وحى القلم

عمارة الشربتلى

صالح الصالحى
صالح الصالحى

كل الاشياء والأحوال تتغير بفعل السنين، حتى ولو تعرضت لعمليات الترميم فأحتياجها لهذه العمليات أكبر دليل على فعل السنين.. قد تكون هذه الاشياء محظوظة بإمكانية اجراء هذه العمليات التى تطيل من عمرها سواء الزمنى أو الجمالى.. لكنه ترميم!! وقد تكون مفتقرة لهذا الحظ فتسقط وتهوى لأن لها عمرا عليه ان ينتهى فى وقت معين وبأشكال مختلفة.. هى النهاية!!
عمارة الشربتلى تعرضت لتصدعات عند حفر أنفاق الخط الثالث للمترو فى هذه المنطقة وخرج منها التاريخ يحكى صفحات قد لاتتشابه حينما نتحدث عن أى عقار آخر يتعرض لمثل هذه الظروف فلانتحدث عن سكانه بأشخاصهم ويقتصر الحديث عنهم فى صورة قصص انسانية تفرض نفسها على هذا الظرف.. لكن يكون الحديث عن الاشخاص ساكنى العقار فى حالة لو كانوا من المشاهير فقط.. وهم ما تزخر بهم عمارة الشربتلى.
العمارة فى حى الزمالك أرقى أحياء القاهرة وحلم كل إنسان أن يعيش فيه وكل القصص السينمائية كانت توصف سكان هذا الحى بأنهم من علية القوم حتى رسوم الخدمات الحكومية فى وقتنا الحاضر تحدد بأعلى الأسعار!!
الحى قديم أثرى عبقرى لكنه جزء من تاريخ ولى وانقضى حتى أنه يخرج علينا شخص متقدم فى السن لعبت الشيخوخة فى ملامحه واشتعل رأسه شيبا ليقدم نفسه لوزير النقل أنه حفيد الفنانة علوية جميل، كما ازدانت جدران العمارة بلوحات ذهبية تؤرخ لممثلين عظماء سكنوا فى هذه العمارة أمثال صلاح وعزالدين ذوالفقار ومحمود المليجى ليعطوا لهذا المبنى قيمة مضافة وفى نفس المشهد يتمسك صاحب العمارة وورثته بلوحة تعلن عن ملكيتهم لهذا الصرح.
لكنه التاريخ وماضى  ظهر جليا فى صورة سيدة لايمكن أن يتعرف أحد على ملامحها حتى أنها اختبأت وراء ملابس أخفت وجهها كى لايتعرف عليها أحد.. أكد الكثير انها الفنانة نجاة الصغيرة التى فُرض عليها الظهور على غير تحضير واستعداد امام الناس الذين لاحقوها بكاميرات الموبايل.
الحكومة تحركت بسرعة وهدأت من الموقف لأنه خطأ فنى غير مقصود أثر على اساسات المبنى ووعدت بتقديم جميع أشكال المساعدة.. ولكنها جغرافية الحاضر التى تُفرض على تاريخ أمس وأول أمس شئنا أم  أبينا لابد من التغيير وان تمسكنا بالتاريخ المتمثل فى استمرار هذا العقار بكل مايحمل من معنى أثرى معمارى سكانى ولكنها الجغرافيا التى تحمل ملامح الحاضر الذى من الممكن ان يتوازن ويتوافق ويتجانس مع الماضى أو يحدث العكس فيفرض واقعا جديدا فى المكان ليعيش تاريخا جديدا يبدأ بعد انطلاق المترو فى هذه المنطقة.
والسؤال الآن هل تصنع الجغرافيا التاريخ أم يشهد التاريخ على تضاريس الجغرافيا؟.. المهم أن الحياة لابد أن تستمر بأشكال وألوان جديدة يعتبر فيها اليوم تاريخا فى الغد شئنا أم أبينا.