تعديات على الترع والمصارف.. «جريمة كاملة» في غياب المحليات

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

- جماعة الإخوان الإرهابية أنشأت دور مناسبات ومساكن على النيل 
- «الري»: رصدنا 5.5 ألف حالة تعدٍ
- «الري»: إزالة 271.9 ألف مخالفة على نهر النيل والمجاري المائية


كتبت: رحاب أسامة 

بعد تكليف الرئيس السيسي وتوجيهه بتغطية جميع الترع والمصارف في جميع محافظات مصر خلال مدة أقصاها عامين، وأكد أن تغطية الترع ستحافظ على كميات المياه المهدرة، مشددًا على الاتفاق مع شركات المقاولات في البدء الفوري في تغطية الترع والمصارف، وفور البدء في تنفيذ التوجيهات الرئاسية من قبل الحكومة، كانت هناك مشكلة مزمنة واجهت تنفيذ المشروع العملاق، وهي التعدي على الترع والمصارف.

التعديات عرقلت الحلول التي وضعتها الحكومة للتعامل مع الملف، على الرغم من أن الحلول لم تعتمد جميعها على الهدم، كما في مشروع تطوير محور المحمودية الذي بلغت فيه حجم إزالات التعديات نحو 5 آلاف و500 حالة تعد، وقد أعلنت وزارة الري إزالة 271 ألفاً و934 مخالفة على نهر النيل والمجاري المائية منذ بداية الحملة القومية لإنقاذ النيل.

وصرح المهندس علاء خالد رئيس قطاع تطوير وحماية النيل، بأن القطاع بدأ بتنفيذ 230 إزالة وذلك منذ يونيو الماضي، وشملت 10 إزالات بمحافظة الجيزة، و19 بالمنوفية و24 بالبحيرة، و8 مخالفات بكفر الشيخ، و17 مخالفة بالدقهلية، و55 مخالفة بدمياط، و4 ببني سويف، و17 بأسيوط، و6 بسوهاج، و24 بقنا، و28 مخالفة بالأقصر، و18 بأسوان، ليكون إجمالي الإزالات على نهر النيل ومنافع الري والصرف 53 ألفاً و900 إزالة. 
وأفاد المهندس طارق عواد رئيس قطاع الري، أن الإزالات تنوعت ما بين مبان خرسانية أو بالطوب الأحمر أو أسوار أو تشوينات أو تعد بزراعة جسور المصارف أو ردم بالجسور أو قطع جسور المصارف وتوصيل مواسير لصرف المخلفات، وتستمر أعمال الإزالات بتنسيق تام مع قوات الأمن وشرطة البيئة والمسطحات المائية والوحدات المحلية، للحفاظ على منافع الري والصرف من التعديات.

ومنذ الإعلان عن إنشاء محور المحمودية، تم تكثيف حملات إزالة التعديات الواقعة على جانبي المحور، حيث تمت إزالة 900 حالة تعد على أملاك الدولة حرم الري وكانت تؤثر بينياً على ترعة المحمودية، وذلك للعمل على تحرير المسارات البينية والحفاظ على القنوات والمقننات المائية لصالح الرقعة الزراعية. 

وقال عدد من المتخصصين والخبراء، إن المخالفات الواقعة على نهر النيل والترع يتم التعامل معها بالتنسيق مع المحليات وقوات الأمن بعد تحرير محضر من المرور على الترع، وعندما يتعدى أحد على المجرى المائي أو داخل نزع ملكية المجرى المائي، فلو كانت أرض أحد المواطنين على جسر عرضه 10 أمتار يستحوذ منها على 5 أمتار لصالح أرضه، ويبني عليها منشأة خاصة أو تشوينات وهذا يخالف قانون الري والصرف رقم 12 لسنة 1984، والذي ينص على منع التعديات على المجارى المائية وفروع النيل، مؤكدين أن هندسة الري والصرف تقوم بعمل معاينة على الطبيعة، ثم توجيه إنذار لصاحب المخالفة لمدة 15 يوماً عبر مركز الشرطة أو تحرير مخالفة بالتعدي، ويتم عمل محضر بها، ثم يقوم مهندس الري بتنفيذ قرار الإزالة لهذه المخالفة بالحفارات والمعدات بالتنسيق مع الوحدة المحلية وحماية قوات الشرطة.

وبعد ثورة 25 يناير 2011، زادت التعديات أضعافًا مضاعفة، وهو ما استوجب وجود برنامج يومي لتنفيذ هذه الإزالات، وإن كان التعدي منزلاً مأهولاً بالسكان لا تتم إزالة المنزل إلا بعد إخلائه.
من جانبه، قال المهندس عثمان العاطفي، عضو مجلس إدارة رابطة خريجي كليات الزراعة، إن عدد التعديات على الترع والمصارف كبير جداً، لأن بعض المحليات لا تواجه أباطرة التعدي على الترع ومياه النيل، وهؤلاء الأباطرة من أصحاب النفوذ هناك، والذين استباحوا حرمة الترع والأراضي، ولذا مواجهة التعدي على الترع والمصارف ونهر النيل، كان مستحيلاً إلا بقرار الرئيس السيسي، لأن البعض من مهندسي الأحياء الذين كانوا يواجهون هذه المشكلة كان تتم معاقبتهم، والذي لم يواجه كان يساوم ويحصل على رشاوى مالية وعينية ضخمة.  

وأوضح "العاطفي"، أن أكبر مثال على التعديات "ترعة المحمودية"، حيث كان يبني المواطنون على أطراف الترعة وقاموا بعمل صرف صحي لمجاري البيوت والكافيتريات عليها، وإذا توقف هذا التعدي على ترعة المحمودية بعد تحويلها لمحور المحمودية حالياً، إلا أن التعديات على غيرها من الترع وقعت منذ 2011، ولا تزال مستمرة حتى الآن وقام بها أصحاب النفوذ حيث إنهم يبنون على الترع والنيل ويتم إدخال الكهرباء والغاز الطبيعي وغيرها من المرافق.

وتابع: "الأخطر من هؤلاء المتعدين الذين يقومون بعمل صرف لمخلفات مصانعهم وورشهم على الترع بالإضافة لإلقاء الحيوانات النافقة بمياه النيل أو الترع وتتكبد الدولة مليارات الجنيهات لتنظيف الترع".
وكشف "العاطفي"، أن من أشكال التعديات على مياه النيل بناء استراحات صغيرة على المصارف ولو تم قطع صرف الماء عن الأرض ستبور، ولو لم يتم تصريف الماء الزائد عن الري فستخرب الأرض، وأن من نماذج التعديات على مياه النيل التعدي على ترعة مخر السيل وهي أحد المصارف بحلوان، والتي كانت تتلقى مياه المطر والفيضان، إلا أن السكان تعدوا عليها وأغلقوا هذا المجرى المائي، ولكن مع قوة اندفاع مياه الفيضان والمطر سيزيح وتغرق البيوت المبنية على تلك الترعة وأمامها. 

وأكد العاطفي، أن التعديات على الترع والمصارف تسبب خسارة للمياه النظيفة وتقلل من سرعة جريان هذه المياه أثناء الري، كما أنها تلوث المحاصيل التي يتم الري بها. 

أما المهندس سيد عبداللطيف رئيس لجنة الزراعة والري، بحزب "مستقبل وطن"، فيرى أن التعديات على نهر النيل قديمة ومنها تعدي مبنى نادي الزمالك على نهر النيل، وهناك وحدات تم ترخيصها باعتبار أنها نادي نهري ومقره الإداري تم بناؤه على نهر النيل نفسه مثل نادي المعلمين.

وكشف المهندس عبد اللطيف، أن الجمعيات الشرعية التابعة لجماعة الإخوان أنشأت دور مناسبات ومساكن على النيل، منذ عام 2013 على ترع المريوطية والإسماعيلية من منطقة السواح وحتى مسطرد، أي على امتداد 1500 متر ومنشأ عليها مساجد ودور مناسبات وجمعيات تابعة للإخوان، وكل هذه المباني المقامة على تلك الترع دخلت لها كل المرافق بالإضافة لإنشاء ساحات انتظار للسيارات وبين المسجد والآخر المبنيين على تلك الترع تم إنشاء كافيتريات ورغم أن وزارة الري أزالت كل هذه المباني منذ عام ونصف إلا أن أصحاب هذه المنشآت المخالفة أعادوا بناؤها مرة أخرى. 

وأضاف المهندس عبد اللطيف، أنه تمت إزالة 72 مسجداً على ترعة الحوامدية ولكن التعديات على ترع الإسماعيلية والمريوطية لا تزال قائمة، موضحًا أن وزارة الري أزالت العشش المقامة من مسطرد للخصوص ولكنها تركت المساجد وهناك مخالفات على الترع ولابد أن تزيلها وزارة الري، لأنه عند جمع ورد النيل لتوسيع المجرى المائي يتم وضع هذه النباتات على جسر الترعة ولكن لأن هذا الجسر تم التعدي عليه بالبناء المخالف، لذا لا يتم تنظيف مجرى الترع كما أن تلك التعديات تقلل من كميات المياه النابعة من النيل والترع والتي تروى المحاصيل.