إنها مصر

«يوم أسود»!

كرم جبر
كرم جبر

وكأن الدنيا لا تتغير، الكلام هو هو، والعبارات نفسها، والهجوم مرصع باتهامات الخيانة والتفريط، ورئيس الوزراء الفلسطينى محمد اشتيه يستدعى عبارات من الماضى يقول فيها «يوم أسود فى تاريخ الأمة العربية يضاف إلى رزنامة الألم الفلسطينى وسجل الانكسارات العربية»، تعليقاً على السلام بين الإمارات والبحرين وإسرائيل.
متى - إذن - تكون «الأيام بيضاء»؟
منذ حرب أكتوبر 1973 يرفض الفلسطينيون اقتناص الفرص، وتضيع واحدة تلو الأخرى، حتى أصبحت قضية الفرص الضائعة، ورغم المرارة والألم والمعاناة، لا شيء يتغير.
كان الرئيس الراحل جمال عبد الناصر يقول دائماً بعد نكسة 1967 «الوقت فى صالحنا وليس فى صالح العدو»، وأثبتت المحنة أن الوقت لم يكن أبداً فى صالح القضية الفلسطينية.
وما كان مطروحاً على موائد التفاوض أمس لن يحصلوا على شيء منه اليوم، فأصبح السلام لإسرائيل مجاناً.
ولعل الذكرى تنفع المؤمنين.
فالسلام لن يأتى على موائد الخلافات الفلسطينية الفلسطينية، والتناحر والتنازع على امتلاك كعكة سلطة لم توضع بعد على المائدة، والوفاق بين فتح وحماس أصعب كثيراً من السلام مع إسرائيل.
كيف يمكن اقتناص الفرص بينما البيت منشق من الداخل، وتزعم إسرائيل أنها لا تجد من تتفاوض معه، بعد أن وصلت الخلافات الفلسطينية إلى حد الاقتتال؟
بعد حرب 73 وما تلاها، كانت القضية الفلسطينية ممزقة على موائد الزعامات العربية، صدام وحافظ الأسد والقذافى وغيرهم، وكانت كل دولة تستخدم الفلسطينيين شوكة فى ظهر العرب خصوصاً مصر، أكثر من توجيه الكفاح السلمى والمسلح تجاه إسرائيل.
وبعد مجيء الربيع العربى، هبت أعاصيره الآتية من جهنم على القضية الفلسطينية، فاتجه الرصاص صوب مصر وسيناء، بينما اكتفت المقاومة بصواريخ دخانية تطلقها على إسرائيل فتكون نتائجها عكسية.
ولم تبرح أحاديث قادة حماس منطقة التصريحات المطاطية، مثل عبارة «يوم أسود» التى قالها رئيس الوزراء الفلسطينى تعليقاً على السلام بين إسرائيل وكل من الإمارات والبحرين.
هل يستفيد الفلسطينيون من الدروس، ويبحثون عن يوم أبيض قبل أن تتسارع بقية الدول العربية فى إبرام معاهدات سلام مجانية مع إسرائيل؟
أعتقد أن دولاً مثل الإمارات والبحرين والسعودية والكويت، لم تتأخر فى تقديم الدعم للقضية الفلسطينية، ومن حقها أن تبرم ما تشاء من معاهدات تحقق مصالح دولها.
ولن تجنى القضية الفلسطينية ثمار سباق السلام العربى الإسرائيلى، إلا إذا اتفق الفلسطينيون أنفسهم على موقف موحد، كورقة ضغط على إسرائيل، مقابل ما تجنيه من مكاسب بإبرام معاهدات السلام.
أما استخدام نفس لغة ومفردات ومواقف الماضي، مع متغيرات عربية وإقليمية ودولية تنطلق بسرعة الصاروخ فلن يفيد القضية الفلسطينية شيئاً، ولن ينفع الندم، مثل من تحسروا لأنهم لم يلحقوا «طائرة السادات».