حكايات| «روحية» نهر من العطاء يروي 3 أبناء من ذوي القدرات

الحاجة روحية مع أولادها من ذوي القدرات الخاصة
الحاجة روحية مع أولادها من ذوي القدرات الخاصة

في هذا المكان يولد الشعور بالرضا وتتجسد كل معاني الإنسانية وترى عيناك نهر من العطاء.. في قرية الشهداء بمحافظة المنوفية، تعيش ملاك الرحمة مع أبنائها من ذوي الاحتياجات الخاصة، بين جدران متهالكة من الطوب اللبن في منزل يفتقر إلى كل سبل الحياة البسيطة ووسائل الترفيه، حتى أطلق عليها «سيدة بـ1000 رجل».

 الحاجة روحية محروس عبد الرحمن، سيدة في العقد السادس من عمرها، الشقاء يكسو ملامحها من فرط ما عاشته من معاناة، لكنها تحمل قلبا من ذهب، وتضم  بين أحضانها أبنائها الثلاثة «علي وأحمد وسامي»، فقد كانت تتمنى من الله أن يكونوا سندا لها في الحياة عند الكبر، ولكن القدركان له رأي أخر .

بصيص أمل

هنا في هذا المنزل المتهالك، يعيش أبناؤها الثلاثة الذين يعانون الإعاقة الذهنية منذ ولادتهم، فهم رجال لكن يحملون عقول  أطفال رغم أنهم في مراحل عمرية متقدمة فـ«سامي 40  عاما، وأحمد 32 عاما، وعلي 27 عاما»، ولديها ولد آخر معافى يدعي "محمد "، ظلت تكافح من أجله حتى أكمل تعليمه وأصبح مهندسا، ما أصبح يشكل لها بصيص أمل عله يكون سندا لها ولإخوته من ذوي القدرات الخاصة.

 

زوجها يتركها منذ أكثر من ربع قرن

 تخلى عنها زوجها وتركها في بداية الطريق إلى مصير مجهول، لكنها صبرت وظلت صامدة حتى لا تخضع واستغنت عن كل شيء،  تقوم بدور الأب والأم في نفس الوقت  طيلة 41 عاما من الشقاء والعناء كل همها، فقط، أن يأتي عليها المساء تغلق عليها بابها في ستر وأمان من الله وهى تختضن أبنائها.

تقول الحاجة روحية: «رزقني الله بنعمة كبيرة وهم أبنائي الثلاثة المعاقين وأخوهم المهندس محمد ، تركني والدهم منذ 25 عاما بعد ولادة ابني "علي " بعامين، حاول البعض البحث عنه وإقناعه بالرجوع لنا لكنه رفض بشدة ولم نعرف عنه شيئا طوال هذه السنوات».

وأضافت: «تعرضت لظروف صعبة بعد اختفائه وهروبه من تحمل المسؤلية في تربيتهم وقررت أن أهب حياتي في خدمتهم  لأداء رسالتي على أكمل وجه، بشكر ربنا على عطاياه».

رحلة كفاح مرير

وفيما يتعلق بظروفها المعيشية تحكي الحاجة روحية قائلة: «مرت علي لحظات لم أجد فيها رغيف العيش الحاف، الحمد لله فضل من ربنا ورضا من عنده ما أنا عليه الآن، كنت أقوم بتربية الطيور في المنزل وبيعها عند الحاجة، عندما تركني زوجي كان محمد ابني في المدرسة، عافرت و تحملت كل متاعب الدنيا من أجله هو وإخوته، حتى تخرج من الجامعة وهو يعمل الآن مهندس في إحدى الشركات». 

مجهود إضافي خوفا من ضياع أولادها

وتحرص الحاجة روحية على أولادها من ذوي القدرات الخاصة ولا تكاد تذهب أي مكان بدونهم، وتابعت: «أذهب بأبنائي إلى كل مكان  ولا أتركهم في المنزل خوفا عليهم، لأنهم عندما يخرج منهم أحد من البيت لا يعود مرة ثانية إلا بعد البحث عنه في كل مكان بالقرية، وأقوم بتنظيفهم  وغسل ملابسهم وإعداد الطعام لهم، ودائما أمسكهم بيدي في كل مكان أينما ذهبت».

الرضا

وعند سؤالها عن أمنياتها في الدنيا قالت: «أنا عايشة الحمد لله مستورة، مفيش حد بيساعدني ولا عمري مديت إيدي لحد ومش عايزه حاجة من حد، ربنا يخلي محمد إبني ساندني ودايما مع إخواته».

«شكرا للرئيس السيسي»

وأضافت: «أتوجه بالشكر للرئيس عبد الفتاح السيسي على معاش تكافل وكرامة، الذي أحصل عليه شهريا فهو يعينني على تحمل نفقات أولادي، وأمنية حياتي أشوفه وأسلم عليه».

أمينة الحج «المستحيلة»

واختتمت الحاجة روحية حديثها والدموع تملا عينها: «خايفة أموت وأترك أولادي يتبهدلوا، ربنا يجعل يومهم قبل يومي علشان ميتبهدلوش وميلاقوش حد يرعاهم ويأكلهم.. أتمنى أن أذهب للحج، لكن لا أستطيع حتى لو أتيحت لي الفرصة  خوفا من ترك أبنائي بمفردهم».

 

 

 

 
 

احمد جلال

محمد البهنساوي