حوار| أستاذ بالجامعة اللبنانية: «الإهمال» سبب تفجير مرفأ بيروت..والتدخل الفرنسي هدفه «التسوية» 

د.جمال واكيم
د.جمال واكيم


- الأحزاب والنخب السياسية لن تحل الأزمة لافتقادها الدعم الشعبي.
- بنود البنك الدولي ستتسبب في تفاقم الأزمة.
- «حزب الله» برىء من تفجير مرفأ بيروت
- «فيروز» رمز وطني..ولقاء الرئيس الفرنسي بها هدفه لم الشمل.

ذكرى مؤلمة، قتلى ومصابين، آمال تحطمت على صخرة الإهمال والصراعات الفارغة..في تلك الأيام يمر شهر على تفجير مرفأ لبنان والذي أظهر الوجه الحقيقي للمشهد السياسي والوضع بصورة أكثر إيلاما وواقعية.


وبينما تلملم بيروت أحزانها وتحصي خسائرها، تتلقى دعما من الخارج وتلتقط أنفاسها بحكومة جديدة على أمل التغيير وانتزاع أخطاء النخب السياسية التي تأبى الابتعاد عن مصالحها وترك الساحة لوجوه جديدة.


في هذا الإطار، يجيب د.جمال واكيم، أستاذ العلاقات الدولية بالجامعة اللبنانية ببيروت، حول بعض الأسئلة المطروحة على الساحة حول الوضع بلبنان.


حول الدور الفرنسي في حل الوضع بلبنان، يؤكد د.واكيم بأن اهتمام فرنسا بلبنان يعود لوجود علاقات تاريخية بين البلدين منذ القرن الـ17، وليس غريبا أن تبادر فرنسا الآن بوضع حلول للأزمات السياسية الراهنة، كما تعتبر فرنسا الطبقة السياسية اللبنانية قد بلغت من الفساد وعدم المسؤولية ما يهدد الكيان اللبناني.


«كان هناك تقديرات بحدوث تغييرات في غضون شهر من الأزمة ولكن هذا لم يحدث مما فاقم من الأزمة إضافة إلى أزمة فيروس كورونا وانفجار المرفأ، الأمر الذي دفع ماكرون للتدخل».


وعن الأزمة بلبنان، فقد أشار الأستاذ بالجامعة اللبنانية إلى أن تلك المحنة ناجمة عن فشل النظام السياسي عن التطور في مجاراة وقائع جديدة كما أن السياسات الاقتصادية منذ عام 1992 والتي اتجهت إلى القطاع الخدمي بدلا من الانتاجي بدرجة مالية من الدرجة الأولى، كما أنه كانت هناك رغبة أمريكية بعزل حزب الله لكونه يشكل دعامة للفصائل الفلسطينية مما يعرقل صفقة القرن، بالتالي كانت هناك تقديرات بعدم تحقيق الهدف عسكريا وهو ما جعل الخيار يأتي من أحد أجنحة الخارجية الأمريكية كبومبيو والمحاط بلوبي من القوات اللبنانية وبعض المعادين لحزب الله والذين نصحوه بالضغط على القطاع الاقتصادي والمصرفي مما تسبب في أزمة ونزول الناس للشارع والتظاهر.


دعم فرنسي..وزيارتان لماكرون في أقل من شهر


وعن زيارة الرئيس الفرنسي، فقد أشار د.واكيم بأن تلك الزيارة جاءت كونه رأي أن الضغوط التي مورست على النخب السياسية، لم تأتي بثمارها ودفعت البلاد نحو حافة الانهيار مما دفع البعض إلى التوجه شرقا نحو روسيا والصين كبديل اقتصادي.


وأضاف بأن ماكرون يتعاون مع ترامب كي تكون التسوية إقليمية شاملة لكافة الملفات، وأن مبادرته تهدف إلى تجميد الأوضاع وليس حلها حتى تستطيع البلاد الصمود لحين آوان التسوية الإقليمية الكبرى بعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية.


ولفت د.واكيم بأن زيارة ماكرون الأولى جاءت للقاء الأفرقاء ويضعهم في صورة الوضع مع اعطاء مقترحات للحل، أما الزيارة الثانية فقد جاءت للاحتفال بذكرى 100 عام على تأسيس دولة لبنان الكبرى وهو الاحتفال الرمزي الذي دعا له الجنرال الفرنسي جورو من قصر الصنوبر، لذلك جاءت تلك الزيارة لتدعيم الصيغة التي أرسي عليها النظام وهو النظام الطائفي، كما من المتوقع أن يزور البلاد مرة أخرى بعد 3 أشهر للتأكد من تشكيل حكومة مستقلة هدفها البدء بعملية الإصلاح التي كانت مطلوبة من سعد الحريري لكنها لم تنفذ، مع التحضير لصعود نخب جديدة لكنها خطوة ربما تتحقق على المدى الطويل.


وعن لقاءه بالفنانة فيروز، أشار د.واكيم إلى أن فيروز رمز وطني وجاء هدف ماكرون من زيارتها هو توجهه لكافة اللبنانيين بكافة رموزهم مع قبول الجميع وعدم تهميش أحد.


الورقة الإصلاحية


وعن الورقة الإصلاحية، فقد أشار أن تلك البنود هي التي أوصى بها البنك الدولي قبل عامين، مما سيدفع الحكومة إلى طرح تقليص الانفاق العام، وترشيد التوظيف وبيع القطاع العامة (الخصخصة)، ولكن هذا لن يضع حلا بل سيفاقم من الأزمة.


واعتبر د.واكيم تلك البنود وصفة غربية وضعت أمام النخب في أعقاب فشلهم في تقديم أي مقترحات فما تم تقديمه لا يرتقي لمستوى مشروع بحث في مدرسة وهو ما يدل على القصور ويضع الجميع أمام إلزامية تنفيذ بنود البنك الدولي الكارثية.


حكومة أديب والتحديات 


وبسؤاله حول مدى نجاح حكومة مصطفى أديب في المرحلة المقبلة، فقد أجاب د.واكيم بأن فرص نجاح حكومة أديب ترتبط بتطبيق بنود البنك الدولي، وفي حل تحقيقها فإنه سيحظي بترحيب غربي لكنه سيؤدي إلى عواقب وخيمة، تاريخيا فإن حل الأزمات الاقتصادية كان يتم إما بالعنف من جانب النخب السياسية ضد المجتمع وممارسة ما يسمى بإرهاب الدولة، أو لجوء الشعب إلى النزوح والهجرة وهو ما اعتاد عليه اللبنانيون منذ قرنين بمغادرة البلاد، وظهر ذلك حديثا وجليا عقب الحرب الأهلية حيث غادر مليون لبناني وفي حال تم ذلك فإنه سيتسبب في نزيف ديموغرافي.


دور الأحزاب والنخب السياسية


وعن دور الأحزاب والنخب السياسية، يؤكد د.واكيم بأنه مع تقليص النفقات ووضع الاقتصاد المهترىء، فإن قدرة تلك الأحزاب والقوى من التحلي بقبول شعبي ستضعف وقد تلجأ هذه القوى للمزيد من العنف لتأكيد هيمنتها على المجتمع وهو ما سيؤدي لدورات عنف جديدة ولكن فإن هذه القوى لم تعد قادرة على الإمساك بمفاصل الدولة ومن المتوقع مشاهدة نخب جديدة تخرج للعلن أساسها تلقي دعما من الغرب كمنظمات المجتمع المدني الممولة من الغرب والدليل على ذلك لقاء مساعد وزير الخارجية الأمريكي ديفيد شينكر برؤساء بعض الجمعيات.


وبسؤال د.جمال واكيم، عن ما أثير حول دور حزب الله في تفجير مرفأ بيروت، فقد أجاب قائلا "لا دور لحزب الله في تفجير مرفأ بيروت، أولا حزب الله لا يأتي بسلاحه عبر المطار بل يأتي عبر الحدود البرية من جهة سوريا وهو ما صرح به السوريون واللبنانيون مرارا وتكرار، وفي حال وجود إمكانية بوجود فعل فاعل فإن الكمية أوتي بها من فريق 14 آذار المعادي لحزب الله والسوريين وكان الهدف منها استخدامها في الحرب السورية وهو ما يؤكد نقص عدد الأسلحة التي تم الاعلان عنها في 2013".


واختتم الأستاذ بالجامعة اللبنانية حديثه لافتا إلى أن من يعرف درجة الإهمال التي تعامل بها المسائل في لبنان من قبل المسؤولين يفسر ما حدث، أما عن وجود فعل فاعل في حادث مرأ بيروت فهو أمر يترتب بناءا على توقيت التفجير والمواقف السياسية التي تلته، كما أنه ليس هناك من أدلة حتى الأن وكان من المفترض ظهور نتائج التحقيق ولكن هذا لم يحدث ليبقى السؤال، «هل أن هنالك يدا تدخلت لتفجير تلك الكمية لاحداث انقلابا سياسي في البلاد؟».