يحدث فى مصر الآن..

المتطوعون

يوسف القعيد
يوسف القعيد

عرفت من خلال صديق لى أن اللجنة التى سأدلى بصوتى فيها فى انتخابات أول مجلس شيوخ هى لجنة مدرسة الملك فهد بمدينة الشروق الملاصقة لمدينة نصر حيث أعيش. ذهبت إلى هناك. دخلت اللجنة، أدليت بصوتى، وقد لفت نظرى مدى التقدم الذى تحرزه مصر فى إدارة العملية الانتخابية ما بين انتخاب وآخر.
من المؤكد أن هناك دروسا مستفادة. ولأن المصرى حفيد بناة الأهرامات. فربما كان الكائن الوحيد الذى يستفيد من تجاربه. اللجنة منظمة، هادئة. والأهم التنظيم. وقفت وراء الستارة. وكانت ستارة عالية مرتفعة لأدوِّن صوتى سواء فى كشوفات الأسماء أو فى ورقة القائمة. وسلمت الأوراق وخرجت.
لكن ما لفت نظرى فى هذه الانتخابات. وكان يجب علىَّ البدء به. وأعتذر عن ذلك. مجموعات الشباب من المتطوعين الذين كانوا يجلسون فى مدخل مجموعة اللجان الموجودة فى المدرسة. كلمة المتطوعين من عندى. على الرغم من أنهم قالوها لى أنهم يساعدون اللجنة فى بعض الأعمال الإدارية تطوعاً.
حقيقة اهتز قلبى طرباً. وقلت لنفسى: إلى متى نقول إن أمجاد مصر تقف وراءها؟ إن أمجاد مصر يمكن أن تكون فى انتظارها فى المستقبل الآتى. فالشابات والشباب يعرفون المطلوب منهم بدرجة دقيقة وجيدة. والأهم من كل هذا إنسانية. فمرحلة الشباب تعنى أن الشاب الذى يمكن أن ننظر إليه خطأً على أنه مراهق. يكون بعيداً عن تعقيدات الحياة. ولم يدخل فيها ولم يصبح جزءاً منها. لذلك فالبساطة فى التعامل والإخلاص فى الأداء سمة أساسية لدى الشابات والشباب الذين رافقونى بمدخل اللجنة من الباب الخارجى حتى لجنة 2، حيث كان إسمى فى كشوفات الناخبين.
من اصطحبنى انتظرنى حتى انتهيت من الإدلاء بصوتى. وخرج معى للباب الخارجى للمدرسة. ولم يتركنى إلا بعد أن تأكد أننى فى طريقى إلى الخارج. وهذا سلوك أكبر من سنهم. وأداء يتقدم على أعمارهم. وأنا لا أعرف متى بدأت فكرة
"المتطوعون فى العمليات الانتخابية" ولكنها فكرة جيدة وممتازة ومبتكرة. لأنها تدرب الشاب على العمل السياسى بشكل غير مباشر.
وأعتقد أن عزوف هؤلاء الشباب عن الشأن العام عموماً. وليس الانتخابات فقط. مشكلة كبرى فى مصر. علينا أن نواجهها. وكون وجود شباب من المتطوعين الذين يساعدون اللجان. وأقول يساعدون فقط لأن الشاب الذى اصطحبنى إلى اللجنة لم يدخلها. وقف وانتظرنى قبل الباب. وأخرجنى. ولذلك فهو يقوم بتدريب عملى على العمل السياسى.
ونحن للأسف الشديد نمارس العمل السياسى فى أضيق الحدود. مع أنه أحد وجوه الحياة المعاصرة لنا. فالسياسة ليست شئون الحكم فقط. بل هى الطريقة التى يدار بها مجتمع من المجتمعات. بحيث يحقق المرجو منه والمطلوب من إمكانياته. نزول الشباب من على مقاعد المتفرجين والمشاركة سواء كان من حقهم الإدلاء بأصواتهم أو ليس من حقهم. فقد كان من بينهم صغار السن الذين لوحوا بتلويحة الوداع لفترة المراهقة منذ أيام.
ومع ذلك يقاس نجاح أى مجتمع بتمكين كل فئاته من القيام بأدوارها. وسؤالى هو: لماذا لا نعمم تجربة التطوع فى العمل العام وأن تشمل ما هو أكثر من الانتخابات؟.