من باب العتب

الشيطان الأبيض..!

د. محمود عطية
د. محمود عطية

لم يخلص النوايا أبدًا.. ولم يتعظ الرجل الأبيض مما ألم بالعالم من وباء يحصد رءوس البشر بلا رحمة ولا هوادة.. ولم يحاول إرساء دعائم السلام فى العالم.. سلام إنسانى يسع الجميع..الوباء يقتله ولا ينسى أطماعه القديمة ومخططه سابق التجهيز لإدخال منطقة الشرق الأوسط فى صراعات طائفية وعرقية..ويطلق بيانات وتحذيرات مما يحدث فى المنطقة لكنها بيانات للاستهلاك العالمى.
ويزكى علنا وبطرف خفى أحلام وأطماع أجندات ثلاث بالمنطقة -إسرائيل وتركيا وإيران- وكل منها تحمل مشروعها الجهنمى وأجندتها الخاصة لترسمها على جسد المنطقة العربية صاحبة البنية الهشة التى تزرح تحت نير المذهبيات الدينية والنعرات القومية مضحية بتراب الوطن فى سبيل خزعبلات تنمو وتنتشر وتخلق من آن لآخر جماعات الجهل المسلح المضحية من أجل نساء الجنة.
وبكل ما أوتى من شر مخفى يوسوس الشيطان الأبيض فى آذان الأطماع الثلاثة لتزكية النعرات الطائفية والميول المذهبية والدينية والعرقية لإشاعة الفوضى بالمنطقة لتبقى كأكبر مستهلك لمصانع سلاحه وتجارة الدم بشتى الأشكال والأنواع.. ومع أسف منطقتنا قليلة الحظ فقد تخلت عن العقل طواعية وباتت معدة وجاهزة كتربة خصبة لزراعة الخزعبلات ونشأة الجماعات الجهادية شديدة الجهل والانحطاط ومصانع الشيطان الأبيض للسلاح لابد لها أن تعمل وتجنى الأرباح الخيالية من قتل البشر ووأد أحلامهم.
من هنا لابد من إبقاء منطقة الشرق الأوسط سوقا مفتوحا لدول المركز فى الشمال..سوق يجب ألا تتوقف عن بيع وشراء السلاح وقتل الأوطان..ويوسوس الشيطان الأبيض لإحياء أحلام الإمبراطوريات البائدة المستغلة للدين تحت ستار الخلافة تارة والعودة لعهود السلف الصالح تارة أخرى..ويجد ضالته فى العثمانلى القديم أردوغان ويسمح له بالعبث فى سوريا ويزرعه فى ليبيا.
ويلقى الاردوغانى فى ليبيا رجالا بلا أفق سياسى أو تاريخى يمهدون لجعل ليبيا ولاية عثمانية.. وبلا إحساس بالخطر الداهم يصرحون بأن دفاع مصر عن تعرض حدودها للخطر القادم من ليبيا تدخل فى شئونهم الداخلية.. وليس مرتزقة اردوغان الانكشارية الذى يدفع بهم داخل ليبيا ليعيد عجلة التاريخ للوراء لتحقيق أحلامه فى الغاز والنفط وإحياء أزمنة التخلف العثمانية!
والراعى الرسمى الشيطان الأبيض صاحب الحضارة الغربية بعشقه الثلاثى فى المنطقة..عشقه للبترول ولنشر الديمقراطية ورعايته للسلام بيننا.. ويظل أهم ما يميزه هو خوفه على الديمقراطيات الوليدة بالوطن العربي، وتاريخه القريب شاهد على محاولات فرضه للديمقراطية بالمنطقة.. فمازلنا نذكر بوش الابن حين دمع أمام الكتاب المقدس وأقسم بأغلظ الأيمانات بأن دافعه الأساسى لغزو العراق سنة 2003 كان توطيدا للديمقراطية وتوطينها بالعراق، لكن فلتت منه وغرق العراق فى الفوضى.. وخلص بوش ضميره قائلا بكل بجاحة: إن حكاية البحث عن النووى فى العراق كانت ذريعة لغزوه ونشر الديمقراطية.. وبعدها أنعش المذهبيات الدينية النائمة بين الشعب العراقى الذى مازال يعانى من جراح نشر ديمقراطية ومن بعدها سوريا..وتظل تعانى المنطقة من وسوسة الشيطان الأبيض لإنعاش أحلام وأطماع الأجندات الثلاث بالمنطقة!