغناء عن خدماتكم اعتباراً من يوم ١١سبتمبر عام ١٩٧٥»، ومنذ ذلك وهو قابع في المنزل يقوم من النوم ينام تاني، أغلق على نفسه الأبواب في غضب، انتابه اليأس وأصابه الاكتئاب حتى وفاته.