«الأم مدرسة».. درس لا تنساه فاتن حمامة

سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة
سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة

أقــوى الـــدروس فـى حياة الانسان هى تلك التي تلقنها له أمه.. فالأم وحدها تستطيع أن تـكـون "مدرسة" تعطى الطفل كل المثاليات واسمى المعانى وتـــغـــرس فـــى كـيـانـه الخــيــر والحـــب وتمـيـزه بشخصيته كاملة ناضجة.. تلك سنة الحياة.. كلمات لا يغفلها الزمن كتبتها سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة لمجلة الكواكب.

في مقال حمامة، قالت: إن دور الأم هـاديـة ومــرشــدة للطفل، لا يشعر خيالها بحرج، كهذا الـذى يشعر به أمـــام أســتــاذه فـى المدرسة، وينفعل لها مدفوعا بحبه الطبيعى وإعجابه بها، وليس هذا كلام انشائيا، بل هو خـلاصـة درس تلقيته مـن أمــى وأنـا فى طفولتي.

الكلام لا يزال لفاتن حمامة: كنت فى السابعة من عمرى.. وتصادف أن حضرت لزيارتنا سـيـدة تربطها بـأمـى صـلـة صـداقـة قوية.. وجرى على لسان هذه السيدة بـعـض كـلـمـات جـارحـة فيها مساس لصديقة أخرى لوالدتى التى حاولت أن تخفف من غضب هذه الصديقة وحنقها على الصديقة الغالية دون جدوى.

ومضت الأيــام.. والتقيت ذات يوم بالسيدة التي اغتابتها الصديقة اثناء زيارتها لنا فرويت لها ما قالته وما قالت امى ردا عليها، وما كادت السيدة تسمع منى هذه القصة حتى توجهت من فورها إلى أمى تعاتبها على انها أخفت عنها ما حدث.. وعرفت والدتى اننى سر هذا العتاب بعد ما رويته لها، فغضبت منى إلى الحد الذى حرمت فيه على أن أجلس على المـائـدة مع اخوتى اسبوعا كاملا.. وظللت طوال هـذا الاسـبـوع اتـنـاول بقايا الطعام، طعام خادمتنا، بل أصـرت أمـى على لون فريد من العقاب، أصرت على أن أقوم أنا على خدمة خادمتنا اسبوعا كاملا ومضت تروى هذه القصة لكل زائـرة تزور بيتنا فتنفعل الزائرة علي لهذا التصرف ببضع كلمات.

وتابعت حمامة: مـن يومها حرصت على ألا أروى أى حــــادث يـقـع تحــت بصرى وسمعى، بل حرصت أن أتجاهل ما يحدث عادة، لم يجعلنى هذا الدرس حريصة على هذا التجاهل لما يحدث حـولـى فقط، بـل أصـبـحـت الـيـوم لا استطيع أن أعيد روايـة ما اسمع من كــلام.

حـدث منذ سـنـوات أن قامت مـشـادة بـين زميلتين وحـضـرت رغما عنى هــذه المـشـادة وتـطـورت المـشـادة حـتـى تـدخـلـت إحــــدى الشخصيات الفنية لحسم الخـلاف بين الزميلتين واستشهدت احداهما بـى لأروى ما وجـهـتـه الـزمـيـلـة الـثـانـيـة مــن ألـفـاظ جارحة لها.. وحينها حاولت أن اتذكر كلمة واحدة دون جدوى واعتبرت هذه الزميلة أننى أجامل الزميلة الأخرى، فقاطعتنى ولم "نتصالح" إلا بعد فترة طويلة. 

«الكواكب» - سبتمبر 1958