حكايات| «عفاريت» ما قبل التاريخ.. احذر مبتلع الظلام وحارس بحيرة اللهب

موضوعية
موضوعية

قدماء المصريين مثلهم كأي شعب، كان لديهم هواجس ومخاوف من المجهول والقوى الخفية، فهم يؤمنون بأن هناك كائنات ما ورائية يمكنها أن تغير مسار الحياة بالإيجاب أو السلب، وكانت سلوكياتهم تتوقف على ذلك.

 

المصري القديم اعتقد أن «العفاريت»، قد تؤثر بل وتتدخل في حياة كل شخص، لصالحه أو لضده، فيعتقد البعض أن تلك الكائنات الخفية يمكن أن يساعد في تخطي مشاكل الحياة المُختلفة، بينما يرى آخرون غير ذلك، إذ يمكن أن يتعمد العفاريت إيذاء الإنسان عن طريق عقابه لذنب قد ارتكبه.

 

الباحثة الآثرية بكلية الآثار جامعة جنوب الوادي، هناء جابر، ، تشير إلى أن العفاريت كانت ذو طبيعة مُختلفة حيث يرى البعض أنها تُمثل مخلوقات خارقة للطبيعة وليست بآلهة أو بشر وأنها تقع وسط هؤلاء وهناك رأى آخر أن تلك الكائنات تتكون من لحم ودم مثلها مثل البشر.

 

وتحدث خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان، في وصف عفاريت بعين المصر القديم قائلا إنهم  يتحدثون بلهجة غير مفهومة، ويندر أن يحمل الجن اسما، بل عُرفوا بصفات من طبائعهم ومهامهم التي يقومون بها مثل «الضخم، مبتلع الظلام، ذو الوجه الساخن، الناري"، بالإضافة إلى سماتهم وأشكالهم «ذو وجه الكلب، وآكل لحم الأضحية، وحارس بحيرة اللهب»، وكانوا يحملون أسلحة مثل الأسهم والخناجر السكاكين.

 

اقرأ للمحررة أيضًا| أغرب قصة تحنيط عند الفراعنة.. جنين خدع علماء الآثار

 

مهام العفاريت

وأكمل «ريحان»،  أن العفاريت لديها مهام تنوعت وفق طبيعتها، فهناك بعض العفاريت تقوم بإلحاق الضرر والعقاب بمرتكبي الأفعال الشريرة في العالم الآخر، حيث يرى البعض أن تواجدها كان لسبب أخلاقي أكثر منه عقابي هذا إلى جانب المهمة الأساسية وهي حراسة البوابات والأماكن المُقدسة فضلا عن حماية البشر على الأرض وكان هناك فئة منهم تُكافئ الخيرين، أمّا النوع الأخر من العفاريت هم الذين ينقضون من العالم الآخر للاعتداء على البشر ومن خلال النصوص يتضح أن العفاريت تتواجد فى أماكن عدة مثل " الصحراء، المجارى المائية، المقابر والظلام.

 

وينوه الدكتور ريحان من خلال الدراسة إلى أن المصري قديم قسّم العفاريت إلى ثلاثة أنواع منهم الشياطين وهم مجموعة يتكلمون لغة غير مفهومة ويتعايشون على الفضلات وهم ذو رائحة كريهة وشكّلوا بهيئات مختلفة كالحمار والتمساح، الثعبان، وفى بعض الأحيان بصورة آدمية ورأس حيوان ورسل الآلهة وهم مجموعة من العفاريت تُستخدم لتنفيذ أوامرهم وهم القوة الغير مرئية للآلهة فب عالم الأحياء وأقدم ذكر لهم فب نصوص الأهرام وكانت مهمتهم تتلخص فى إنجاز الأعمال الضارة ومُعاقبة المذنبين ونشر الأمراض.

 

ويتابع أن النوع الثالث هم أرواح الموتى وينقسموا إلى نوعين، الأكوات الذين لم يتم دفنهم ثم يتحولوا إلى أرواح شريرة تصب غضبها على الأحياء والأموات، الأبرار وهم الموتى الذين قبلوا في مملكة الأموات وأصبحوا أرواح، ولقد ذكرت لنا النصوص العديد من العفاريت مثل عفريت  nsy والـ nsyt  ظهر هذا العفريت منذ عصر الأسرة الثامنة عشر.

 

ويذكر قاموس برلين معنى اسم العفريت بأنه «مرض»  بينما ورد معناه في القاموس الطبي «مرض أو الصراع أو الشيطان المُسبب للمرض»، ويُحدث هذان الزوجان مرض في البطن والعينين، ولقد ورد للقضاء على هذا الزوج من العفاريت العديد من الوصفات الطبية.

 

اقرأ للمحررة أيضًا| الفراعنة «المنقبون».. اكتشفوا البترول في البحر الميت والشلاتين

 

أسماؤهم

وعفريت shAkk  وهو أحد العفاريت المسببة للأمراض للأطفال ولقد صور في أغلب المناظر بهيئة آدمية واقفًا عاريًا يخفى بأحد ذراعيه عينيه لأنه لا يملك نظرة شريرة أو سيئة ولكن قد صوره المصري القديم بهذا الشكل حتى لا يُصاب بالأذى عند النظر الى صورته و عفريت aDn و aDnt ذكر ضمن الفقرة 48 من بردية ايبرس التي تتناول وصفه لعلاج التبول ولكن لم يذكر النص أى شئ يوضح طبيعة هذا الزوج من شياطين الأمراض أو طبيعة المرض الذى يُسببه.

 

وهناك عفريت nnyw وnnywt: ويعنى اسمه «المتعب والمتعبة» وكان مصطلح nnyw يُطلق على المتوفى ذو المصير التعس، ولقد ورد ذكره ضمن نصوص التوابيت وكتاب الموتى أما nnyt فلم يرد ذكرها إلا ضمن نصوص التعاويذ السحرية الشافية من الأمراض ، أما فى الفقرة رقم 215 من بردية هيرست ذكرو على أنهم زوج من الشياطين الضارة التى يجب القضاء عليها،  وهناك شيطان inyt أحد شياطين الأمراض فى مصر القديمة ومن خلال النصوص يتضح أنه يساعد فى شفاء العينين وشيطان srxy أحد الشياطين المُسببة للأمراض ويُعنى اسمه " المتهم أو الشاكى" ويُحتمل أن هذا العفريت قد سمى بالمتهم وذلك لأنه كان يُتهم بعمل الأشيعاء السيئة فى جسم الإنسان  و شيطان axw وشيطان يُسبب احد الأمراض الغامضة ويعنى اسمه "يحترق" او الموقد صغير للنار" وربما أنه يُسبب أمراض الحمى وارتفاع درجات الحرارة و شيطان ال smn أحد العفاريت الاجنبية وهو يشبه العفريت samana الذى ورد ضمن النصوص الطبية الآكدية والسومرية وهو يسبب الحمى وارتفاع درجات الحرارة و شيطان ال tmyt: أحد الشياطين التى تُسبب الأمراض الجلدية وأقدم ظهور له من عصر الدولة الحديثة .

 

ويشير الدكتور ريحان طبقًا للدراسة إلى طريقة القضاء على العفاريت فلقد اوردت لنا النصوص العديد من الطرق مثل استخدام مواد يكرهها العفريت كالعسل والثوم والبيرة والتهديد بالحرق والتهديد بقطع اللسان والتهديد بربط العفريت أى تقيده ومنعه من الحركة ولقد إرتبطت بعملية إبعاد العفريت بعض من المصطلحات مثل Sp تأتى بمعنى "إنصرف"HA بمعنى "إرجع للخلف "، Xty بمعنى "تقهقر".