فيض الخاطر

روح أحمد رجب

حمدى رزق
حمدى رزق

قبل رحيله فى ١٢ سبتمبر ٢٠١٤، وفى «نص كلمة» كتب الكبير أحمد رجب: «الآن يا مصر أموت مطمئنًا عليك، وعلى أهلى المصريين، إنى أوصى حاكمًا صالحًا بأهلى، ولكن أوصيكم بحاكم ندر وجوده على الزمان، وقال ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين».
ست سنوات مرت على رحيل الساخر الساحر أحمد رجب، فقد عظيم، فقدت الصحافة العربية قامة سامقة، وفقدت مؤسسة «أخبار اليوم» العريقة أحد الآباء العظام، لكم أنجبت وانتسب إليها نوابغ ومواهب وأصحاب أقلام راقية، الأستاذ أحمد رجب عنوان راق لمدرسة راقية باقية بمواهب الحضور الكريم.
لكم أفتقد الفارس الأبيض، يندر أن يجود الزمان بمثل قلمه، يوما ما كتب جملة بليغة فى فحواها «الكلام نوعان؛ كلام فارغ، وكلام مليان بكلام فارغ» جملة ولا أروع، تخيل ثمانى كلمات فحسب تلخص حالة الفراغ العقلى التى أصبنا بها، أقصد لغو الكلام، والبغبغة، والفسفسة على الفيس، والتغريد على تويتر، حالة كلامية مخيفة، تستهلكنا وتبدد طاقتنا، ننام ونصحو على كلام فارغ، وكلام مليان بكلام فارغ، أما الكلام الحقيقى فيلمع كالذهب، مثل «نص كلمة» فى بداية هذه السطور.
قدريا رحل الكبير أحمد رجب بعد رحيل توءمه الكبير مصطفى حسين فى أغسطس أيضا، لم يحتمل فراق توءم روحه، فرحلا معاً، ليتركا فراغا هائلا فى بلاط صاحبة الجلالة.
آخر «نص كلمة» كتبها يوم ١٨ أغسطس، قبل رحيله بيومين، عجيبة من العجائب، معلوم عادة ما يخف المقبل على الموت لتوديع أحبائه، ويعودهم، ويطمئن على أحوالهم.
لم يشذ الأستاذ عن القاعدة، وأطل على محبيه من نافذته البديعة بجملة «كل عام وأنتم بخير» فيه أجمل من كده، وأرق من كده، الكبير يلملم أوراق عمره، وهو يهنئنا بكل محبة ونفس راضية، "يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِى إلى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِى فِى عِبَادِى وَادْخُلِى جَنَّتِى".
أحسبه رحل راضيا، قانعا، صفحته بيضاء بقدر ما حمل من محبة لهذا الوطن، كان مفطورا على حب الناس، والحمد لله خصنى ببعض هذا الحب، حبا بحب أتذكر الحبيب.. الله يرحمه.