أمنية

شهداء المرفأ

محمد سعد
محمد سعد

مجرد لحظات تترك بداخلنا أثرا، يظل ساكنا لا يغادر مكانه، وأياما تغادر رحيلا من العمر تختطف السنوات، فتسقط الأوراق وتنمو أخرى، لكنها تظل الحياة بين دمعة وابتسامة، بين عسر ويسر، بين ألم وأمل، بين أشياء كثيرة هى فى مكونها معنى الحياة.
الثلاثاء الماضى أودى انفجار إجرامى بأجزاء كبيرة من مدينة بيروت الجميلة والعزيزة على قلوب كل الناس، والتى عرفت كعاصمة للثقافة والفنون والصحافة والسياحة وكمنبر للحرية فى العالم العربى على امتداد عقود، وأسفر عن مقتل 154 و٤٥ شخص مفقود وإصابة أكثر من 5 الاف آخرين وسوى بنايات بالأرض وتسبب فى تشريد أكثر من ربع مليون شخص.
بشكل مؤكد، لا علاقة لإسرائيل ولا لحزب الله أو إيران بالانفجار، ولكن من مصلحة إيران وحزب الله اتهام إسرائيل وأمريكا فى الحادث، وكذلك من مصلحة إسرائيل أن تقوم بخلط الأوراق، وركوب الموجة والتريند، واستخدام التصريحات الحنجورية التى يطلقها حزب الله وإيران ضدها، وأن تقوم بتوريطهما، ومنها ما أعلنته إسرائيل منذ أيام سابقة على انفجار بيروت أنه فى حال تعرضها لأى اعتداء من الأراضى اللبنانية، فإنها ستوجه ضرباتها فى لبنان ليس فقط إلى حزب الله ولكن إلى كل لبنان.
وحسب التحقيقات الاولية فان شحنة من نترات الأمونيوم تزن 2750 طنا تمت مصادرتها فى عام 2013 على متن سفينة متجهة من جورجيا إلى موزمبيق وعليها علم دولة مولدوفا، الشئ الغريب أن السلطات اللبنانية انتظرت 7 سنوات على وجود هذه الشحنة فوق أراضيها، وبعد ظهور براءة أطراف الصراع فى لبنان سريعا، فان هناك اسئلة عديدة تدور فى الأذهان الان ومنها، ماذا فعلت لبنان مع الشحنة ؟ وما هى الجهات الدولية أو الإقليمية التى خاطبتها للإفراج عن تلك الشحنة ؟، وهل جرت تحقيقات طوال 7 سنوات؟،ولماذا ظلت السلطات اللبنانية تحافظ على هذه الشحنة الخطيرة، ومن الذى أمر بذلك، ولمصلحة من؟!، وما هى الشركة المالكة لهذه السفينة؟ ومن هم الأشخاص أصحاب الأموال المالكين للشحنة؟.
وطبقا للمعلومات الرسمية والمتاحة، فإن المادة الكيماوية التى سببت أسوأ انفجار تشهده بيروت وصلت على متن سفينة الشحن روسوس المتهالكة والتى كان يستأجرها رجل أعمال روسي، ووفقا لقبطان السفينة لم يكن من المقرر أن تتوقف هناك، لكنها توقفت لتحميل شحنة إضافية من معدات الطرق الثقيلة ونقلها إلى ميناء العقبة الأردنى قبل استئناف الرحلة إلى أفريقيا، حيث كان من المقرر تسليم نترات الأمونيوم لشركة تصنيع متفجرات.
لكن السفينة لم يكتب لها أن تغادر ميناء بيروت أبدا بعد وقعت فى براثن نزاع قانونى طويل بخصوص رسوم الميناء، وأمضى القبطان و3 من أفراد طاقم السفينة 11 شهرا على متنها خلال النزاع القانونى، كما غرقت السفينة روسوس التى كانت تقل الامونيا فى مايو 2018 وكانت راسية فى ميناء بيروت.

مسك الختام
الى شهداء المرفأ الذين لفظوا أنفاسهم ولن يعودوا إلى الوجود، اطمئنوا فلن يتسرب الخوف إلى الأرواح، فيحصد حياة الأبرياء، انتم كتبتم الرسالة بدمائكم ربما يقرأها من عميت قلوبهم، فتحية بعدد حبات المطر المنهمر وبعطر جنة الخالدين وبنور الفجر الندى، تحية لأرواح شهداء بيروت لمن احتضنوا الشهادة فى سبيل الوطن.