قبل أيام من الانتخابات.. ترامب في مواجهة شكوك «حزب الشاي»

ترامب تلقى انتقادات من كل اتجاه بسبب إدارته لأزمة كورونا
ترامب تلقى انتقادات من كل اتجاه بسبب إدارته لأزمة كورونا

محمد عبد الفتاح

مناخ يغلب عليه التوتر والشك، حيث النظرات زائغة، وعرق بارد يتصبب على الجباه، والولاءات تتبدل.. هذا ما يمكن أن توصف به حملة الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب والأجواء المهيمنة في حزبه الجمهوري، قبل أيام من الانتخابات الرئاسية، في وقت تؤكد فيه كل استطلاعات الرأي أن ملياردير العقارات لم يحقق أي تقدم على منافسه الديموقراطي جو بايدن، رغم كل ما يوجهه له ترامب من انتقادات وسخرية.

في السادس من أكتوبر الجاري، تم طرح سؤال على السيناتور الجمهورية عن ولاية أريزونا، مارثا مكسالي المنتهية ولايتها، في ختام مناظرة انتخابية مع رائد الفضاء السابق والقيادي البارز في الحزب الديموقراطى حاليا، مارك كيلي، وهو "هل لا تزالين فخورة بمساندتك للرئيس دونالد ترامب؟".

منذ ستة أشهر فقط كانت مكسالي، وهى مقاتلة سابقة فى سلاح الجو الأمريكي، تحمل بكثير من الفخر صورة ترامب معها أينما ذهبت، ورغم تكرار السؤال عليها مرتين إلا أنها راوغت فى المرتين، واكتفت بالقول " أنا فخورة بقتالى يوميا من أجل آريزونا".

ويوم الجمعة الماضي، قال السناتور الجمهوري عن كارولينا الشمالية والمنتهية ولايته أيضا، توم تيليس، في مقابلة مع موقع "بولوتيكو"، إن "أفضل سيطرة يمكن أن يقوم بها الديموقراطيون على رئاسة بايدن هى أن يمتلكوا أغلبية فى مجلس الشيوخ".. موقف وتصريح عكسا صورة لما بدت وكأنه مركب يغرق تحت قيادة ترامب.


حتى الآن لا شيء يمكن أن يطمئن الجناح المحافظ في الحزب الجمهوري Grand Old Party، أو حزب الشاي كما يطلق عليه، إذ إن ترامب يتحدث منذ خروجه من المستشفى بشكل عشوائي، وأثارت إصابته هو نفسه بكورونا انتقادات قديمة- جديدة في إدارته لأزمة الوباء الذى طال 8 ملايين أمريكي، وضرب حتى في الأروقة العليا للسلطة، وهو ما كان ترامب يحاول تجنب الحديث بشتى الطرق قبل إصابته، ولم يجد الرئيس مفرا من الانتقادات اللاذعة التي طالته بسبب سوء تعامل إدارته مع كارثة الوباء، سوى بتصريح جديد مثير للجدل هدفه تحويل الأنظار لشيء آخر، حيث طالب وزارة العدل بفتح تحقيق قضائى ضد منافسه جو بايدن المتورط، وفقا لخيالات ترامب، فى انقلاب عسكرى كان يُخطط له فى عام 2016، وبالطبع لم تمتثل الوزارة لطلبه، ولم يؤيده أى من حزبه.

وبعدما أعلنت إدارة ترامب في أكثر من مناسبة أن "عصر الدعم بلا حساب قد انتهى"، تم الإعلان مع مطلع الأسبوع الجاري عن الانتهاء من مناقشة خطة دعم مع الكونجرس تقضي بمنح دعم عينى بقيمة 1880 دولارًا، وهو رقم ليس ببعيد عما اقترحه الديموقراطيون، على لسان زعيمتهم في مجلس الشيوخ نانسي بيلوسي، بواقع 2200 دولار.


وفي مواجهة نشر المعسكر الديموقراطي مقطع فيديو لترامب، يعود تاريخه لعام 2010، وكان يتحدث فيه بفظاظة واحتقار عن النساء عموما، نشر ترامب مقاطع أخرى لحملات إعلامية كانت تستهدفه وفي نهايته ما ظهر أن قدرته على إقناع أنصار بالسير خلفه ليتحقق في النهاية "نصر إلهي" في انتخابات 2016.

وتبقى إحدى معضلات الفريق المساعد لترامب حاليا، هو إنكاره لحقائق مجردة ممثلة في أرقام المصابين بكورونا وذلك بما أنه يواصل جولاته الانتخابية بينما هو في مرحلة نقاهة وحامل للفيروس ولكنه غير معدٍ وفقا للأطباء.. كلمات منحته منطقًا للتقليل من شأن الفيروس والتشكيك في أعداد المصابين به، وحتى الآن يقف مساعدوه مكتوفي الأيدي، تجاه شطحاته اللامحدودة، بدلا من أن يمد له أحدهم يد العون لكي يميز بين ما يقال وما لا يصح أن يُقال.

وربما ما يعزز الانطباع بتأخر ترامب شعبيًا، قبل أن يفقد الثقة فى أوساط حزبه، هو شبكة CNN عن فوز جو بايدن في معركة التقييمات التليفزيونية، وقالت الشبكة إن عدد مشاهدي بايدن بلغ 13.9 مليون مشاهد على قناة ABC التابعة لوالت ديزني، فيما استقطب ترامب 13 مليونا عبر قنوات NBC التابعة لشركة كومكاست وقناتي الاشتراكات التابعتين لها MSNBC وCNBC.

وتم تحديد موعد اللقاءات التليفزيونية في وقت الذروة بعد إلغاء مناظرة كان من المفترض إقامتها في نفس الوقت.

وانسحب ترامب من المناظرة بعد أن قال المنظمون إنها ستكون افتراضية لتقليل مخاطر الإصابة بكورونا.

وعلى قناة ABC هاجم بايدن طريقة تعامل ترامب مع جائحة فيروس كورونا. ودافع على قناة NBC عن أسلوب تصديه للفيروس وعن سلوكه الشخصي. وتعرضت NBC لانتقادات بسبب تحديد موعد ترامب فى نفس التوقيت مع بايدن بعد أن كانت ABC حددت بالفعل موعدها مع المرشح الديمقراطي، مما اضطر الناخبين لاختيار المرشح الذى سيشاهدونه على الهواء مباشرة.


ومن السلبيات التي يتخذها خصوم ترامب مطعنا، تحقيق أجرته وكالة رويترز كشف أن معدل الوفيات، في أكثر من 500 من أكبر السجون الأمريكية، زاد بنسبة 10% منذ صدور آخر بيانات رسمية فى عام 2016، وكان فى الصدارة بأغلبية ساحقة أشخاص لم يُدانوا قط بجرائمهم المزعومة. وبعد استقرار في 2016، قفز معدل الوفيات بشكل عام فى السنوات الثلاث الأولى لإدارة ترامب إلى أعلى نقطة في الفترة التى فحصتها رويترز على مدى 12 عاما من 2008-2019.


وباستخدام أكثر من 1500 من طلبات السجلات العامة، أجرت رويترز دراسة تضمنت 523 سجنا على مدى 12 سنة، وفحصت وفيات السجناء على مدى هذه الفترة.

واشتمل هذا العدد على جميع السجون الأمريكية التي يبلغ عدد المحتجزين فيها 750 أو أكثر، بالإضافة إلى أكبر 10 سجون أو أنظمة سجون في معظم الولايات.

وكانت المحصلة والنتيجة الواضحة من خلال قاعدة البيانات الناتجة هى أضخم إحصاء لوفيات السجون خارج الحكومة الاتحادية الأمريكية.

وتشتمل قاعدة البيانات على أوضاع وملابسات ما يزيد عن 7500 وفاة في أحد عوالم ما وراء الأسوار، يمثل أفراده 60% من إجمالي عدد السجناء في الولايات المتحدة.

وكان حوالي ثلثي السجناء المتوفين الذين حددتهم رويترز بين 2008 و2019، أى 4998 شخصا، لا يزالون بانتظار المحاكمة ويفترض أنهم في حكم الأبرياء عند وفاتهم، ولم تتم إدانتهم قط بالتهم التي كانوا محتجزين بسببها.

وتوصلت رويترز إلى أن معدل الوفيات فى السجون، التى يزيد عددها عن 500، قفز بنسبة 35% خلال العقد الذي انتهى العام الماضي، لأسباب من بينها الأمراض والانتحار وتعاطي جرعات زائدة من المخدرات والكحول في منشآت لا تخضع لأي قدر يذكر من الرقابة، وتقدم أحيانا خدمات غير كافية في العلاج والصحة النفسية.

وانتحر أكثر من 2000 سجين، بينهم حوالي 1500 كانوا في انتظار المحاكمة أو توجيه الاتهامات لهم.

وتزايدت الوفيات بسبب الآثار الجانبية الحادة للمخدرات والكحول بمعدل أكثر من 1 من كل 10 فى العام الماضي.

ومات حوالي 300 شخص بعد أن قضوا عاما أو أكثر خلف القضبان دون إدانة.