حبر على ورق

ميار شريف

نوال مصطفى
نوال مصطفى

بقلم/ نوال مصطفى

فى الخامس من مايو 1996 جاءت إلى الدنيا النجمة المصرية الصاعدة بسرعة الصاروخ ميار شريف، وفى التاسع والعشرين من سبتمير 2020 سجلت إنجازا رياضيا عالميا غير مسبوق على ملعب رولان جاروس.
أربعة وعشرون عاما هو عمر بطلتنا التى رأت حلمها بتفاصيله فى خيالها وهى طفلة لاتزال وقالت وهى تشاهد مع عائلتها مباراة النهائى فى بطولة رولان جاروس وتتويج روجر فيدرير بالبطولة «سوف تحضرون لمساندتى وتشجيعى جميعكم فى رولان جاروس» وقتها ضحكت أختها داليا، فنظرت ميار إليها بتحدٍ وقالت «ستأتون جميعا ماعدا أنت». هكذا تصنع الأساطير، تبدأ فى الدماغ وأسلوب التفكير والتخطيط للحلم، ثم الانطلاق بخطة محسوبة، يتخيلها البطل ويمشى على خطاها.
لعبت ميار التنس منذ كانت فى الخامسة من عمرها، انبهرت بنجوم التنس فى العالم، ومضت فى طريق تدريباتها ودراستها بالتوازى، حصدت العديد من الجوائز والمراكز فى بطولات محلية وعالمية، لكن هذا كله لم يكن إلا جزءا من خطتها المتخيلة، كان هناك شيء تعد له وتمهد عقلها وروحها للدخول فيه.
درست الطب الرياضى فى إحدى جامعات الولايات المتحدة الأمريكية ولاية كاليفورنيا، وتخصصت فى إصابات لاعبى التنس، بعد التخرج كانت نقطة الصفر للبدء فى مشروع حياتها: الوصول إلى التصنيف العالمى ضمن الـ 300 الكبار فى عالم التنس. بحثت عن المدرب المناسب للحلم، حاولت إقناعه بالإقامة فى مصر، لكن ظروفه العائلية حالت دون ذلك، فسافرت هى إلى إسبانيا حيث تقيم هناك منذ سنة ونصف السنة. وبدأت تدريباتها مع مدربها الإسبانى إلى جانب تدريبات اللياقة البدنية، واليوجا وغيرها من التدريبات العقلية والنفسية لدعم ماكينة التفكير وشحذ مواتير الإرادة لصناعة البطل.
تابع المصريون ميار يوم الثلاثاء الماضى كما يتابعون مصر فى كأس العالم. الأنفاس ميهورة والدعوات تنطلق من قلوب الجميع، أما نجمنا محمد صلاح فقد نشر فيديو قصيرا على انستجرام له وهو يشاهد المباراة تشجيعا ودعما للبطلة المصرية الصاعدة.
كتبت عنها صحيفة الجارديان البريطانية «ميار شريف بطريقتها فى اللعب بالحركات الأمامية وتحركاتها الممتازة وسعة حيلتها جعلت محاولتها جحيما بالنسبة لبيلسيكوفا، ورفضت الاستسلام. لقد قدمت ميار المصنفة 172 على مستوى العالم إلهاما كبيرا لغيرها من المصريين والأفارقة ليخطوا خطاها».
قالت ميار لقناة تايم سبورتس بعد المباراة: «من بداية المباراة شعرت بالراحة وأن أسلوب لعبى تسبب فى مضايقة بيلسيكوفا، فلم تكن تستطيع تنفيذ أسلوب لعبها بسهولة. أنا سعيدة وفخورة لرفع علم مصر، القرعة كانت صعبة، نزلت وهدفى فى المباراة الفوز كأى مباراة عادية، لو فكرت فى المباراة أنها ضد رقم 1 على العالم سأقدم مباراة جيدة وأخسر سريعا، لكننى أعطيت نفسى فرصة للفوز لكن الخبرة والتوقيت حسمت الفوز لها».
وقالت: «كنت أريد أن يكون هناك جمهور فى المباراة، قلت للمدرب إننى استمتعت بالملعب واللعب، وبعد نهاية فترة كورونا سنعود وأتمنى أن يتواجد جمهور فى المدرجات».
هذه البطلة تستحق منا رعاية قوية تليق بقيمة الإنجاز الذى حققته، وأن تنال رياضة التنس فى بلادنا نصف ما تناله كرة القدم من اهتمام ورعاية، أعرف أن البنك الأهلى يقدم رعاية لميار، لكنى أعتقد أن المطلوب فى المرحلة القادمة سيكون أكبر كثيرا. لدينا شابة مصرية مؤهلة لتكون أسطورة من أساطير التنس فلندعمها جميعا بكل ما نستطيع.
مبروك لمصر وميار شريف التى رفعت اسم مصر عاليا، وأصبحت أول مصرية تصل للأدوار الرئيسية من بطولة رولان جاروس إحدى بطولات الجراند سلام الأربع.