قصة محمية| لهذا السبب سميت بـ«رأس محمد»

صورة من المحمية
صورة من المحمية

هى واحدة من أجمل المحميات الطبيعية في مصر، تخطف القلوب وتسر الناظرين، إذا ما حدقت أبصارهم تلقاء الأماكن الطبيعية الخلابة التي تزخر بها هذه المحمية، إنها محمية "رأس محمد".

قصة اسمها تظل علاقة مهمة من معالم هذه المحمية، إلى جانب جمالها وروعتها، في تلك البقعة الموجودة في محافظة جنوب سيناء، وتحديدًا على بعد 12 كيلومترًا من مدينة شرم الشيخ.

اقرأ أيضًأ: فيديو|«محمية رأس محمد».. قطعة من الجنة على «أرض سيناء»

سبب التسمية

يقول مدير عام محميات سيناء الجيولوجي محمد عبد الله قطب، إن محمية رأس محمد الطبيعية هى أول منطقة تعلن كمحمية طبيعية في مصر، حيث أُعلنت في عام 1983، وهي تتميز بتنوع بيولوجي كبير على المستويين البري والبحري مما جعلها مقصدًا للزائرين من جميع أنحاء العالم.

وأكد أن سبب تسميتها برأس محمد يرجع لشقين، الشق الأول من التسمية لا جدال أنه مستمد من المعنى الجغرافي للكلمة والتي تعني امتداد بري داخل البحر، والشق الثاني من التسمية فهناك أراء كثيرة في سبب إطلاقه على تلك المنطقة، مشيرًا إلى أن "هناك رأي يقول إنها اكتسبت هذا الاسم من مرور و إقامة 40 من صحابة الرسول عليه الصلاة والسلام فسميت رأس الأربعين صحابي لمحمد واختصرت للاسم الحالي رأس محمد".

وتابع مدير عام محميات سيناء: تتضمن المنطقة مجموعة من أجمل مناطق الغوص والسنوركلينج في جنوب سيناء بالإضافة إلى المناظر الطبيعية وأماكن الزيارة من البر.

وأضاف الجيولوجي محمد عبد الله قطب، أن المحمية تتميز أيضا بعدم وجود تداخل كبير في الأنشطة البشرية وبمجهودات كبيرة من حراس البيئة والقائمين على المحمية في حماية الموارد والثروات البحرية الموجودة داخل نطاق المحمية، حيث إن موقعها الجغرافي المميز عند قمة المثلث المقلوب لسيناء والتقاء خليجي العقبة والسويس قد منحها ميزات جغرافية وبيئية ندر اجتماعها في منطقة أخرى.

استراحة الطيور المهاجرة

وأكد مدير عام محميات سيناء، أن محمية رأس محمد تعد أحد أهم محطات استراحة الطيور المهاجرة عبر رحلتيها الطويلتين خلال موسمي الخريف والربيع كل عام من جنوب إلى شمالي الكرة الأرضية والعكس، حيث يتوافد عليها هواة مشاهدة ومراقبة الطيور من كل فج للاستمتاع بمشاهدة سلوك الطيور المهاجرة والتقاط الصور لها وتتبع مسار هجرتها.

وعن موقع محمية رأس محمد قال مدير عام محميات سيناء: تقع محمية رأس محمد على بعد حوالي 25 كم جنوب غرب مدينة شرم الشيخ بمحافظة جنوب سيناء، وهى واحدة من دُرات عقد فريد البالغ عدد حباته الثلاثين؛ يمثلون عدد المحميات الطبيعية المعلنة في مصر حتى تاريخه.

التنوع البيولوجي

وقال مدير عام محميات سيناء الجيولوجي محمد عبد الله قطب: "تبلغ مساحة محمية رأس محمد ما يقرب من 480 كم2، 70% منها بيئة بحرية، وثراء البيئة البحرية من حيث التنوع البيولوجي للمرجانيات البحرية يجذب الآلاف سنويًا لزيارة المحمية وخاصة من هواة رياضة الغطس، حيث تم رصد ما يزيد عن 220 نوعًا من المراجين الصلبة و أكثرها شيوعًا الشعاب المراجانية المتفرعة "Branched Corals" مثل "الأكروبورا Acropora" و "Pocillipora"  وما يقرب من 110 أنواع من المراجين الرخوة، و النظام البيئي للمرجان يوفر الغذاء و الحماية لمئات الأنواع من الأحياء الأخرى ، و التي ترتبط بها وتعتمد عليها في علاقات بعضها تكافلي.

أفضل شعاب مرجانية

وأكد مدير عام محميات سيناء، أن الشعاب المرجانية بمحمية رأس محمد  تُعرف بأنها الأفضل على مستوى العالم، حيث إن صفاء المياه وقلة نسبة التلوث البحري يسمحان بوصول الضوء الكافي لأعماق ممتدة مما يوفر الظروف الملائمة لنمو وازدهار حيوانات المرجان البحرية فضلًا عن أنها تنمو في معظمها قريبة من شواطئ المحمية Fringing Reef مما يعطيها ميزة تنافسية إضافية مقارنة بمناطق الشعاب المرجانية الأخرى في العالم نظرًا لقربها لراغبي الغطس وعدم الحاجة للإبحار لمسافات داخل المياه.

كما تتواجد تجمعات من الشعاب المرجانية البعيدة عن الشاطيء  Offshore patch reefs مثل مناطق الجاكسون و توماس والجوردون.

وأضاف مدير عام محميات سيناء: يعتبر التنوع البيولوجي للشعاب المرجانية بمحمية رأس محمد الأعلى بالمقارنة بباقي الأماكن المسجلة بطول السواحل المصرية للبحر الأحمر وخليج العقبة وهي أعلى بثلاث مرات من التنوع البيولوجي المسجل في الكاريبي ومتقارب مع أعداد الأنواع المسجلة في الحاجز المرجاني العظيم بأستراليا.

البيئة البحرية

ويضيف الجيولوجي محمد عبد الله قطب، أن محمية رأس محمد هى موئل طبيعي لما يزيد عن 350 نوعا من الأسماك كلها ترتبط –على الأقل في جزء من دورة حياتهم- بالمراجين البحرية منهم على الأقل 50 نوعا من الأسماك المستوطنة والتي لا تتواجد في أي مناطق أخرى على مستوى العالم ومعظم هذه الأنواع ذات علاقة وثيقة عبر السلسلة الغذائية بالثدييات البحرية الكبيرة مثل الدلافين، بالإضافة إلى عدد كبير من الحيوانات اللافقارية مثل الرخويات Mollusks و بطنيات القدم Gastropods وخيار البحر والعديد من القشريات و الطحالب المعتمدة على النظام البيئي للمراجين البحرية اعتمادًا كليًا.

وتابع: تتهادى في هذا النظام البيئي البحري المميز ثلاثة أنواع من السلاحف البحرية وهم: السلحفاة الخضراء Green Turtles والسلحفاة ضخمة الرأس Logger Head Turtles والسلحفاة صقرية المنقار Hawksbill Turtles ، وتعد بعض شواطيء المحمية بيئة مناسبة لوضع البيض لتلك الأنواع المهددة من السلاحف البحرية.

البيئة البرية

وأوضح الجيولوجي محمد عبدالله قطب، أنه عند الانتقال من البيئة البحرية إلى البيئة البرية في منطقة المد والجزر Intertidal Zone ستلاحظ وجود أشجار نامية على بعض الشواطيء وهى أشجار نبات المانجروف أو نبات الشورى وهي الشجرة الوحيدة التي تتحمل ملوحة مياه البحر؛ حيث تقوم أوراقه بإخراج الزائد من الأملاح الممتصة عبر جذور الهوائية لتلك الأشجار والتي لها قدرة عجيبة على ترشيح الملح الذائب بالإضافة إلى قدرتها للحصول على الأكسيجين من الهواء؛ حيث لا يتوافر بكميات كافية في البيئة الطينية لأشجار المانجروف.

أشجار المانجروف

وأكد مدير عام محميات سيناء، أنه تم تسجيل أكثر من 50 نوعًا من أشجار المانجروف في العالم، يتواجد منها نوع واحد فقط في محمية رأس محمد و هوAvicennia marina ويعرفه البعض بالمانجروف الرمادي grey mangrove  و يصل طوله أحيانًا إلى أكثر من 7 أمتار.

وقال مدير عام محميات سيناء، إن الخدمات التي يقدمها النظام البيئي لأشجار المانجروف يصعب حصرها فهي توفر بيئة مناسبة لتكاثر وتوالد الأسماك والحيوانات اللافقارية الأخرى مثل السرطانات البحرية، وتحمي بيئة أشجار المانجروف بيوض تلك الكائنات من التيارات البحرية وهى محطة الاستراحة التي تبحث عنها الطيور المهاجرة حيث توفر الحماية والظل و الغذاء للطيور المهاجرة و المقيمة على حد سواء.

وأردف قائلًا، "وهى وسيلة طبيعية ناجحة وغير مكلفة لحماية الشواطيء من التآكل، كما ثبت أن لها قدرة أكثر من عشرة مرات على امتصاص الكربون لذات المساحة من البيئات الأخرى (خاصة الأرضية) فهي تقدم حل طبيعي لمشكلة الاحتباس الحراري ذلك الهاجس البيئي الأكبر لدى معظم حكومات العالم و المهتمين بقضايا البيئة".

قال مدير عام محميات سيناء الجيولوجي محمد عبد الله قطب، إن محمية رأس محمد تُكون بيئتها البرية رواسب وديانية  يعود تاريخها إلى عصر الميوسين ما يقرب من 25 مليون سنة مضت، وكذلك صخور نارية يعود تاريخها إلى أكثر من 600 مليون سنة عصر ما قبل الكامبري.

الشق الزلزالي

وتابع قائلًا: يعد الشق الزلزالي ملمحًا جيولوجيًا مهمًا للزائرين والمتخصصين في علوم الجيولوجيا حيث ظهر الصدع و تكشف على أثر زلزال ضرب المنطقة عام 1968م ، وكان مركزه جزيرة شدوان بالقرب من مدخل خليج السويس.

ويمضي قائلًا: "يتصل الشق الزلزالي بالبيئة البحرية عبر قنوات دقيقة ويظهر ذلك في تأثر المياه داخله بحركة المد والجزر ويتميز الشق بوجود بعض الكائنات التي وجدت به الموئل المناسب لمعيشتها مثل الجمبري الأحمر الأعمى".

البحيرة المسحورة

وأضاف مدير عام محميات سيناء، أنه على مقربة من الشق الزلزالي تقع البحيرة المسحورة أو الخليج الخفي لهواة السباحة الهادئة الآمنة و يتصل مباشرة بالبحر و يتأثر بحركات المد و الجزر عليه.

وتابع قائلًا، و لمحبي التريض داخل المحمية قد تشاهدون الثعلب الأحمر يرقبكم بحذر بعينين لا معتين أو تستشعرون حركة لطيفة لأحد الغزلان الموجودة بالمحمية من نوع الغزال العفري .

وأكد مدير عام محميات سيناء الجيولوجي محمد عبد الله قطب، أنه قد قامت وزارة البيئة خلال الفترة الأخيرة بتطوير البنية التحتية للمحمية و توفير خدمات لتسهيل زيارة المحمية و إثراء تجربة الزائر لها حيث أنشأت العديد من المظلات و دورات مياه و مهدت المدقات لتيسير حركة المركبات و وفرت أماكن للشواء، و ثبتت عدد من العلامات الإرشادية لهداية الزوار و تقديم المعلومات في قالب شيق و مبسط.