إنها مصر

فى ذكرى فض رابعة!

كرم جبر
كرم جبر

يقول المثل «من يخدم سيدين يكذب على أحدهما» واختار الإخوان أن يخدموا أنفسهم ويكذبوا على الشعب.. واخترعوا فزاعات يصعب حصرها لمحو الحقائق وتمرير الجرائم، منها اللهو الخفى والطرف الثالث، فضاعت دماء الشهداء هباء لأن شباب الإخوان كانوا القتلة الملثمين المندسين فى المظاهرات لتصفية خصومهم ومنافسيهم.
يمهل ولا يهمل وحاصرت الفضيحة الإخوان فى أحداث الاتحادية، التى كانت مسمارا نفذ فى قلبهم، ووقف رئيسهم المعزول يوزع الإتهامات الظالمة على الأبرياء، ويتوعد معارضيه بالانتقام والعقاب، دون أن يستوعب أن الجماهير الغاضبة ودعت الخوف وتمردت على الخنوع.
حتى فى القضايا القومية والوطنية طعنت أكاذيب الإخوان صمود مصر وتضحيات أبنائها، وتجسدت المهزلة فى بهلوانية صفوت حجازى صاحب مقولة «بالملايين على القدس رايحين»، ولم يضع فى عينيه فص ملح وهو يزايد على المشاعر الوطنية، بينما رئيسه يصف شيمون بيريز بـ «عزيزى وصديقى العظيم»، وبينما كان يستشهد أبناء مصر الأبرار فى سيناء على أيدى عصابته ومجرمى حماس، تحت رعاية الإخوان وحمايتهم ودعمهم.
كان مستحيلا أن يصمدوا أمام وعى المواطنين البسطاء الذين اكتشفوا أن الإخوان لا يتذكرون ما يكذبون، فلبست الحقائق ثوبها وركلت الكذابين خارج قصر الحكم.
لم تنطل مظاهر «الإسلام الشكلى» التى جاء بها الإخوان، على شعب يعشق بفطرته الأديان، وفوجئوا بـ«إسلام حقيقى» يتسلح به المصريون، ويتوافق مع تسامحهم وحضارتهم وثقافتهم، ولا يمكن أن يزايدوا عليه أو يلعبوا به.
ولم ينخدع المصريون بتخاريفهم الليلية، مثل قدوم جبريل عليه السلام لصلاة الفجر فى رابعة، أو أن نبينا الكريم طلب من المعزول أن يؤمه فى الصلاة.. ولم يبتلع الطعم سوى «مخدوعين بإرادتهم»، يعرفون أنها أكاذيب ويصدقونها.
لم يفهم الإخوان «سر مصر»: «التعايش السلمى» الهادئ بين مكونات شعبها، وسعوا إلى الصراع والتقاتل وليس الانسجام والتناغم، ولم يفهموا أن هذا البلد الذى يعيش فيه 100 مليون مواطن، لا يستطيع أن يتحمل ضريبة أطماعهم فى الخلافة، فبادر بالتخلص منهم قبل أن يمزقوا نسيجه.
حسم المصريون منذ زمن قضية الوحدة الوطنية، وارتضوا أن تكون علاقتهم بشركاء الوطن الأقباط على قاعدة المواطنة والمساواة فى الحقوق والواجبات، وكان المسمار الذى ارتد لنعش الإخوان هو محاولتهم إشعال الصراع الطائفى والانتقاص من حقوق الأقباط، وخاب سعيهم لافتعال معارك تشق وحدة الصف.
فوجئوا أن مسلمى مصر هم أول المدافعين عن الأقباط، وأن الأقباط فى وقت المحنة لم يستقووا بالخارج، وإنما بأحضان الوطن، وأصبح العدو المشترك، هو جماعة الإخوان وأهلها وعشيرتها، وكان ضروريا أن يرحلوا من على المسرح.
مناسبة هذا المقال: ذكرى فض اعتصام رابعة والنهضة.