بعد واقعة ..أحمد بسام زكي

5 قصص لضحايا التحرش.. وخبراء: ليس ظاهرة والقسوة أهم دوافعه

التحرش الجنسي
التحرش الجنسي

بركان ظل يغلي لعقود من الزمن حتى آن الآوان ليعلن عن نفسه ويعبر عن غضبه.. إنه التحرش أحد الجرائم، وأكثرها تكتما رغم تعالي الأصوات المطالبة بالإبلاغ عن أي فعل مسئ، ينتهك جسد وخصوصية حواء.


رصدت «بوابة أخبار اليوم» بعض القصص لفتيات تعرضن للتحرش، فقالت «س. ع» إنها كانت تستخدم إحدى وسائل المواصلات بين المحافظات وفوجئت برجل يجلس إلى جانبها وبينهما ممر الاتوبيس، ورأته يرتكب فعلا فاضحا، فأبعدت وجهها ولكنها تأثرت نفسيا لفترة كبيرة، مشيرة إلى أنها لم تكن مدركة لرد الفعل الذي كان المفترض أن تتخذه لينال هذا الرجل ما يستحق.

وسردت فتاة أخرى تدعى «م. ش» أنها عندما كانت بين الخامسة والسادسة من عمرها وخلال وجودها في الشارع لشراء الحلوى، وقفت بجوارها سيارة ليحدثها السائق ويسألها عن الطريق وفوجئت أنه يكشف عن عورته، فظلت تجري مندهشة بما فعله هذا المتحرش.

وروت «ع. د» موقفا تعرضت له في طفولتها عندما كانت في السادسة من عمرها، حيث ذهبت إلى الجيران لتلعب مع بناتهن واذا بالأب يناديها مدعيا أنه يريد اللعب معها، وظل يقبلها بطريقة جنسية حتى تداركت الأمر وابتعدت عنه مسرعة وكانت تراودها وساوس بأنها أخطأت وعاشت طفولة تعيسة بسبب هذا الموقف.


وكشفت «ب. د» إنها خرجت من المنزل مع شقيقتها عندما كانتا في الثامنة والعاشرة من عمرهن خرجن لشراء طلبات لوالدتهما، واذا برجل يستدرجهما  إلى مكان غير ما في أحد المنازل، محاولا الاعتداء عليهن وباستغاثتهن خرج أحد السكان للبحث عن مصدر الصوت فهرع المتحرش هاربا وتركهما. 

 

ذكرت «ع. ح» أنها كانت في السادسة من عمرها واصطحبت أهلها لحضور حفل زفاف؛ واذا برجل يستدرجها إلى دورة مياه الرجال للاعتداء عليها جنسيا، لولا وجود بعض الأطفال الذين قاموا بإبلاغ أهلها وتم إنقاذها قبل حدوث الكارثة. 


استطلعت «بوابة أخبار اليوم» رأي استشاري العلاقات الأسرية وتنمية المجتمع د.ندى الجميعي، التي قالت إن التحرش هو انتهاك للجسد أو للخصوصية أو للمشاعر؛ ما يجعل الشخص يشعر بعدم الارتياح، والتهديد، وعدم الأمان، والخوف، أو الإساءة، أو الترهيب، أو الانتهاك.


وأوضحت «الجميعي» أن المتحرش من أشرس الكائنات في هيئة بني آدم، ونفسه مريضة ولابد أن تكثف الدولة جهودها لمواجهة هذا النوع من الجرائم الشنيعة. 

وأضافت أن مثل هذه الجرائم تحتاج إلى ثورة اجتماعية لتعديل سلوك المتطرفين اخلاقيا لمواجهة ظاهرة التحرش، مع مساندة من الدولة بتغليظ عقوبات التحرش وجعل مرتكب هذه الأفعال عبرة للآخرين، وإصدار بيانات من المؤسسات الدينية لتوعية الشباب. 


ونصحت د.ندى الجميعي، بإدخال مواد السلوك في التعليم لمواجهة هذه الظاهرة، وعدم تهميش الدين في المدارس والجامعات مع تضمين جداول الفصول لحصة يقوم بتدريسها المدربون المتخصصون في تعديل السلوك والتنمية البشرية، وتفعيل دور الأخصائي النفسي والاجتماعي بالمدارس حتى يمكن تقويم سلوك الطلبة.

 

ومن جانب قال مدرس علم النفس التربوي بكلية الدراسات العليا للتربية جامعة القاهرة د.عاصم عبد المجيد حجازي، إن التحرش قضية تهدد الأمن المجتمعي في أهم جوانبه وهو الجانب الأخلاقي وتعتبر من أخطر القضايا التي يواجهها المجتمع ولكن ينبغي الإشارة إلى أن التحرش لم يتحول إلى ظاهرة في المجتمع المصري بعد ولكنها لازالت إلى الآن حالات فردية، ويمكن القضاء عليها من خلال وضع خطة للعلاج تتبناها المؤسسات التربوية والإعلامية والتثقيفية والدينية على أوسع نطاق.

وأوضح أن هذه المشكلة تعبر عن وجود خلل في شخصية الفرد وتشير إلى حالة من عدم السواء النفسي والتي قد تعود بدورها إلى العديد من الأسباب والتي على رأسها قلة الوازع الديني وانعدام التربية الدينية، فالالتزام الديني لم يعد من أولويات بعض الأسر وأصبح الحديث عن الأمور والتعاليم الدينية قليلا جدا في كثير من البيوت ولهذا تداعياته الخطيرة على سلوك الأبناء حيث إن التوجيه الديني الصحيح يساعد على نمو الضمير والرقابة الداخلية من الفرد على سلوكه، وانعدام هذا التوجيه يسهم بشكل كبير في ضعف هذا الوازع الداخلي وانعدامه، فضلا عن كونه يتيح الفرصة لجماعات الضلال في الاستيلاء على عقول الشباب باسم الدين.

وأضاف د. عاصم حجازي أن التنشئة الاجتماعية الخاطئة، وتدليل الأبناء تدليلا زائد عن الحد ويلبون كل ما يرغب فيه أبناؤهم من طلبات حتى ولو كانت ثانوية ومبالغ فيها ولا يتم تدريب الطفل على تأخير الإشباع أو تأخير الحصول على ما يريد وإنما يتم توفيره مباشرة بمجرد طلبه، وحينما يبلغ النشاط الجنسي ذروته لدى الإبن يحاول بشتى الطرق أن يحصل على ما يريد بدون مراعاة أية اعتبارات اجتماعية أو ثقافية أو دينية. 

وتابع د. عاصم حجازي أنه يرتبط أيضا بجانب التنشئة الاجتماعية جانب آخر يشير إلى انعدام الدور الإشرافي والتوجيه التربوي للأسرة , حيث أصبح اكتساب سلوكيات معينة أو الانخراط في نشاطات معينة مهمة موكولة بالكامل إلى الشاب بدون أي رقابة أو توجيه من الأسرة، كما أن من الأسباب الهامة اضطراب الفرد نفسيا أو وقوعه في فخ الإدمان و إذا كانت الأسباب تعود لاضطراب نفسي أو إدمان فإنها تحتاج إلى التدخل العلاجي وليس مجرد التوعية والتوجيه، كما قد يكون السبب عائدا إلى النمذجة الخاطئة والتي يتعرض لها المراهقون من خلال بعض المواقع وقنوات اليوتيوب وبعض الأعمال الفنية التي تعمد إلى جعل بعض النماذج من هذا السلوك مقبولة  مجتمعيا .

وأوضح أن تعرض الطفل في سنوات عمره الأولى للقسوة أو التهديد أو الضغوط النفسية أو عدم الاهتمام قد يجعله يتحول في سن المراهقة إلى ممارسة هذا السلوك، مضيفا أنه من ضمن الأسباب أيضا أصدقاء السوء حيث يمكن لجماعة الأصدقاء التي ينضم إليها المراهق أن تفرض عليها نمطا معينا من السلوك يجب أن يفعله حتى يضمن الحصول على دعم الجماعة والحصول على مكانة مميزة فيها.

وأشار إلى أن من الأسباب المهمة أيضا وجود وقت فراغ لدى الشاب في الوقت الذي لا يلقى فيه تشجيع أو دعم من الوالدين لاستغلال هذا الوقت في عمل مفيد.

وفي النهاية، قال د. عاصم حجازي أنه لابد من وجود عمل منظم يشترك فيه رجال الدين والثقافة والإعلام وعلم النفس لوضع برنامج يهدف إلى الوقاية من الوقوع في هذه المشكلة والحد من انتشارها وتقديم العلاج وإعادة التأهيل للمتحرشين بالإضافة إلى علاج الآثار النفسية السلبية التي تعاني منها الفتيات اللاتي تعرضن للتحرش الجنسي.

ويذكر أن موقع التواصل الاجتماعي (انستجرام) قد استهل في الفترة الأخيرة بعد قيام مجموعة من الفتيات بإنشاء جروب على موقع (انستجرام) لتجميع أدلة اتهام ضد شاب متحرش، بعدما سرد الشاب شهادات الفتيات على وقائع اغتصاب عديدة قام بها، ووقائع تحرش جنسي بالفتيات، فضلاً عن رسائل نصية وصوتية خادشة للحياء، قام الشاب بإرسالها إلى العديد من الفتيات، وقد حقق الجروب متابعة عدداً كبيراً من الفتيات منذ إنشائه حتى وصل إلى الآلاف من المتابعين.