فى الصميم

يريدون البترول لتمويل الإرهاب!!

جـلال عـارف
جـلال عـارف

على مدى شهور طويلة كانت قضية إعادة تصدير البترول الليبى تحتل مكانا متقدما فى أى مفاوضات تسعى لحل الأزمة الليبية. وكان الفريق المهيمن على العاصمة طرابلس يوجه الاتهامات للجيش الوطنى الليبى المدعوم من جانب البرلمان الشرعى، بأنه يعطل العمل فى الحقول الرئيسية بشرق البلاد، بينما كان الواقع يقول ان الجيش الليبى كان يتولى تأمين حقول النفط هناك بصورة مستمرة لحمايتها من عصابات الإرهاب وأن الانتاج لم يتعطل إلا بعد اليأس من تحقيق المطالب الشرعية بأن تخضع ايرادات البترول لسلطة مستقلة تضمن ألا تذهب هذه الايرادات لتوزع على الميلشيات فى طرابلس أو لتغطية نفقات آلاف المرتزقة أو للصفقات المشبوهة والباطلة لصالح تركيا أردوغان!!
كان هذا على الدوام أحد مطالب شعب ليبيا وفصائله الوطنية وقبائله التى تواجه ظروفا صعبة ولا تنعم بخيرات بلادها التى يتم نهبها بدلا من أن تكون مصدر خير لليبيين جميعا، وكان النص على ضرورة توزيع ثروات الشعب بعدالة على كل المناطق الليبية احدى نقاط التوافق الوطنى فى أى تفاوض جاد من أجل الحل السياسى المطلوب.
ما يحدث الآن يكشف عن المزيد من تعقيدات الأزمة فى ليبيا. فى اطار السعى نحو الحل الدائم جاء الاتفاق على إنهاء توقف العمل فى حقول النفط الرئيسية مع ضمان الاشراف المشترك على عائدات النفط وانفاقها لتلبية احتياجات الشعب الليبى بعيدا عن سطوة الميلشيات ونهب الفاسدين والسطو التركى على ثروات ليبيا.
الغريب الآن أن من كانوا يتهمون «حفتر» بتعطيل انتاج النفط وتصديره يرفضون الاتفاق الجديد. المليشيات فى طرابلس تعلن العصيان والسراج المستقيل لا يقبل الاتفاق، والعصابة الاخوانية فى المجلس الرئاسى تتخذ نفس الموقف.. يدركون جميعا ومعهم القوى الخارجية الداعمة لهم ان الاتفاق يحرمهم من الهيمنة على المال العام لكى يتم انفاقه على دعم الإرهاب كما حدث فى الاعوام الماضية ويخشون من أن يكون الاتفاق فى قضية البترول إعلانا بأن فرص الحل السياسى قد أصبحت أكبر.
كل ما يجرى يؤكد أن تفكيك المليشيات وإنهاء التدخل الأجنبى وسحب عصابات المرتزقة الذين جاءت بهم حماقة أردوغان هى القضايا التى تفتح أبواب الحل. وبدون حسم الأمر وضرب معاقل الإرهاب وميلشياته ستبقى المقاومة الشرسة لأى خطوة على طريق التوافق بين أبناء ليبيا على إنقاذ وطنهم.