حوار| المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي: انسحاب المرتزقة بداية تحقيق سلام في ليبيا

بيتر ستانو المتحدث الرسمى باسم الإتحاد الأوروبى فى الشئون الخارجية
بيتر ستانو المتحدث الرسمى باسم الإتحاد الأوروبى فى الشئون الخارجية

حوار| المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي: انسحاب المرتزقة بداية تحقيق سلام في ليبيا


- تصرفات تركيا فى شرق المتوسط غير قانونية ويجب أن تتوقف

- ضم إسرائيل أراضى الضفة يضر علاقتها بأوروبا ويهدد أمن المنطقة

- ندعم جهود إنهاء أزمة سد النهضة عبر اتفاق يرضى الجميع

حوار: إبراهيم مصطفى

أكد بيتر ستانو المتحدث الرسمى باسم الإتحاد الأوروبى فى الشئون الخارجية أن سحب المرتزقة والمعدات العسكرية من أهم العوامل للتوصل إلى حل سياسى ينهى الأزمة الليبية.
وأوضح فى حوار خاص لـ «الأخبار» أن إحلال السلام فى ليبيا مفتاح الاستقرار فى المنطقة وللإتحاد الأوروبي، وأشار ستانو إلى أن التصرفات التركية فى شرق البحر المتوسط غير قانونية ويجب أن تتوقف، لأنها تهدد مصالح الإتحاد الأوروبى ودوله الأعضاء، كما دعا مصر والسودان وإثيوبيا لمواصلة العمل على التوصل لاتفاق يرضى الجميع بشأن قضية سد النهضة.. وإلى تفاصيل الحوار.

> هل يعتبر الاتحاد الأوروبى «إعلان القاهرة» متسقا مع عملية برلين للسلام فى ليبيا ؟ وكيف يمكن للجانبين المصرى والأوروبى أن يتعاونا لحل الأزمة الليبية؟
الإتحاد الأوروبى مستمر فى التواصل مع كافة الأطراف الليبية، الإقليمية والدولية لتشجيع إعادة إطلاق المفاوضات السياسية لتمهيد الطريق أمام إنهاء الأزمة الليبية. أية مبادرة تتسق مع عملية برلين التى تقودها الأمم المتحدة، التى تهدف للسلام والاستقرار فى ليبيا، تعد خطوة إيجابية للأمام. وسيواصل الإتحاد الأوروبى العمل مع كافة المشاركين فى عملية برلين للتوصل إلى حل سياسى توافقى طويل الأجل، يمكنه استعادة الأمن والرخاء فى ليبيا، لأن تلك هى النتيجة الوحيدة التى تصب فى مصلحة الشعب الليبي.
> كيف يتأثر الأمن الأوروبى بنقل آلاف المقاتلين السوريين إلى ليبيا على بعد أميال من الشواطئ الأوروبية؟
ليبيا أصبحت ساحة حرب بالوكالة متصاعدة وآخذة فى الاتساع، ما يزيد من خطر الإرهاب وعدم الاستقرار فى المنطقة والبحر المتوسط، وهو ما يهمنا مباشرة فى أوروبا. ليبيا تعد أولوية للاتحاد الأوروبى ونحن منخرطون بفعالية وقوة لتجنب خروج تداعيات الأزمة الحالية عن السيطرة. لا حل عسكرى للأزمة الليبية، والطريق الوحيد للحل عبر عملية سياسية، يبدأ باتفاق لوقف اطلاق النار، ويتضمن وقف إمدادات السلاح والمقاتلين إلى ليبيا وانسحاب كافة القوات الأجنبية، المرتزقة والمعدات العسكرية.
مساعدة ليبيا
> هل الإتحاد الأوروبى قلق من زيادة معدلات الهجرة غير الشرعية بسبب عدم الاستقرار فى ليبيا؟
الصراع الدائر والوضع الإنسانى المتدهور قد يؤثر على حركة الهجرة. أهم أولوياتنا مساعدة ليبيا على الوصول لحل سياسى وإحلال السلام، ذلك يعد مفتاح الأمن والاستقرار للمنطقة والاتحاد الأوروبي، وشرط أساسى لفعالية إجراءات التعامل مع الهجرة فى ليبيا. الإتحاد الأوروبى منزعج بشدة من أوضاع كثير من المهاجرين وطالبى اللجوء واللاجئين فى ليبيا، الذين يواجهون الاستغلال والاحتجاز العشوائي، وسنواصل العمل للتعامل مع تلك الحالات بالتعاون مع شركائنا الدوليين، ولكن لكى يمكن أن نقوم بذلك بفعالية، فإن الخطوة الأكثر أهمية هى معالجة وإنهاء الصراع فى ليبيا.
> ما تقييمكم لنتائج العملية «إيريني» فى البحر المتوسط؟ وهل يتعامل الإتحاد الأوروبى مع رفض تركيا الخضوع للتفتيش من جانب القطع البحرية التابعة لـ»إيريني»؟
عملية «إيريني» دليل قاطع على التزام الاتحاد الأوروبى بدعم عملية برلين لاستعادة الاستقرار فى ليبيا وإحلال السلام لشعبها. العملية تهدف لتدعيم حظر السلاح المفروض بقرار أممي. التزويد غير الشرعى بالسلاح من جانب عدد من الفاعلين يغذى الصراع ويطيل معاناة الشعب الليبى وتدمير البلاد. على الجميع احترام القرار الأممى بحظر السلاح، وقد قامت العملية «إيريني» بأكثر من 420 عملية تتبع واعتراض للسفن، ما أتاح جمع معلومات وتحديد السفن المشتبه فيها. وبينما لا يخرج كل شيء يحدث للعلن، تواصل العملية توثيق ومراقبة خروقات حظر السلاح من جانب طرفى النزاع فى ليبيا، ومن ثم إبلاغها إلى لجنة الخبراء الأممية حول ليبيا، وهذا بالضبط ما قام به المسئولون عن «إيريني» بعد اعتراض سفينة الشحن «سيركين» قبالة الساحل الليبى فى 10 يونيو الماضي. تواصل العملية «إيريني» على اتصال وثيق مع لجنة خبراء الأمم المتحدة وتزويدهم بالتقارير.
التهديدات التركية
> كيف يتعامل الاتحاد الأوروبى مع التهديدات التركية للحقوق الاقتصادية اليونانية والقبرصية فى البحر المتوسط؟
شرق المتوسط منطقة حيوية للإتحاد الأوروبي، ويقف الاتحاد بتضامن كامل مع اليونان وقبرص تجاه الأفعال الأخيرة من جانب تركيا، فى شرق البحر المتوسط، وقد عبر الإتحاد الأوروبى أكثر من مرة عن قلقه وأدان بقوة الأفعال التركية غير القانونية المستمرة فى شرق البحر المتوسط وبحر إيجة، وبعث وزراء خارجية الاتحاد الأوروبى برسالة حازمة عبر بيانهم فى 15 مايو الماضي، وأكدوا عليها مجدداً خلال اجتماعهم فى بروكسل فى 13 يوليو الماضي، بأن تصرفات تركيا غير القانونية بشرق المتوسط تتعارض مع مصالح الإتحاد الأوروبى والحقوق السيادية لدولة الأعضاء، وتتعارض مع القانون الدولي، وأن تلك التصرفات يجب أن تنتهي، وقد نقلنا ذلك الموقف لشركائنا الأتراك فى مناسبات مختلفة. المواضيع المتعلقة بتحديد المنطقة الاقتصادية الخالصة والجرف القارى يجب أن يتم مناقشتها عبر الحوار والتفاوض بنية حسنة وباحترام كامل للقانون الدولي.
يعمل الإتحاد الأوروبى على لعب دور مهم لرسم الطريق للخروج من الوضع الحالي، حيث تظل تركيا جارا قريبا وشريكا استراتيجيا للإتحاد الأوروبى فى العديد من المجالات ذات الاهتمام المشترك، وعلينا تحديد طرق للانخراط مع تركيا فى الحوار البناء والتعاون لإيجاد حلول مناسبة، ويبقى هدفنا نزع فتيل التوتر وتوضيح أن سيادة الدول الأعضاء وحقوقها السيادية يجب أن يتم احترامها وفق القانون الدولي.
> الإتحاد الأوروبى شارك للمرة الأولى كمراقب فى المفاوضات حول سد النهضة.. ما تقييمكم لتلك المفاوضات؟
الإتحاد الأوروبى مستمر فى متابعته للمحادثات الثلاثية بين مصر والسودان وإثيوبيا بصفته مراقباً، فى إطار مبادرة جنوب أفريقيا باعتبارها رئيس الاتحاد الأفريقي. نحن ندعم نلك الجهود ونأمل أن تبنى الأطراف على التقدم الجيد الذى تم تحقيقه بالفعل، والتوصل إلى حل مرض للجميع ومستدام. فى الوقت الحالى الذى نشهد فيه أزمة عالمية، من المهم الحد من التوترات والوصول إلى حل عملى عن طريق الحوار لوضع حد لذلك النزاع، وذلك قد يجلب منافع للجميع حيث سيتم بناء الثقة وتهدئة التوترات وإعادة احتمالات وجود بيئة مواتية للاستثمار فى التنمية والأمن المائى لكافة الدول المتشاطئة على نهر النيل.
خلال الأسابيع الماضية قام جوزيب بوريل الممثل الأعلى للشئون الخارجية للإتحاد الأوروبي، والمبعوث الأوروبى الخاص للقرن الأفريقى أليكساندر روندوس، بالحديث مع جميع الأطراف وشجعوا بقوة المسئولين المصريين والسودانيين والإثيوبيين على مواصلة العمل لإيجاد سبيل توافقى للمضى قدماً للتوصل لاتفاق.
دعمنا لمصر
> كيف يدعم الإتحاد الأوروبى مصر فى مجال استغلال مواردها المائية دون إهدار؟
الإتحاد الأوروبى وغيره من المانحين الدوليين على علم بالضغوط والصعوبات المائية التى تواجهها مصر، والحاجة لحسن إدارة المياه والحصول على أفضل جودة من المياه لتلبية احتياجات 2.5 مليون مواطن يضافون للسكان فى مصر كل عام، ولذلك يعد قطاع المياه أولوية قصوى للإتحاد الأوروبى ويظل أحد أعمدة دعمنا لمصر. منذ عام 2007 تم تخصيص أكثر من 500 مليون يورو كمنح، إلى جانب تمويلات ميسرة بقيمة حوالى 3 مليارات يورو فى ذلك القطاع بالتعاون مع مؤسسات تمويلية أوروبية أخرى. شملت البرامج التى يشارك الإتحاد الأوروبى فى تميلها أكثر من 12 محافظة مصرية، وفرت حوالى 25 ألف فرصة عمل دائمة ونحو 500 ألف فرصة عمل على المستوى القصير خاصة فى المناطق الريفية، وهو ما يساعد فى تحسين جود الحياة لـ16.5 مليون مواطن فى مصر بحلول عام 2023. على سبيل المثال أحد المشاريع التى تم إطلاقها مؤخراً إعادة تأهيل وتنظيف مصرف كتشنر بتكلفة إجمالية تقدر بـ480 مليون يورو من مؤسسات التمويل الأوروبية، تشمل منحة بقيمة 45 مليون يورو.
> العام الجارى نحتفل بمرور 25 عاماً على عملية برشلونة للتعاون الأورومتوسطي.. ما تقييم الاتحاد الأوروبى لمسار التعاون مع دول جنوب وشرق المتوسط؟
الإتحاد الأوروبى يتمتع بتاريخ طويل ومثمر من التعاون مع دول الجوار الجنوبي، يشمل مجموعة كبيرة من مجالات التعاون من التغير المناخى وحتى الأمن، ومن التنمية الاقتصادية إلى دعم حقوق الإنسان. ويظل الاتحاد أكبر مانح لدول الجوار الجنوبي، من خلال أكثر من مليار يورو سنويا، ويعتبر آلية الجوار الأوروبية الأداة التمويلية الأساسية للإتحاد الأوروبية لتسهيل التعاون الأورومتوسطي، ورصدت ميزانية اكثر من 11 مليار يورو بين عامى 2014 و2020.
بعد 25 عاماً من إعلان برشلونة، يبدو الإطار الإقليمى للتعاون أكثر أهمية من أى وقت مضى، سواء تطوير حلول مبتكرة لتنفيذ إلتزامات اتفاق باريس للحد من تغير المناخ، أو خلق فرص لتحسين تواصل الأجيال الجديدة، ومؤخراً لتنسيق الاستجابة لجائحة كورونا، حيث أن تعزيز الشراكة الأورومتوسطية يمكنها المساعدة فى الرخاء والاستقرار للمنطقة. ولا تزال عدد من التحديات موجودة فاقمت من حدتها جائحة كورونا، وتشمل تلك التحديات نسب البطالة المرتفعة خاصة بين الشباب، التفرقة الاجتماعية، وبطء معدلات النمو الاقتصادى وضعف بيئة الاستثمار، ولذلك نحتاج لتركيز مزيد من الجهود فى السنوات القادمة على تلك القضايا ضمن إطار التعاون الأورومتوسطي.
فيروس كورونا
> هل يدعم الإتحاد الأوروبى التعاون بين العلماء فى العديد من الدول الأعضاء للتوصل إلى لقاح لفيروس كورونا؟
قمنا بتسهيل تمويل بقيمة مليار يورو ضمن برنامج «أفق 2020»، كما تم تسهيل تمويل بقيمة 622 مليون يورو ضمن مساهمة إجمالية من الإتحاد الأوروبى لدعم مكافحة فيروس كورونا، حيث تعزيز مشاريع البحث العابرة للحدود أحد الأطر التى يركز عليها التمويل.
> العام الجارى تنتهى مدة اتفاق أولويات الشراكة بين مصر والإتحاد الأوروبي. ما رؤية الإتحاد لأولويات الشراكة فى السنوات المقبلة؟ وهى بدأت المحادثات بين الجانبين؟
الأولويات التى تم التوافق عليها بين مصر والإتحاد الأوروبى بين 2017 و2020 مثلت التحديات المشتركة، وعززت المصالح المشتركة وضمان الاستقرار طويل المدى على جانبى البحر المتوسط. التعاون المصرى الأوروبى يغطى قطاعات كثيرة، أهمها التعاون الاقتصادي، الطاقة، البيئة، التنمية الاجتماعية، الحوكمة، ودعم الدولة الديمقراطية الحديثة المستقرة، تلك الأهداف المشتركة والمصالح تبقى مهمة على الدوام.
بالطبع فى عالم متغير نحتاج إلى التكيف مع الوقائع والتحديات الجديدة. «الإتفاق الأخضر» الأوروبى والتحول الرقمى من المجالات التى سوف نعمل عليها فى السنوات المقبلة سواء داخل أو خارج الحدود الأوروبية، للاستجابة للتحديات مثل التغير المناخى والتطور السريع للتكنولوجيا الرقمية، ونحن نتطلع لمناقشة تلك المجالات مع الشركاء المصريين وتحديد مجالات التعاون المحتملة. هناك تحد آخر هو جائحة فيروس كورونا، الأزمة التى لا تعرف حدود جغرافية، حيث نعمل مع مصر للمساعدة فى توفير احتياجات الشعب المصرى فى ظل الوضع غير المسبوق. هناك الكثير من التواصل والنقاشات المثمرة مستمرة على كافة المستويات بين الإتحاد الأوروبى ومصر فى كافة قضايا التعاون والعلاقات الثنائية.
قرار الضم
> ما الدور الأوروبى فى حث إسرائيل على عدم تنفيذ مخططها بضم أراض من الضفة الغربية؟
الإتحاد الأوروبى كان ولا زال يركز كل جهوده الدبلوماسية واتصالاته لمنع تنفيذ قرار الضم. الممثل الأعلى للشئون الخارجية للإتحاد جوزيب بوريل وكافة وزراء الخارجية الأوروبيين على تواصل مع كافة الأطراف والشركاء الدوليين، لدعم استئناف مفاوضات جدية، خاصة لمنع أى تحرك أحادي، يضر بحل الدولتين وقد يكون له تأثير ليس فقط على علاقتنا الوثيقة بإسرائيل وإنما أيضاً على الاستقرار الإقليمي.