شجون جامعية

‏المجتمع الآخر

د. حسام محمود  فهمى
د. حسام محمود فهمى

أثارَت جرائمُ التحرشِ من خلالِ الإنترنت وكذلك جريمةُ فندقِ فيرمونت بعد سبع سنواتٍ من ارتكابِها، ضجةً كبيرةً، ولمواقعِ التواصلِ الاجتماعى فضلُ كَشفِها. ‏مرتكبو هذه الجرائم هم أبناءُ المجتمعِ الآخرِ الذى يُقيمُ ‏فى تجمعاتٍ سكنيةٍ مُنعزلةٍ، ‏‏ويقضى الصيفَ فى قرى بالساحل الشمالى ‏ليست ككلِ قُراه، ويلتحقُ أبناؤه بجامعاتٍ خاصةٍ بعينِها للإحساسِ بالتَميُّزِ الاجتماعى لا العلمَ. ‏مجتمعٌ ‏ينامُ فى الفجرِ ويستيقظُ ما بين العصرِ والمغربِ، له أخلاقياتُه وله حِصنُه فى كنوزٍ من أموالٍ تجعلُه يستهترُ بالمجتمعِ كلِه، يَتعَلى على أغلبيةٍ كاسحةٍ طحنَتها لقمةُ العيش.
‏ما هى الأخلاقياتُ التى قدمَتها هذه الجامعاتُ الخاصةُ؟ ‏التحررُ الغربى قبل التَعلُمِ، التناكة على مجتمعِ الأغلبيةِ، ‏التحكمُ فى المؤسسةِ التعليميةِ، ثقافةُ كُلُه بثمنِه. ‏هل شعارُ تعلمْ فى مصر كأنك تتعلمُ فى البلدِ الفلانى شعارٌ حقيقي؟ ‏هل الأجانبُ الذين يديرون الجامعاتِ الأجنبيةِ فى مصر على مستوىً علميٍ حقيقي؟ ‏هل يبيعون الوهمَ؟ هل يوضعُ المصريون فى إداراتِ تلك الجامعات كمُحَلِل، شكل كده وكده؟ هل تخجلُ وزارةُ التعليمِ العالى من مراجعتِها؟ أهى وجهٌ آخر للاِستعمار؟ وهل تطولُها الجودةُ إياها التى تمارسُ وصايةً جوفاءً على الجامعاتِ الحكوميةِ؟ هل لا مؤاخذة البرطعة الخواجاتى خفيفةٌ على القلبِ؟ هل تراقبُ الوزارةُ حقًا سلامةَ إجراءاتِ أعضاءَ هيئةِ تدريسِ الجامعاتِ الحكوميةِ الذين يُعارون لتلك الجامعاتِ؟
ثم ما هى الفائدةُ التى تعودُ على مجتمعِ الأغلبيةِ من خريجين يتعالون عليه وبه يستهترون؟ ‏‏ليسَ كلَ ما يأتى من الغربِ خيرٌ، لما مركباتُ النقصِ وكسرةُ العينِ؟ لما الشعاراتُ الزائفةُ المخادعةُ؟
لم تشهدْ التصنيفاتُ الحقيقيةُ للجامعاتِ سوى ظهورٍ خافتٍ لبعضِ جامعاتِ الحكومةِ واختفاءِ طبيعى للجامعاتِ الخاصةِ بما فيها الأجنبيةِ. أعضاءُ هيئةِ التدريسِ فى جامعاتِ الحكومةِ على علمٍ واحترامٍ، يُعانون ويئنون، يَبحثون عن آذانٍ.
اللهم احمْ التعليمَ الهندسى من «زى برة» فى هذه الزيطة. اللهم احمْ مجتمعَ الأغلبيةِ من إداراتٍ جامعيةٍ انتماؤها للمجتمعِ الآخرِ.
جرائمُ مُستحدثةٌ من فعلِ المجتمعِ الآخر بمساكنِه ومصايفِه وجامعاتِه الخاصة.
 ‏< أستاذ هندسة الحاسبات - جامعة عين شمس