حوار| السفير قيس العزاوى: تركيا تسعى لإعادة الخلافة العثمانية بالقنوات المعادية

السفير قيس العزاوى
السفير قيس العزاوى

- 9 تحديات تواجه الإعلام العربي.. وهناك قرار بإنشاء قناة فضائية عربية منذ 2015 ونأمل تنفيذه

- مواجهة الإرهاب قضية قومية ودور الثقافة في المقدمة

- هناك تشويه متعمد لصورة العربي في الغرب


عندما تتحاور مع السفير قيس العزاوى الأمين العام المساعد للجامعة العربية لشئون الإعلام والاتصال فعليك أن تدرك منذ اللحظة الأولى أنك أمام شخصية تجمع بين المعارف السياسية والثقافية والقدرة على التواصل مع الآخر.. ومارس السياسة بروح المثقف، ويملك ميزة قبول الآخر والتحاور معه .. قال عن نفسه مضيفا لا أخشى من يختلف معي.

العزاوى حاصل على ليسانس علم نفس واجتماع من جامعة عين شمس فى عام ١٩٦٩ ثم حصل على ماجستير الفلسفة الإسلامية من معهد الدراسات الإسلامية بالقاهرة ولم تتوقف مسيرته العلمية عند ذلك الحد إلى مدينة النور باريس ليحصل على الدكتوراه مع مرتبة الشرف الأولى فى تاريخ الدولة العثمانية عن تخصص علم الاجتماع العسكرى من جامعة السوربون.

عندما طرحنا عليه ظاهرة تبنى ودعم تركيا للقنوات المعادية لمصر والدول العربية أشار إلى أنها جزء مهم من سياسة فرض مشروع “العثمنة “على المنطقة العربية.. قيس العزاوى هو السفير العربى الوحيد الذى ذهب وفد من مثقفى مصر ونخبها إلى بغداد ليطلب من رئيس وزرائها استمراره فى منصبه بعد أن استطاع فى فترة عمله استقطاب سياسى مصر ومثقفيها للمشاركة فى الهم العراقى والمساهمة فى استعادة وجه بغداد العروبي،.. والرجل ليس غريبًا عن الجامعة العربية فقد عمل لفترة مندوبا لبلاده فيها كما سبق له ان اشرف علي تحرير وطباعة مجلة شؤون عربية التى تصدرها الجامعة العربية فى بداية الثمانينيات.

يعتز بتأسيسه الصالون الثقافى العربى فى عام ٢٠١١ والذى يضم خيرة الوجوه الثقافية والفكرية العربية ومقره القاهرة وقد عقد جلساته فى العديد من العواصم العربية الأخرى ويهدف إلى رفع وعى النخب بما يجرى فى العالم العربى وقد صدر عن الصالون 19 كتاباً فيها تسجيل لمحاضر جلساته فى حواره مع الأخبار تحدث مطولًا عن التحديات التسع التى تواجه الإعلام العربى وأسباب غياب إعلام عربى موحد وتحول بعضه إلى أداة لبث الخلافات بين الدول العربية،فسر ظاهرة بث قنوات عربية معادية للدول العربية من تركيا واعتبرها جزءا من مشروعها فى التدخل فى الشأن العربى ووضع روشتة علاج للتعامل الإعلامى مع الغرب وتصحيح المفاهيم حول المسلمين والعرب ودور الإعلام والثقافة فى مواجهة الإرهاب وهذا هو نص الحوار :


> كيف ترى المشهد الإعلامى العربي؟

المشهد الإعلامى هو تجسيد للمشهد السياسى، فعندما نقول الإعلام العربى تعنى أن هناك شخصية موحدة متكاملة،هذا الأمر واقعيا غير موجود. هناك مؤسسات إعلامية عربية كثيرة وقد لا تكون بالضرورة متكاملة،بدليل أنه لا يوجد خطاب إعلامى موحد،وعندما نخاطب الآخر نخاطبه بوسائل قد لا تكون مؤثرة للرأى العام الغربى على سبيل المثال.قبل أن أتولى رئاسة قطاع الإعلام والاتصال دعيت من قبل الجامعة لأقدم محاضرة حول تحديات الإعلام العربى، وحددت هذه التحديات بتسعة تحديات أساسية: أولها التحدى المعرفى، فغالبية الذين يعملون فى قطاع الإعلام فى الدول العربية لم يدرسوا فى كلية الإعلام،وعندما كنت أعمل فى منظمة مراسلون بلا حدود مسؤولا أو مستشارا للشئون العربية وتجولت مع روبير مينار مدير المنظمة فى الدول العربية،كان طلب الإعلاميين نحن نريد تدريب لأنه بإمكانك أن تتجاوز المعرفة الأكاديمية بدورات إعلامية مستمرة فى السنة شهر مثلا للتعرف على مدارس الاعلام ومستجدات تقنياته،لكن حتى ميزانيات التدريب فى الكثير من المؤسسات الإعلامية غير موجودة ويعتمدون على تمويلات الآخر،والآخر هنا دولة أو منظمة دولية معنية بهذا الملف لها أجندات وأفكار خاصة ضمن شروطه يغذيك بأمور أخرى غير التدريب تتوافق مع إستراتيجيته.

أما التحدى الثانى فهو التحدى القانونى فى الغرب هناك معرفة قانونية مسبقة للإعلامى ودراسة للقانون تجعله يعلم ما الممنوع والمحظور والمجتنب لكى يتحاشى الوقوع فيه. ينبغى أن تكون هناك معرفة قانونية فما يحلل فى مناطق غربية قد يحرم فى مناطق أخرى،فالمعايير الخلقية والقانونية ليست متطابقة فى الوقت نفسه فى الأماكن العديدة فتختلف من مكان لآخر، بالتالى لدينا إعلام ملئ بالممنوعات،السقوط فى بث الحث على الكراهية على سبيل المثال،بث العنصرية،والتحريض على الآخر،هناك أشياء ممنوعة دوليا وتمارسها وسائل الإعلام عن جهل وعدم معرفة قد لا تكون عن نية سيئة،إذن نحن لم ندرس إعلاميينا ماهى حدودك عندما تكتب مقالتك،فتكتب وترتكب بعض الممنوعات،دون إدراك لتأثيرها.

نصوص وقواعد عامة

> تحدثت عن الحرية الإعلامية فهل الأمر خاضع لكل دولة أم أن هناك إطارا عاما لها ؟

هناك قواعد عامة تحدد الحرية الإعلامية وهى منصوص عليها بقوانين ترجع إلى بداية الثورة الفرنسية عام 1789 إلى اليوم هناك قوانين متطورة،ومنها اللائحة العالمية لحقوق الإنسان صدرت منذ عمر الثورة الفرنسية وأصبحت 1948 العهد الدولى لحقوق الإنسان فى داخله المادة 19 تحدد حرية الإعلامى وحقوقه،وفى عام 1973 حدد مؤتمر ميونخ حقوق وواجبات الإعلامى وصدرت مواثيق شرف وكيف تتعامل مع المادة الإعلامية.

> نعود من جديد للتحديات التى تواجه الإعلام العربى ؟

هناك التحدى الثالث هو معرفة القوانين الدولية وهى إحدى أهم مستلزمات مزاولة المهنة الإعلامية، إن مهنة الإعلامى تقتضى توفر الوعى الكافى بالبنية القانونية والأخلاقية للمجتمع لكى لا يقع الإعلامى فى مغبة خرق القوانين أو تجاوزها. وهناك تحدى الوعى بالشرائع والمواثيق الدولية، حيث صدرت عشرات القوانين الخاصة بحرية الإعلاميين وبحقوقهم وضمانات سلامتهم وعلى الإعلامى العربى معرفتها والرجوع إليها عند الحاجة،فعلى سبيل المثال قرار مجلس الأمن 1738 هذا القرار بعدما ازداد فى العراق خطف وقتل الصحفيين إلى درجة تجاوز عدد الضحايا 300 صحفى فى سنوات قليلة،فأصبح العراق فى ظل الاحتلال الأمريكى البلد الأول المهدد لحرية الإعلام والصحافة،الأمر الذى دفع منظمة مراسلون بلا حدود بعمل نصب منحوت بأسماء الذين سقطوا شهداء الإعلام، لماذا قتل كل هذا العدد دون أن يحرك الأمريكيون وهم يحتلون البلاد ساكنا لماذا لم يقدم المسئولون عن القتل للمحاكمة؟ أن عليهم مسئولية قانونية وفق الاتفاقات الدولية وأمام القانون الدولى لماذا لم تفتح قط تحقيقات بذلك ما هو السبب؟!

فى وقتها كنت فى فرنسا ودعيت لمناقشة القرار الذى قدمته فرنسا واليونان لمجلس الأمن وكان اللقاء بحضور السفير اليونانى والسفير الفرنسى فى الامم المتحدة وقد صوت مجلس الامن على القرار بتاريخ 26 ديسمبر 2006،وأفضل ما فى قرار 1738 هو أن يقوم الأمين العام للأمم المتحدة كل عام بتحديد الدول التى تحدث بها خروقات حقوق الإنسان للصحفيين والإعلاميين وينذر المسئولين القائمين على هذه الدول وقد طرحت أيضا مسألة الإفلات من العقاب فلا يصح أن يسمح المجتمع الدولى بذلك،هناك عدد من اللوائح فى هذا القرار التى تخص الإعلاميين فى الأزمات ومناطق التوتر وعلى الإعلامى ان يكون ملما بها.

تحد آخر هو التحدى التكنولوجى، فليس من المعقول أن ينتقل العالم إلى الإعلام الرقمى والإعلام التفاعلى وتمارس شبكات التواصل الاجتماعى تأثيراتها بفعالية أكبر من وسائل الإعلام التقليدية والقنوات الرسمية،وبخاصة فى مرحلة كورونا ونحن نجهل تقنيات وآليات الاعلام التفاعلي. كان ماينشر على وسائل التواصل أكثر تأثيرا من الإعلام التقليدى،فقد ولد الصحفى الالكترونى،وأصبح بإمكانك وأنت فى منزلك أن تنشر ما تشاء،إذن أصبح هناك منافسة بين شبكات التواصل الاجتماعى والإعلام التقليدى. معرفة الإعلام الجديد لابد منها هناك أيضا التحدى الاقتصادى بمعنى توفير الدعم المالى للمشروعات الإعلامية دون ان ينتقص ذلك من مهنية الإعلامى واستقلاليته وعدم خضوعه لسلطة صاحب رأس المال،وهناك كذلك التحدى الخاص بإمكانية التوازن بين المهنية والوطنية هذا يتم عبر تعزيز أخلاقيات المهنة وتوفير أقصى درجات الموضوعية والعمل بمقتضياتها.

السيادة الوطنية

> فى رأيك ماهى أسباب غياب إعلام عربى موحد قادر على مواجهة حملات تشويه صورة العرب والدين الإسلامى؟

عندما نقول أن هناك إعلاما عربيا فإننا نفترض وجود اتفاق وتوافق على خطط وبرامج موحدة لاعلام عربى وليس بمقدورنا ادعاء ذلك،هذا الأمر غير موجود مثلما يوجد اختلاف بالأنظمة السياسية بذرائع السيادة الوطنية، يوجد اختلاف بالأنشطة الإعلامية القطرية،فى حين أن السيادة العربية هى أكبر شمولية وأكثر أهمية لأنها تقتضى تعاون الدول العربية ليس فقط فى المجالات الاقتصادية والسياسية لكن الإعلامية أيضا،ليكون عندنا خطاب إعلامى موحد،فعندما يخلط الغرب بين الإسلام والإرهاب فهذه كارثة،أنهم يتحدثون عن الإرهاب الإسلامى وكأن الإسلام مسؤول عن التطرف والإرهاب فى حين لا يصفون المتطرفين عندهم ودعاة العنصرية بالإرهابيين المسيحيين.. وحتى نحن نحارب الاحتلال الغربى لكننا نرفض القول الإرهاب المسيحي،لأن المسيحية بريئة من الإرهاب الاستعمارى، نحن لم نخلط وقلنا أن هذه قضايا سياسية ليس لها علاقة بالأديان،فى الوقت الذى اعتبروا فيه أن ديننا محرض على العنف وأن القرآن أكبر مصدر لتحدى الآخر،فكيف يمكن أن تصحح هذه الصورة إذا لم يكن عندك وسيلة متفق عليها بخطاب إعلامى عربى بديل للخطاب الساذج،فتخاطب الآخر باللغة التى يفهمها،ولابد من توجيه إعلامنا نحو الآخر.

لابد أن تعرف اللغات وتوجه خطاباتك الإعلامية بهذه اللغات وتكون أطروحاتك فاهمة ومتفهمة للآخر.

> ولعل ذلك كله يطرح تساؤلا مهما عن مسئولية الجامعة العربية عن هذا الغياب للإعلام العربى الموحد؟

فى واقع الأمر لم يغب خطاب الإعلام العربى الموحد عن نشاطات جامعة الدول العربية فهى أساساً منذ نشأتها عام 1945 قامت على مبدأ التكامل السياسي،والتكامل الاقتصادى وأسست السوق العربية المشتركة،لكنها لم تتقدم مثل السوق الأوروبية المشتركة، الأوروبيون شعروا أن قوتهم باتحادهم وأن مبدأ السيادة الأوروبية متقدم على السيادات الوطنية، نحن نعى جميعنا ذلك ومع ذلك تسود فى نشاطاتنا النزعات القطرية على حساب النزعات القومية،وبدلا من ان نصبح دولة واحدة صرنا 22 دولة، حاولت الجامعة العربية فى كل مراحلها التاريخية ان توفر الأرضية العربية التى يزدهر فيها العمل العربى المشترك.. حاولت وما زالت الخيمة التى يستظل بها كل العرب. وعلى الرغم من العقبات فقد حققت الجامعة العربية الكثير من المنجزات منها «الربط الكهربائى، الربط الملاحى، الربط البرى، والتعريفة الجمركية» دون السماح للمنطقة العربية بالوحدة وأتذكر أننى وصلت إلى مصر عام 1963 وكانت المرحلة الناصرية بقيت تسع سنوات كانت فى هذه الفترة سنوات الشموخ العربى، كان العالم كله يتجه إلى مصر كونها تمثل ليس فقط الطموحات العربية لكن طموحات آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية والعالم كله منبهر بما يحدث هنا.المشكلة لدينا نحن،صحيح هناك قوة تأثير خارجى كبيرة جدا ولكنها تحديات ليست جديدة فمنذ عهد محمد على الكبير موجودة وسوف تستمر.

غياب القدرة

> هل تتحمل الجامعة العربية جزءا من المسئولية من أنها لم تستطع عمل خطاب إعلامى موحد؟

الجامعة العربية جوهر نشاطها الإعلامى هو العمل على تبنى الخطاب الإعلامى العربى الموحد،ففى قطاع الإعلام فى الجامعة هناك اللجنة الفنية لوزراء الإعلام العرب التى تعقد اجتماعاتها وتنشط بفعالية وبانتظام،وهناك اللقاءات الدورية للإعلاميين العرب التى عقدناها حول قضايا الإعلام،حتى فى زمن كورونا استمر النشاط الإعلامى واستمرت الندوات عبرالفيديو كونفرانس،هذا هدف مركزى من أهداف الجامعة، لكن المسألة تعتمد على شيئين القدرة والمقدرة.القدرة تعتمد على وجود كفاءات علمية لأن الإعلام علم يدرس بالجامعة،والمقدرة هى الأموال،فإذا غابت عنك قدرات التمويل كيف يمكنك أن تعمل. هناك حقائق موجودة على الأرض هناك ٢٢ دولة عربية،كل دولة عندها سيادة وأولويات وتريد إعلامها يعبر عن توجهها السياسى لقد نجحت التجربة الأوروبية بفعل تسامى الروح التوحيدية على النزعات الوطنية. فعلى سبيل المثال إذا كنت تعانى من ظلم انسانى فى احدى الدول الأعضاء بالاتحاد يمكنك الرجوع إلى محكمة حقوق الإنسان الأوروبية وحكمها يسرى على كل الدول،هذا معناه أن عندك مرجعية موحدة فوق الدول. 

> هل الجامعة غير قادرة على استقطاب المال العربى لإنشاء قناة عربية ترعاها لخدمة المصالح المشتركة ؟ 

كنا فى الجامعة العربية نقدم نشاطا تلفزيونيا اسمه بيت العرب،كما كان لنا برامج اذاعية.. الامر هو ذاته فلا تكفى القدرة والخبرة النظرية دون المقدرة المالية.. لقد تقدمت مشاريع عدة لإنشاء قناة عربية تعمل بمبدأ العمل العربى المشترك.. كان هذا المقترح قد طرح عام 2015 وحصل على موافقة الدول العربية،وما زال الامل معقوداً على تحققه...نأمل ونعمل لهذا الأمر.

هناك أكثر من 400 قناة فضائية عربية فهل أصبح الإعلام مادة لتكريس الخلاف ؟

كما أسلفنا فأغلب هذه القنوات تجارية أو ذات أهداف خاصة منها القنوات الطائفية والقومية والدينية والسياسية التى تكرس الاختلاف وتبث الكراهية والعنصرية وهى قضايا محرمة دولياً، ناهيك عن أن أكثرها قنوات فنية هدفها تحقيق الربح بمعنى تجارية.


> هناك قضية فى غاية الأهمية ولا تحظى باهتمام كاف وهى استضافة تركيا للعديد من القنوات تستهدف خطابا معاديا لمصر والدول العربية منها بتمويل عربى ؟


من المؤسف دائما وجود هؤلاء، الدول الإقليمية لديها طموحات عديدة وتركيا بشكل خاص كان بإمكانها مع النجاحات الاقتصادية التى حققتها ان تحظى بمكانة دولية مرموقة أن تمارس نفوذها الناعم بمعنى أن تؤثر فى المنطقة العربية عبر الانشاءات والبنية التحتية والصناعة والتبادل التجارى والفن والمسلسلات التفزيونية،كانت سياسة ناجحة،لكن أصبح للنجاحات الاقتصادية مخالب عسكرية،الآن تركيا اختارت طريقا أخر،فأصبح لديها قواعد عسكرية فى ست دول عربية العراق، سوريا، ليبيا، الصومال، السودان وقطر، فأصبح لها فى العراق فقط 21 قاعدة عسكرية ومركز استخبارى، نقلت جيوش،خرقاً للقاعدة التى قامت عليها الجمهورية التركية منذ قرن وهى «سلام فى الداخل وسلام فى الخارج» ممنوع استخدام القوات التركية خارج الحدود، الآن أصبحوا ينقلون الجند لأى مكان. النظام التركى ينشغل بالعثمنة وبكيفية إعادة المجد العثمانى وهو أمر غابر وتجاوزه الزمن.


صورة مشوهة

> هل تعتقد فى وجود دور للإعلام العربى فى مجال تعديل صورة العربى ومواجهة رابط الإسلام بالإرهاب؟

مواجهة الإرهاب قضية دولية لا تخص دولة بعينها وهناك أمر جرى تغييبه اعلامياً من علاج هذا الوباء وهو العامل الثقافى،فلا تستطيع أن تحارب الإرهاب بالسلاح فقط ولا ان تحارب الإعلام الكاذب بالنوايا الطيبة،فالثقافة هى الأساس. ولدينا تجربة مهمة فى ذلك. عندما كنت فى فرنسا،لاحظنا أن الكتب المدرسية التى يتعلم منها أولادنا تحتوى على توجهات عنصرية فعندما يذكر العربى فى الكتب يذكر بصورة سلبية، ترافقه صفات مثل منافق ويطعن من الخلف، وقد قامت باحثة لبنانية وهى مارلين نصر بتقديم رسالة دكتوراه حول صورة العربى فى الكتب المدرسية الفرنسية،وجرت تنقية الكتب،بمعنى أنه دائما بإمكانك أن تتحرك لإرساء صور ثقافية صحيحة وتخاطب الآخر بما يفهمه،لذلك أسست مع مجموعة مرموقة من الشخصيات المصرية والعربية الصالون الثقافى العربى، لأننى اعتبرت المسألة الأساسية فى الفكر العربى هى الثقافة وكل الجهد ينبغى ان يبذل فى ثقافة التنوير والانفتاح على الآخر بدل الانعزالية والتعصب.

وأتذكر تماما كيف تعمل الصهيونية العالمية لتشويه صورتنا فى الخارج ففى يوم كنت فى باريس أشاهد لقاء تلفزيونيا مع رئيس اتحاد المنظمات اليهودية فى فرنسا يقول فيه إن العرب لا يحبون الآخر حتى دينياً بدليل انه فى اجتماع الحوار العربى الأوروبى الذى تم فى جامعة الدول العربية وينقل صورة حية من الاجتماع،بدأ أحد السفراء العرب تدخله بالقول: بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وأوقف التسجيل وقال انظروا انه يقول أشرف المرسلين وهذامعناه ان المرسلين الآخرين غير شرفاء وهذه ترجمة حرفية. ويضيف انظروا كيف يفكر العرب بطريقة عنصرية ويقولون أن أنبياءنا غير صالحين،فلابد أن نحسب حساب الكلمة لأن الاعداء يستغلون كل ما نقول ويحورونه.

> هناك منظمات عربية عديدة عاملة فى نفس مجال الإعلام مثل اتحاد الصحفيين العرب هل يمكن التنسيق معها ؟

ننسق مع الجميع، ليس هناك ما يعيق التعامل هذه المؤسسة العريقة وتاريخ لاتحاد الصحفيين العرب مشرف.