شىء من الأمل

لماذا لا يستسلم الاخوان ؟!

عبدالقادر شهيب
عبدالقادر شهيب

طالب إبراهيم منير فى بيان له أعضاء جماعته فى مصر عدم الخروج للتظاهر يوم ٢٠ سبتمبر حماية لأنفسهم من الوقوع فى يد الامن، خاصة أن معظم أعضاء الجماعة كما قال البيان إما موجودون الآن فى السجون او هاربين خارج البلاد.. وفى ذات الوقت اضاف الرجل الذى يقوم بأعمال مرشد الاخوان بعد إلقاء القبض على محمود عزت فى حديث لقناة الجزيرة أن جماعته أوقفت الاعمال المسلحة داخل مصر الآن.. ومع ذلك لا تتوقف قنوات الاخوان عن الاعمال العدائية ضد مصر من بث لشائعات ونشر للأكاذيب واثارة الشكوك والفتن..وهنا يثور سؤال وهو : لماذا لا يستسلم الاخوان إذن اذا كانوا يشعرون حاليا بالضعف والاحباط وبعدم القدرة على الفعل المؤثر ؟
وطرح هذا السؤال له ما يبرره.. فان الاخوان يعانون أزمة قاسية لم يمروا بها من قبل حتى بعد الحل الاول لجماعتهم ثم اغتيال مؤسسها حسن البنّا فى الأربعينات من القرن الماضى، والحل الثانى وإعدام معلمهم الجديد سيد قطب فى الستينات من ذات القرن.. فهم ليسوا مطاردين الآن أمنيا فقط وانما شعبيا أيضا، بعد أن انتفضت الملايين ضدهم وأطاحت بهم من الحكم الفاشى المستبد الذى حاولوا فرضه على البلاد، وبعد أن تأكد عموم الناس أن الاخوان هم مجموعة من الارهابيين بعد أن انخرطوا فى أعمال عنف لاستعادة هذا الحكم مجددا طالت مع المؤسسات الأمنية والحكومية عموم الناس والمؤسسات الدينية.. كما أن الاخوان بعد ٣٠ يونيو ايضا لم يتعرضوا للمطاردة فى مصر وحدها، وانما فى المنطقة العربية كلها، وهو ما ألحق بهم الكثير من الخسائر فى البلاد العربية التى كانوا يخططون للسيطرة السياسية عليها، بل أدى إلى تراجع مشروع الاسلام السياسى الذى زرعه الاخوان فى منطقتنا وشهدت عقود مضت صعودا مستمرا له بعد أن وجد قبولا أمريكيا وغربيا
كل ذلك كان لابد أن يدفع الاخوان لإعلان الاستسلام والكف عن توجيه الاذى لنا فى مصر.. غير أن ذلك لم يحدث حتى الآن لأكثر من سبب يتجاوز أنهم اعتادوا طوال تاريخهم على إقناع أنفسهم بتحمل المحن.. وأولى هذه الأسباب أنهم يجدون حاضنة إقليمية لهم توفرها تركيا وقطر اللتان تقدمان لهم الملاذ الآمن والغطاء السياسى والدعم المالى واللوجستى والاعلامى.. وهذه الحاضنة تستغل الاخوان فى تحقيق مصالحها وأطماعها ولذلك لاتريد التفريط فيهم مادامت فى حاجة لهم لذلك هى تحضهم وتشجعهم على الاستمرار على قيد الحياة رغم ما اعترى جماعتهم من ضعف وصل إلى درجة التصفية للهيكل التنظيمى الاساسى لها داخل مصر وجهازها المسلح
أما السبب الثانى فهو يتمثل فى أن الاخوان مازالوا رغم الشكوك الدولية المتزايدة فيهم يملكون تنظيما دوليا يحظى بتمويل ضخم واستثمارات كبيرة فى العديد من الدول خاصة الاوربية، وربما يفسر لنا ذلك لماذا لم تعتبر دول عديدة الاخوان جماعة ارهابية.. وهذا التنظيم يدعم ويمول الآن أنشطتهم وأعمالهم التى تستهدفنا فى مصر وبالتالى وفر لهم البديل المالى الذى افتقدوه بعد مصادرة اموالهم ومنشآتهم الاقتصادية فى البلاد.
ثم ياتى السبب الثالث والذى يتعين ألا نغفله وهو يتمثل فى أن جماعة الاخوان رغم تصفية الهيكل التنظيمى تقريبا لها داخل البلاد إلا أنها تمكنت خلال اعتصام رابعة والنهضة من تجنيد العديد من الشباب صغير السن، وشجعها على ذلك مناخ كان يشجع ومازال على التطرّف الدينى الذى يهيئ لهم اصطياد هؤلاء الشباب
لهذه الأسباب لم يستسلم الاخوان حتى الآن.. ولذلك يجب ألا نغفل عن خطرهم دون أن تستنزفنا مؤامراتهم.