بعد الاختصار

دماء الخرفان

عمرو جلال
عمرو جلال

وقف المجتمع العلمى والطبى على أطراف أصابعه ليتابع حادثاً مهماً فى تاريخ الإنسانية.. كان ذلك فى عام 1667.. وقتها تم الاعلان عن إجراء تجارب لإجراء أول عملية نقل دم بين إنسان وخروف.. قام بهذه العملية المهمة الطبيب الفرنسى جان باتيست دينيس.. استطاع هذا الطبيب الشاب نقل كمية ضئيلة من دم "خروف" لشاب مريض شاحب الوجه.. وقع الاختيار حينها على خروف صغير بسبب طابعه المسالم ومظهره البرىء.. اعتقادا انه لا يمكن لدم هذا الحيوان المسالم أن يؤذى بشرا.
لاقت التجربة نجاحا فى البداية ثم سرعان ما فشلت فشلاً ذريعاً حيث توفى المريض تلو الاخر.. استمرت المحاولات والتجارب إلى ان أقدمت زوجة احد المرضى الذين لقوا حتفهم بسبب هذه التجارب على رفع قضية ضد الطبيب الفرنسى بتهمة القتل العمد.. بعدها أصدر القضاء الفرنسى قراراً بحظر عمليات نقل الدم إلى البشر.. وبسبب هذا القرار تعطلت تجارب عمليات نقل الدم بضعة قرون فى العالم قبل أن تعود مجدداً خلال القرن التاسع عشر.. وتمكنت البشرية أخيراً من إجراء عمليات نقل الدم بشكل آمن بسبب الأبحاث الناجحة التى أجراها عالم الأحياء والطبيب النمساوى كارل لاندشتاينر ما بين عامى 1900 و1901 والتى توصلت إلى اكتشاف الفصائل الدموية.. وأكدت الأبحاث والتجارب أن خلط فصيلتين غير متوافقتين من الدم يسبب استجابة مناعية قاتلة... التجربة انتهت وكانت درسا علميا مهما للأطباء حول العالم..
لكن يبدو أن الطبيب الفرنسى جان باتيست لم يكن الأخير الذى حاول نقل دماء خروف إلى إنسان فقد حاول من بعده جماعة الإخوان المحظورة نقل دماء وأفكار "الخرفان" إلى الجسد المصرى لكن سرعان ما فشلوا فشلا ذريعا فى كل محاولاتهم.. لكنهم أبدا لا يتعلمون من الدرس والتجربة ويصرون على أنهم قادرون على النجاح والوصول إلى مبتغاهم.. قد يتميز الخروف بمظهره البرىء والمسالم.. لكنه فى الحقيقة يحمل دماء لا يمكن أن تتماشى أبدا مع دماء بنى الإنسان.. نحن هنا لا نسخر من قوم الإخوان وأشكالهم ولكننا نسخر من محاولاتهم المستميتة لتسميم الجسد المصرى والسيطرة عليه واشاعة الفوضى فيه والاعلان عن تظاهرات وثورات كارتونية لا تحدث الا فى القنوات القطرية والتركية.. أعتقد أن تجربة ومعاناة نقل دماء الاخوان إلى الجسد المصرى عام 2012 ستظل محفورة فى ذاكرة ووجدان الشعب ولن ننسى هذه التجربة الاليمة أو نكررها لقرون قادمة فالحياة تجارب والعاقل من يتعلم منها.