يوميات الأخبار

ثروتهم الحقيقية.. «الشرف» !

عصام السباعى
عصام السباعى

لأن أهل مطروح قوم يعرفون كلمة الشرف بكل تنويعاتها، ويعتبرونه ثروتهم الحقيقية.. فتدبروا !

الخميس:
 أحلى مافى مرسى مطروح هم أهلها وبحرها، يتغير الزمن وتتعاقب الأجيال، ومازال كل منهما على حاله لم يتغير، طبعا كل قاعدة لها شواذ، ولكن يبقى الأصل فى أهل مطروح هو الطيبة والأمانة والشرف، تستطيع أن تترك أى شيء وسطهم، وسيبقى على حاله لا تمتد له يد، كما يمكن أن تشك فى أى معاملة معهم، ولكن ثق تماما أن أحدا منهم لن يلوث اسم عائلته، ولن يجعل أى شيء يمس شرفه بسوء، ولى هنا عشرات القصص، وأتذكر منها حكاية ذلك المقاول الذى باشر لى أحد الأعمال، ولما وصلنا إلى مرحلة الحساب، طلب مبلغا مغالى فيه وعلى غير الاتفاق الذى بيننا، وكان معه شقيقه، ولم أجادله، أحضرت له ماطلب، وقلت له : بشرفك هل هذا حقك ؟!، وهنا أخذه شقيقه من يديه بعيدا، ثم عادا لى، وقال لى إن حقه هو نصف المبلغ فقط. ولعل ذلك مايبرر التزام الأهالى باتفاقات مرت عليها عشرات السنين، وعدم تخليهم عن عاداتهم وتقاليدهم التى تلقوها من الآباء والأجداد، وما زال أهلنا فى مطروح على ماهم فيه من جمال فى الروح والتعاملات، والالتزام بالعرف البدوى، ولا يوجد أجمل ولا أمتع من أن تسمع حكاية العرف البدوى، من زعيم شباب مطروح فرج منصور الجبيهى مدير القرية البدوية، وهو يشدك عندما يتحدث عن دستور القبائل الخمس الكبرى فى مطروح وهى : أولاد على الأبيض، أولاد على الأحمر، القطعان، السُننة، الجمعيات، ويحكمها من السلوم غربًا حتى الحمام شرقًا، اتفاق تم منذ أكثر من سبعة قرون، ويحمل اسم " دربة أولاد علي"، وتنظم مواده كل نواحى الحياة بداية من نزاعات القبائل والميراث، والقتل والزواج، من السلوم غربًا حتى الحمام شرقًا، وهو أمر يجعلك تشعر بالاطمئنان، فإذا لم ينصفك القانون، فثق تماما أن الأعراف البدوية ستحفظ حقوقك، لأن أهل مطروح قوم يعرفون كلمة الشرف بكل تنويعاتها،ويعتبرونه ثروتهم الحقيقية.. فتدبروا !
 ذكريات مع الحالة «المطروحية» !
 الجمعة:
 أنا من عشاق الساحرة " مرسى مطروح "، تعلق بها قلبى منذ الصغر، وما زلت أتذكر طريقها القديم بمحاذاة البحر، واللون الكستنائى لمياهه يملأ عينى، تحيط به بحيرات من الملح الأبيض على طول المدى، لم تكن الشواطئ كما هى الآن، كانت مفتوحة للجميع وبلا أسوار، كما كنت تستطيع أن تنصب خيمتك فى أى مكان، وتستمتع بجمال وأمان وخصوصية لن تجدها فى أى مكان، وكلها ذكريات مسجلة على شرائط كاميرا سينما فى الستينيات من القرن الماضي، فشلت فى العثور عليها، واستعادة مافات من أجمل الذكريات فى طفولتى المبكرة. ولا تخلو قصة العشق لمطروح من مفارقات، فأول تجربة للغرق كانت فى مطروح فى الجانب الآخر من شاطئ روميل الهادئ الآمن، وأول عاشق لبحرها لا يعرف العوم، ويكتفى ب " البلبطة "، كان من الطبيعى أن يكون لى مقر فيها، ورزقنى الله بشاليه فى قرية ارتبطت بها روحى، اسمها الحالى " النوران "، ثم تبين لى بعدها أنها تحت الرهن من البنك العقارى المصرى العربى، ولعلها الوحيدة التى احتفظت بمكانها على مدار عقود بين " المتعثرين "، رغم توالى مبادرات البنك المركزى لتصفية ذلك الملف القديم، ولم ينقطع عشقى لذلك المكان الذى غنت له ليلى مطروح ولبحره ولساكنيه، حتى جاء يوم قبل 9 سنوات، وذهبت مع أسرتى إليها، وقبل الوصول إليها بمائة كيلو حدثت الحادثة، وعدت مع ولدين لى فى سيارة اسعاف للقاهرة مصابين، ولحقت بنا سيارة إسعاف أخرى تحمل جثمانى زوجتى وابنى الأصغر رحمهما الله، وتخيلت بعدها أن مطروح قد فقدت مكانها فى قلبى، ولكن الله كان كريما بى، فقد مسح من ذاكرتى كل مايتعلق بالحادث، واحتفظ فقط بكل حلو فيها، كما حفظ مكانا كبيرا لذكريات جديدة أخرى سعيدة، لا تمسح مافات، ولكن تمد الساعات الجميلة فيما هو آت.. فتدبروا !
 «الناس» و«النسانيس» فى القرية البدوية !
 الثلاثاء:
 طقوس بسيطة تسعد زوجتى وأصبحت تسعدنى أنا أيضا فى مطروح، ومنها على سبيل المثال شراء أقراص الطعمية من مطعم عمر المختار، وخبز المدينة الأبيض من الفرن الذى أمامه، ثم شراء أشياء ربما لا نريدها من ذلك الرجل العجوز ضعيف النظر الذى يجلس على كرسيه وهو يقترب بعينه من صفحات المصحف، وهو نفس المشهد الذى يكون عليه فى كل عام، وبعدها نذهب إلى شط بحر الكورنيش والتهام تلك الأكلة الرائعة، وظهر مؤخرا طقس جديد وهو زيارة القرية البدوية غرب مدينة مرسى مطروح فى أول طريق السلوم، كانت البداية وأول المعرفة من أجل تجربة كهوف الملح بالقرية على عمق 4.5 متر تحت الأرض، والتى جعلها مؤسس المكان، الحاج عطية شتا العجنى، من المعالم الرئيسية للمحافظة، وهى كذلك بالفعل لأنها تقدم صورة مبسطة للحياة البدوية، ولأنى من هواة لحم الغنم، كان أكثر ماجذبنى هو اللحم المدفون، الذى "يستوى" داخل الأرض على نيران الحطب، وهذه المرة انتبهت إلى حديقة الحيوان الموجودة فى القرية، وأكثر مالفت نظرنا، هو اهتمام "الناس " بـ " النسانيس " أكثر من اهتمامها مثلا بالطاووس أو الغزال، ولا أدرى هل يرتبط ذلك للقرب فى الحروف أم فى الطباع، الغريب أن هناك نسناسين فى القفص الكبير، دعونا نفترض أنهما ذكر وأنثى، أو دعنا نقول إنهما زوج وزوجة، عندما كنا نقدم لهما الحلوى، كانت الأنثى تتركها للذكر، وعندما تبتعد وتأخذ شيئا، يجرى الذكر بسرعة نحوها فتلقى مابيدها له ثم تجلس على الأرض وكلها ذعر منه، ولم تأكل أى شيء، وذهبت كل الأشياء إلى جوف الذكر، وجعلتنى النسانيس أستعيد مايفعله المجتمع بالمرأة، فهى تعطى ولا تأخذ، مافى يدها دائما يكون للآخرين، تذكرت الأرامل وهن تحت رحمة المجلس الحسبى وكل ماتشتريه لأولادها بفاتورة بعكس مايحدث عند وفاة الزوجة، تذكرت الوضع الردىء للمطلقة، فالرجل يخلع من التزاماته، ولكن عندما تريد الأم نقل أوراق ابنها من مدرسة لمدرسة، لا يجوز ذلك إلا من خلال الزوج، وربما لا يكون على علم بأى فرقة دراسية يتعلم فيها ابنه ولا يعرف حتى قيمة المصروفات، أما لو أرادت وضع مبلغ مالى لابنها القاصر فى البنك، فلا تستطيع صرف مليم منه، ولكن أباه يستطيع ذلك وإلخ إلخ إلخ، تخرج المرأة من حفرة لتقع فى فخ، وربما يكون ذلك هو تفسير علاقة "الناس " و" النسانيس.. فتدبروا "!!!
 فخر فى العلمين وعار فى «علوش» !
 الأحد:
 ملاحظات مهمة وصادقة ومخلصة للوطن ومطروح، أضعها تحت عيون كل مسئول بداية من الرجل القدير المهندس مصطفى مدبولى ونهاية بمحافظ مطروح اللواء خالد شعيب، ونبدأ بالسهل وأقصد بذلك مجموعة من المشاكل المزمنة سهلة الحل، وأولاها مدخل مدينة مطروح بداية من الكيلو 7 وحتى قلب المدينة، فهو قبيح وردىء ولا يليق بمدينة سياحية مثل مطروح،وقد يرد واحد ويقول إن هناك مشروعات كانت تتم، ولكن الحقيقة أن ذلك هو الحال بعد المحافظ الأسبق الفريق محمد الشحات الذى يتذكره الأهالى بكل الخير أى مع بداية عام 2008، وكانت البداية بالشجر، حيث أراد أحد الأذكياء خفض التكلفة، فاستبدل مياه المجارى المعالجة بمياه الشبكة، فاحترقت الأشجار من جذورها، المشكلة الثانية فى المخلفات الضخمة الملقاة بطول الكورنيش الساحر لمطروح، ثم مشكلة المخلفات فى شارع الإسكندرية الرئيسى والشوارع الموازية لها، واختلاف الارتفاعات فى المدينة وضياع طابعها العمرانى، ولا يمكن أن ننسى كآبة الطريق الساحلى الدولى من أول مارينا وحتى آخر قرية على الطريق، وكلها لا تقوم بدورها المجتمعى، وعلى الأقل فى تشجير المساحات التى يمر عليها الطريق، والاستثناء الوحيد هو لقرية مراسى، والباقى يعمل بمنطق الشقق التى لا تهتم بالنظافة إلا فى الداخل، حتى لو تحول المدخل إلى مقلب للقمامة، ولا أدرى هل يمكن إلزام القرى بتشجير المناطق التى أمامها، خاصة أن ذلك سيحسن من شكلها،والتكلفة لن تصل لنصف ثمن شاليه، أو إيجار شاليه فى موسم صيف، وكذلك الحالة المزرية لطريق مرسى مطروح القديم، ونأتى إلى الكارثة، والتى أتمنى أن يتدخل فيها الدكتور مصطفى مدبولى رئيس الوزراء شخصيا، فلو كان مايحدث فى مدينة العلمين الجديدة شرفا ويدعو للفخر، أما ما تفعله المجارى فى الكيلو 14، فيدعو للعار، وهى مشكلة سببها إقامة محطة للتنقية فوق جبل، اعترض الجميع على مكان إقامتها، ولكنها أقيمت، وتوالت آثارها السلبية الكارثية بعد ذلك ولمدة 19 عاما، خاصة مع تزايد عدد السكان، وأعداد المصطافين ، وتفجرت الكارثة على مدار عدة أعوام، فتسربت مياه المجارى ودخلت آبار ومخازن مياه الشرب، وأحرقت الزراعات، ودمرت الصحة فى قرية علوش وماحولها، بل ظهرت آثارها عبر الطريق الساحلى، المشكلة خطيرة وتعاقب عليها عدد كبير من المحافظين، وكلهم اهتموا بها، ولكن لم يحدث أى شيء، ولم يتحرك أحد فى العاصمة.. فتدبروا !
 كلام توك توك:
 الباشا من هيبته بيتشتم فى غيبته!
 إليها:
 أعشق جمال روحك.. وأتعلم من فضائلك !