حوار| سفير فلسطين بالجزائر: نثق في الأمة العربية.. وموقف ترامب تجاهنا «استفزازي»

السفير أمين مقبول
السفير أمين مقبول

-السفير أمين مقبول: الشعب الفلسطيني أسقط «صفقة ترامب».. وهناك محاولات يائسة لإنجاحها

-بايدن أقل عداءً وأكثر موضوعية من ترامب تجاه الفلسطينيين

-الدول العربية لن تتنازل عن المبادرة العربية للسلام.. بما فيها التي طبعت مع إسرائيل

-لن ننسحب من الجامعة العربية ولن نتخلى عن عروبتنا

 

تمر القضية الفلسطينية في الوقت الراهن بتحدياتٍ عصيبةٍ تواجهها من عدة جوانب، ولعل من أبرزها الانحياز الأمريكي الواضح للاحتلال الإسرائيلي، بدايةً من الاعتراف بالقدس عاصمةً لإسرائيل، في تحدٍ للشرعية الدولية والقرارات الأممية، وتزييفًا لواقع المدينة المقدسة.

وبالرغم من كل ما تواجهه الأمة العربية من تحديات، لا تزال فلسطين لا تزال هي قضية العرب الأولى، وبيت القصيد لكل شعوب العالم العربي، إلى أن يتحقق حلم الدولة الفلسطينية المستقلة، التي تكون زهرة المدائن القدس عاصمةً لها.

وفي ظل ما يحيط بالقضية الفلسطينية من تحديات حالية، أجرينا حوارًا مع السفير أمين مقبول، سفير فلسطين لدى الجزائر، حول مستجدات القضية.

 

-في البداية.. ما رأيك في الموقف الجزائري الذي أعلنه يوم الأحد الماضي الرئيس عبد المجيد تبون بأن بلاده لن تكون جزءًا من التطبيع مع الاحتلال بصفتكم سفيرًا لفلسطين لدى الجزائر؟

موقف الجزائر لم يكن مفاجئًا.. هذا موقف الجمهورية الجزائرية التاريخي عبر عشرات السنين تقف مع الشعب الفلسطيني في التحرر والاستقلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.

الجزائر دعمت الشعب الفلسطيني والثورة الفلسطينية طوال هذه السنين، فالشعب الجزائري بكل مكوناته يقف إلى جانب الشعب الفلسطيني في كل المناسبات، وجاءت تصريحات الرئيس الجزائري تعبيرًا وتأكيدًا لهذا الموقف، الذي كان عاديًا بالنسبة لنا، فهو يعبر عن الدعم الجزائري المتواصل، وقد أعطانا دفعةً بأن الحكومة الجزائرية ستقف مع الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة.

-كيف تقيم اتفاقيات السلام التي وقعتها بعض الدول العربية مع إسرائيل؟

المشهد الذي رأيناه بين دولتي الإمارات والبحرين ودولة الاحتلال الإسرائيلي بإشراف الإدارة الأمريكية كان مشهدًا مؤلمًا ومحزنًا، وكانت خطوة غير متوقعة.

-كيف تصف  الانحياز الأمريكي الكامل لإسرائيل على حساب فلسطين خاصةً في حقبة دونالد  ترامب؟

في الحقيقة الانحياز الأمريكي الكامل للكيان الصهيوني على حساب القضية الفلسطينية ليس حديثًا وإنما قديمًا، وليس في حقبة ترامب فقط.

لكن ترامب عبر عن الموقف بشكلٍ فظٍ وبشكل استفزازي، واندفع كثيرًا في تأييد الادعاءات الصهيونية في فلسطين، لدرجة أنه تناسى وتجاهل ما كان الرؤساء السابقون يتجنبونه، وبالتالي خلق استفزازًا كبيرًا لمشاعر الأمة العربية ولكل أحرار العالم، خاصةً بعدما نقل سفارة الولايات المتحدة من تل أبيب إلى القدس، وأعلن عن الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وتجاهل حق الفلسطينيين وحق العرب والمسلمين في القدس.. هذا الحق التاريخي والأبدي الذي لن تتنازل عنه الأمة العربية والإسلامية أبدًا.

-هل الوضع والموقف الأمريكي قد يتغير نوعا ما إذا أزاح جو بايدن ترامب من السلطة في نوفمبر؟ أم أن الوضع سيبقى كما هو؟

وفق تصريحات جو بايدن الانتخابية، يبدو أنه أقل عداءً وأكثر موضوعية من الرئيس الحالي، وبالتالي ربما يتغير الموقف نوعًا ما، ولكن لن يكون الموقف منحازًا للشعب الفلسطيني كليًا، بل ربما يقل عداء الولايات المتحدة والإدارة الأمريكية للشعب الفلسطيني والقيادة الفلسطينية.

-ما رأيكم في الموقف العربي الأخير تجاه القضية الفلسطينية؟ وهل تغير الآن عما كان في السابق؟

للأسف الموقف العربي تغير في الشكل فقط وليس في الجوهر، بينما بقي موقف الجماهير العربية ثابتًا.

كما أنه أصبحت هناك أصوات تقول إن الإسرائيليين لهم الحق في فلسطين أكثر من الفلسطينيين وهذا معيب، وهذا للأسف يؤثر في الرأي العام العربي والعالمي.

ولكن دعني أؤكد أننا نعتمد على موقف الأمة العربية ووجدان الأمة العربية، ونعتمد على ركائز الحضارة العربية والإسلامية، وهذا ما يجعلنا مطمئنين إلى أن النصر آتٍ مهما بلغت التضحيات والعقبات.. وأننا منتصرون يومًا ما.. وأن القدس ستعود.

-كيف ترى الموقف المصري تجاه القضية الفلسطينية تاريخيًا؟

تعودنا من مصر تاريخيًا أن تقف مع الشعب الفلسطيني في كل الظروف وفي كل الأوقات، تحملت مصر ما تحملته جراء دعمها وموقفها الثابت العروبي الإسلامي تجاه القضية الفلسطينية، والمُنطلق من قيم ومبادئ حملتها الثورة المصرية ثورة يوليو عام 1952.

-هل ترى المبادرة العربية للسلام قادرة على الصمود في وجه صفقة القرن؟ وما أبرز التحديات التي تواجهها؟

الواقع يفرض نفسه، نقول ليست المبادرة العربية للسلام هي التي ستحدد وحدها، موقف القيادة الفلسطينية والشعب الفلسطيني أيضًا له دور، والرأي العام العالمي الذي أجمع على ضرورة إقامة الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران (يونيو) عام 1967 وعاصمتها القدس.. هذا موقف يجمع عليه غالبية دول العالم، وبالتالي ليست المبادرة العربية للسلام، هي من تحدد وحدها مصير المنطقة.

أعتقد أن المبادئ التي تضمنتها المبادرة العربية للسلام هي التي ستقف صامدةً أمام صفقة القرن وأمام التحديات التي تواجهها الأمة العربية والشعب الفلسطيني.

وأنا واثق من أن الشعب الفلسطيني وحده بصموده وثباته قادر على إسقاط صفقة القرن، وهو أسقطتها فعلًا، وما نراه الآن عبارة عن محاولات يائسة لإنجاح الصفقة، ولكني أعتقد أن الصفقة ستسقط بصمود الشعب الفلسطيني وتحديه، إضافةً إلى دعم الأمة العربية والجماهير العربية والعالم أجمع.

ولو استعرضنا مواقف الدول العربية حتى التي وقعت اتفاقا مع إسرائيل، لم تتنازل عن مبادئ المبادرة العربية للسلام وحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته.

-بالنسبة للجامعة العربية.. صائب عريقات أكد أن فلسطين لن تنسحب من الجامعة.. بينما أدلى رئيس الوزراء محمد اشتية ببعض التصريحات ضد موقف الجامعة فكيف رأيت المشهد؟

الاستياء وارد وصحيح لدى الشعب الفلسطيني من موقف جامعة الدول العربية، ولكن نحن لن ننسحب من الجامعة العربية، ولن نتخلى عن انتمائنا القومي العروبي.. نحن عرب والعروبة تسري في دمائنا، وبالتالي سنتمسك بالجامعة العربية وكل ما يجمع الأمة العربية، لأننا لا زلنا نثق في الجماهير العربية.

-في الختام.. ما رسالتك الأخيرة لشعوب الوطن العربي؟

أقول للأمة العربية في مختلف الأقطار من المحيط إلى الخليج أن ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من جهود وتحديات ومن إذلالٍ وقتلٍ واستيطانٍ وتدمير بيوت وتهويد للأقصى هو ليس موجهًا فقط للشعب الفلسطيني وإنما للأمة العربية كلها.

المشروع الصهيوني الإمبريالي موجه للمنطقة العربية ووحدة الأمة العربية وتقدمها، وليس الشعب الفلسطيني فقط، فإذا سقط الشعب الفلسطيني لا قدر الله وانحنى للإملاءات الصهيونية الأمريكية فستكون سقطة كبيرة للأمة العربية جمعاء.

آمل أن تكون القضية الفلسطينية بالنسبة للجماهير العربية هي القضية المركزية ورأس حربة في وجه الاستعمار الغربي والإمبريالي الصهيوني، وذلك دفاعًا عن الأمة العربية جمعاء وليس دفاعًا عن فلسطين فقط.